nindex.php?page=treesubj&link=31756ما يتعلق بخلق السماوات وما فيهن من الآيات
قد قدمنا أن خلق الأرض قبل خلق السماء كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=29هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شيء عليم [ البقرة : 29 ] . وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=9قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين فقضاهن سبع سماوات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم [ فصلت : 9 - 12 ] . وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=27أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها رفع سمكها فسواها وأغطش ليلها وأخرج ضحاها والأرض بعد ذلك دحاها [ النازعات : 27 - 30 ] . وقد أجبنا عن قوله " والأرض بعد ذلك دحاها " بأن الدحي غير الخلق ، وهو بعد خلق السماء . وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=1تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور الذي خلق سبع سماوات طباقا ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين وأعتدنا لهم عذاب السعير [ الملك : 1 - 5 ] . وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=78&ayano=12وبنينا فوقكم سبعا شدادا وجعلنا سراجا وهاجا [ النبأ : 12 - 13 ] . وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=15ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا [ نوح : 15 - 16 ] . وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=12الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما [ الطلاق : 12 ] . وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=61تبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا [ الفرقان : 61 - 62 ] . وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=6إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب وحفظا من كل شيطان مارد لا يسمعون إلى الملإ الأعلى ويقذفون من كل جانب دحورا ولهم عذاب واصب إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب [ الصافات : 6 - 10 ] . وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=16ولقد جعلنا في السماء بروجا وزيناها للناظرين وحفظناها من كل شيطان رجيم إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين [ الحجر : 16 - 18 ] . وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=47والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون [ الذاريات : 47 ] . وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=32وجعلنا السماء سقفا محفوظا وهم عن آياتها معرضون وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون [ الأنبياء : 32 - 33 ] . وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=37وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون [ يس : 37 - 40 ] . وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=96فالق الإصباح وجعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا ذلك تقدير العزيز العليم وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون [ الأنعام : 96 - 97 ] . وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=54إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين [ الأعراف : 54 ] . والآيات في هذا كثيرة جدا .
والمقصود أنه تعالى يخبر عن خلق السماوات وعظمة اتساعها وارتفاعها وأنها في غاية الحسن والبهاء والكمال والسناء كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=7والسماء ذات الحبك [ الذاريات : 7 ] . أي الخلق الحسن . وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=3فارجع البصر هل ترى من فطور ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير [ الملك : 3 - 4 ] . أي خاسئا عن أن يرى فيها نقصا أو خللا . وهو حسير أي كليل ضعيف ، ولو نظر حتى يعي ويكل ويضعف لما اطلع على نقص فيها ولا عيب ; لأنه تعالى قد أحكم خلقها ، وزين بالكواكب أفقها كما قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=1والسماء ذات البروج [ البروج : 1 ] . أي النجوم . وقيل : محال الحرس التي يرمى منها بالشهب لمسترق السمع ، ولا منافاة بين القولين . وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=16ولقد جعلنا في السماء بروجا وزيناها للناظرين وحفظناها من كل شيطان رجيم [ الحجر : 16 - 17 ] . فذكر أنه زين منظرها بالكواكب الثوابت والسيارات ; الشمس ، والقمر ، والنجوم الزاهرات ، وأنه صان حوزتها عن حلول الشياطين بها ، وهذا زينة معنى فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=17وحفظناها من كل شيطان رجيم . كما قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=6إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب وحفظا من كل شيطان مارد لا يسمعون إلى الملإ الأعلى [ الصافات : 6 - 8 ] .
قال البخاري في كتاب بدء الخلق : وقال قتادة :
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=5ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح [ الملك : 5 ] .
nindex.php?page=treesubj&link=31762خلق هذه النجوم لثلاث ; جعلها زينة للسماء ، ورجوما للشياطين ، وعلامات يهتدى بها . فمن تأول فيها بغير ذلك أخطأ وأضاع نصيبه ، وتكلف ما لا علم له به . وهذا الذي قاله قتادة مصرح به في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=5ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين [ الملك : 5 ] . وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=97وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر [ الأنعام : 97 ] . فمن تكلف غير هذه الثلاث أي من علم أحكام ما تدل عليه حركاتها ، ومقارناتها في سيرها ، وأن ذلك يدل على حوادث أرضية فقد أخطأ . وذلك أن أكثر كلامهم في هذا الباب ليس فيه إلا حدس وظنون كاذبة ودعاوى باطلة . وذكر تعالى أنه خلق سبع سماوات طباقا أي ; واحدة فوق واحدة .
السماوات هل هن متراكمات أو متفاضلات بينهن خلاء واختلف أصحاب الهيئة هل هن متراكمات ؟ أو متفاصلات بينهن خلاء ؟ على قولين . والصحيح الثاني ; لما قدمنا من حديث عبد الله بن عميرة ، عن الأحنف ، عن العباس في حديث الأوعال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3509494أتدرون كم بين السماء والأرض قلنا : الله ورسوله أعلم قال : بينهما مسيرة خمسمائة عام ، ومن كل سماء إلى سماء خمسمائة سنة ، وكثف كل سماء خمسمائة سنة . الحديث بتمامه رواه أحمد ، وأبو داود ، وابن ماجه ، والترمذي وحسنه ، وفي الصحيحين من حديث أنس في حديث الإسراء قال فيه :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3509495ووجد في السماء الدنيا آدم فقال له جبريل : هذا أبوك آدم . فسلم عليه ، فرد عليه السلام ، وقال مرحبا وأهلا بابني نعم الابن أنت . إلى أن قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3509496ثم عرج بي إلى السماء الثانية . وكذا ذكر في الثالثة ، والرابعة ، والخامسة ، والسادسة ، والسابعة . فدل على التفاصل بينها لقوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3509497ثم عرج بنا حتى أتينا السماء الثانية فاستفتح فقيل من هذا ؟ . إلى آخر الحديث ، وهذا يدل على ما قلناه ، والله أعلم .
