وبدءوا بالماء ؛ لأنه الأصل في آلتها وافتتح هذا الكتاب بآية لتعود بركتها على جميع الكتاب لا لكونها دليله ؛ لأن من شأنه التأخر عن المدلول على أنه إذا كان قاعدة كلية ينطبق عليها أكثر المسائل كما هنا قدم ولم يراع ذلك في غيره وإن راعاه أصله من مقدمات الطهارة رضي الله عنه اختصارا ( قال الله تعالى { كالشافعي وأنزلنا } ) أي إنزالا مستمرا باهرا للعقول ناشئا عن عظمتنا ( { من السماء } ) أي الجرم المعهود إن أريد الابتداء أو السحاب إن أريد الانتهاء ( { ماء } ) فيه عموم من حيث إنه للامتنان وبهذا استفيد منه أنه طاهر إذ لا امتنان بالنجس فمن ثم كان ( طهورا ) معناه مطهرا لغيره وإلا لزم التأكيد والتأسيس خير منه [ ص: 65 ] ويدل لذلك أيضا ليطهركم به ، وأنه الأصل في فعول وإن جاء مصدرا وللمبالغة بأن يدل على زيادة في معنى فاعل مع مساواته له تعديا كضروب أو لزوما كصبور وللآلة كسحور لما يتسحر به ، وبهذا الاشتراك مع كون الأصل ما ذكر اندفع الاستدلال لطهورية المستعمل نظرا إلى إفادة المبالغة على أن فيما قلناه تكرارا أيضا لرفعه أحداث أجزاء العضو الواحد بجريه عليه أما المضموم فيختص بالمصدر ، وقيل يأتي بمعنى المطهر لغيره أيضا واختصاص الطهارة بالماء الذي أشارت إليه الآية ولا يرد شرابا طهورا ؛ لأنه قد وصف بأعلى صفات الدنيا تعبدي أو لما فيه من الرقة واللطافة التي لا توجد في غيره ومن ثم قيل لا لون له وبهذا الاختصاص يتضح منعهم القياس عليه لا لمفهومه ؛ لأنه لقب .