وبعض الأكثر لا يعظم عليهم حفظه لكونهم من أهل العنايات فالمفاد من مفهوم الأكثر غير المفاد بالاستثناء فتأمله ( فرأيت ) من الرأي في الأمور المهمة أي فبسبب عجز الأكثر عن حفظه أردت بعد التروي واتضاح طريق الإقدام ( اختصاره ) مستوعبا لمقاصده بحسب الإمكان أو غالبا فلا يرد ما حذفه منه سهوا أو لأخذه من نظيره ( في نحو نصف ) بتثليث أوله ( حجمه ) أي قربه بزيادة أو نقص فلا ينافي زيادته على النصف ؛ لأنه مع ما زاده عليه لم يبلغ ثلاثة أرباعه ( ليسهل ) علة لما مهده من تقليله لفظ المحرر إلى أن صار في ذلك الحجم ( حفظه ) أي المختصر لمن يرغب في حفظ مختصر ( مع ما ) حال من المجرور أي مصحوبا بما ( أضمه إليه إن شاء الله تعالى ) للتبرك راجع لما بعد رأيت امتثالا لقوله تعالى { ولا تقولن لشيء } الآية .
والإسناد لفعل الغير كهو لفعل النفس ( من ) بيان لما ( النفائس المستجادات ) أي المعدات جيادا لبلوغها أقصى الحسن ( منها ) أي تلك النفائس ( التنبيه ) من النبه بضم فسكون وهي الفطنة ( على قيود ) جمع قيد وهو اصطلاحا ما جيء به لجمع أو منع أو بيان واقع أذكرها ( في بعض المسائل ) أي قليل منها كما أشعر به ذكر بعض قيل وهي عشر [ ص: 43 ] وسيأتي تعريف المسألة ( هي من الأصل ) أي المحرر ( محذوفات ) سهوا أو اتكالا على المطولات أو اختصارا مع كونها مرادة قيل وفي إيثار الحذف على الترك ما يرجح الأخير وفيه ما فيه ( ومنها مواضع يسيرة ) نحو الخمسين ( ذكرها ) أي أثبتها ( في المحرر ) لم يعبر عنه بالأصل هنا تفننا ، ولئلا يثقل لقربه ( على خلاف المختار ) أي الراجح ( في المذهب ) أذكره فيها كما دل عليه قوله ( كما ستراها ) نفسه لتأخر الرؤية قليلا عن هذا المحل ( إن شاء الله تعالى ) احتاج إليه مع إسناده فعل الرؤية لغيره لما مر أنه كفعله إذ لا يدري هل يراها أو لا أو لتضمنه فعلا لنفسه هو إتيانه بها كذلك ، وكما نعت لذكر المحذوف أو حال والتقدير أذكر الراجح فيها ذكرا واضحا مثل الوضوح الذي ستراها عليه وتخالف الشيء الواحد باعتبارين سائغ كما في
أنا أبو النجم وشعري شعري
.( تنبيه ) زعم في الكشاف أن هذه السين تفيد القطع بوقوع مدخولها كما في { فسيكفيكهم الله } { أولئك سيرحمهم الله } سأنتقم منك ويرد بأن القطع هنا لقرينة المقام لا من موضوع السين على أنه وطأ به لمذهبه الفاسد من تحتم الجزاء فتوجيه بعض المحققين له غفلة عن هذه الدسيسة الاعتزالية ( واضحات ) مفعول ثان لترى العلمية وكونه وفى بالتزامه النص على ما صححه المعظم لا ينافي ترجيح خلافه لما مر أنهم قد يرجحون ما عليه الأقل ( ومنها إبدال ما ) هي من صيغ العموم .
ومع ذلك لا يعترض بقوله ده يازده خلافا لمن زعمه ؛ لأن وقوعها في ألسنة السلف ثم الخلف كما يأتي أخرجها عن الغرابة ( كان من ألفاظه غريبا ) لا يؤلف كالباغ ( أو موهما ) أي موقعا في الوهم [ ص: 44 ] أي الذهن ( خلاف الصواب ) بأن كان معناه المتبادر منه غير مراد أو استوى معنياه فلا يدري المراد ، وإن كان ذلك اللفظ مما يؤلف فلا يتحد هذا مع الغريب ؛ لأن ذاك فيه عدم إلف ولو بلا إيهام وهذا فيه إيهام ولو مع إلف فبينهما عموم وخصوص من وجه وما هما كذلك لا يغني أحدهما عن الآخر وبفرض إغناء الخفي عنهما كأن يقول إبداله الخفي بالأوضح والأخصر لا يكفي في التنصيص على أن المحرر ارتكب هذين الأمرين الحقيقين بالترك والطرح ( بأوضح ) منه لإلف الناس له وسلامته من الإيهام ( و ) مع ذلك يكون بلفظ ( أخصر منه بعبارات ) بدل مما قبله بإعادة الجار جمع عبارة وعبرة بفتح أوله وهي ما يعبر به عما في الضمير أي يعرب به عنه ( جليات ) في أداء المراد لخلوها عن الغرابة والإيهام واشتمالها على حسن السبك ورصانة المعنى أي غالبا أو بحسب ظنه فلا ينافي الاعتراض عليه في بعضها ، وإدخال الباء في حيز الإبدال على المأخوذ وفي حيز بدل ، والتبدل والاستبدال على المتروك هو الفصيح وخفي هذا التفصيل على من اعترض المتن بآية { وبدلناهم بجنتيهم جنتين } { ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضل } وقد تدخل في حيز بدل ونحوه على المأخوذ كما في قوله
وبدل طالعي نحسي بسعدي
على أن الشيء قد يتعاور عليه الأخذ والترك باعتبارين فيتعاور عليه أبدل ومقابله رعاية لهما