( وقد ) للتحقيق هنا ( أكثر أصحابنا ) الذين نظمنا وإياهم سلك اتباع رضي الله عنه تشبيها بالمجتمعين في العشرة بجامع الموافقة وشدة الارتباط وهو جمع صحب الذي هو اسم جمع لصاحب لأن أفعالا لا يكون جمعا لفاعل ( رحمهم الله ) تعالى أبلغ من اللهم ارحمهم لإشعاره [ ص: 33 ] بتحقق الوقوع تفاؤلا وفيه اقتداء بمن أثنى الله عليهم بقوله عز قائلا { الشافعي والذين جاءوا من بعدهم } الآية فإن قلت لم لم يعبر بما في الآية قلت إشارة إلى حصول المقصود بكل دعاء أخروي على أن في إيثار لفظ الرحمة تأسيا بقوله صلى الله عليه وسلم { موسى } ( من ) الظاهر أنها زائدة لصحة المعنى بدونها وقيل من بمعنى في كإذا نودي للصلاة من يوم الجمعة وفيه تعسف والفرق ظاهر وقيل للمجاوزة كما في زيد أفضل من عمرو أي جاوزه في الفضل كما أنهم هنا جاوزوا الإكثار في ( التصنيف ) وهو جعل الشيء أصنافا متميزة وأخص منه التأليف لاستدعائه زيادة هي إيقاع الألفة بين الأنواع المتميزة وكتب الأصحاب من ذلك فالتصنيف هنا بمعنى التأليف وهو في العلوم الواجبة لا المندوبة كالعروض خلافا لمن عده من جملة فروض الكفاية من البدع الواجبة التي حدثت بعد عصر الصحابة واختلفوا في أول من اخترعه فقيل رحم الله أخي عبد الملك بن جريج شيخ شيخ وقيل غيره الشافعي مستحبة وقيل واجبة وهو وجيه في الأزمنة المتأخرة وإلا لضاع العلم وإذا وجبت كتابة الوثائق لحفظ الحقوق فالعلم أولى ( من ) قيل بيانية وفيه إن لم يجعل المصدر بمعنى اسم مفعول نظر لأن التصنيف غير المبسوط والمختصر فالوجه أنه بدل اشتمال بإعادة الجار ، والأصل وقد أكثر أصحابنا المصنفات ( المبسوطات ) هي ما كثر لفظها ومعناها [ ص: 34 ] ( والمختصرات ) هي ما قل لفظها وكثر معناها قيل والإيجاز لكونه حذف طول الكلام وهو الإطناب غير الاختصار ؛ لأنه حذف تكريره مع اتحاد المعنى ويشهد له { وكتابة العلم فذو دعاء عريض } وفيه تحكم واستدلال بما لا يدل إذ ليس في الآية حذف ذلك العرض فضلا عن تسميته فالحق ترادفهما كما في الصحاح