السماوات كرية مستديرة وقد حكى ابن حزم ، وابن المنادي ، وأبو الفرج ابن الجوزي ، وغير واحد من العلماء الإجماع على أن
nindex.php?page=treesubj&link=31756السماوات كرية مستديرة ، واستدل على ذلك بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=33كل في فلك يسبحون [ يس : 40 ] . قال الحسن : يدورون ، وقال ابن عباس في فلكة مثل فلكة المغزل قالوا : ويدل على ذلك أن الشمس تغرب كل ليلة من المغرب ، ثم تطلع في آخرها من المشرق كما قال أمية بن أبي الصلت :
والشمس تطلع كل آخر ليلة حمراء يصبح لونها يتورد ليست بطالعة لهم في رسلها
إلا معذبة وإلا تجلد
فأما الحديث الذي رواه البخاري بسنده عن أبي ذر قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3509498قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي ذر حين غربت الشمس : تدري أين تذهب قلت : الله ورسوله أعلم قال : فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش فتستأذن فيؤذن لها ، ويوشك أن تسجد فلا يقبل منها ، وتستأذن فلا يؤذن لها يقال لها ارجعي من حيث جئت فتطلع من مغربها فذلك قوله تعالى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=38والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم ) .
هذا لفظه في بدء الخلق . وقال الترمذي : حسن صحيح .
إذا علم هذا ، فإنه حديث لا يعارض ما ذكرناه من
nindex.php?page=treesubj&link=31756استدارة الأفلاك التي هي السماوات على أشهر القولين ، ولا يدل على كرية العرش كما زعمه زاعمون قد أبطلنا قولهم فيما سلف . ولا يدل على أنها تصعد إلى فوق السماوات من جهتنا حتى تسجد تحت العرش بل هي تغرب عن أعيننا ، وهي مستمرة في فلكها الذي هي فيه ، وهو الرابع فيما قاله غير واحد من علماء التسيير ، وليس في الشرع ما ينفيه ، بل في الحس وهو الكسوفات ما يدل عليه ويقتضيه فإذا ذهبت فيه حتى تتوسطه وهو وقت نصف الليل مثلا في اعتدال الزمان ، بحيث يكون بين القطبين الجنوبي والشمالي فإنها تكون أبعد ما يكون من العرش ; لأنه مقبب من جهة وجه العالم ، وهذا محل سجودها كما يناسبها ، كما أنها أقرب ما تكون من العرش وقت الزوال من جهتنا ، فإذا كانت في محل سجودها استأذنت الرب جل جلاله في طلوعها من الشرق ، فيؤذن لها ، فتبدو من جهة الشرق ، وهي مع ذلك كارهة لعصاة بني آدم أن تطلع عليهم ، ولهذا قال أمية :
ليست بطالعة لهم في رسلها إلا معذبة وإلا تجلد
فإذا كان الوقت الذي يريد الله طلوعها فيه من جهة مغربها تسجد على عادتها ، وتستأذن في الطلوع من عادتها فلا يؤذن لها ، فجاء أنها تسجد أيضا ، ثم تستأذن فلا يؤذن لها ، ثم تسجد فلا يؤذن لها ، وتطول تلك الليلة ، فتقول : يا رب إن الفجر قد اقترب ، وإن المدى بعيد . فيقال لها ارجعي من حيث جئت فتطلع من مغربها فإذا رآها الناس آمنوا جميعا ، وذلك حين لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا . وفسروا بذلك قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=38والشمس تجري لمستقر لها [ يس : 38 ] . قيل : لوقتها الذي تؤمر فيه أن تطلع من مغربها وقيل : مستقرها موضعها الذي تسجد فيه تحت العرش . وقيل : منتهى سيرها وهو آخر الدنيا ، وعن ابن عباس أنه قرأ : والشمس تجري لا مستقر لها أي ليست تستقر فعلى هذا تسجد ، وهي سائرة ، ولهذا قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=40لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون [ يس : 40 ] . أي لا تدرك الشمس القمر فتطلع في سلطانه ودولته ، ولا هو أيضا
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=40ولا الليل سابق النهار . أي : ليس سابقه بمسافة يتأخر ذاك عنه فيها بل إذا ذهب النهار جاء الليل في إثره متعقبا له كما قال في الآية الأخرى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=54يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين [ الأعراف : 54 ] . وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=62وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا [ الفرقان : 62 ] . أي : يخلف هذا لهذا وهذا لهذا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3509499إذا أقبل الليل من هاهنا ، وأدبر النهار من هاهنا ، وغربت الشمس فقد أفطر الصائم . فالزمان المحقق ينقسم إلى ليل ونهار ، وليس بينهما غيرهما ; ولهذا قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=13يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى [ فاطر : 13 ] . أي : يولج من هذا في هذا أي : يأخذ من طول هذا في قصر هذا فيعتدلان كما في أول فصل الربيع ; يكون الليل قبل ذلك طويلا والنهار قصيرا ، فلا يزال الليل ينقص والنهار يتزايد حتى يعتدلا وهو أول الربيع ، ثم يشرع النهار يطول ويتزايد ، والليل يتناقص إلى آخر فصل الربيع ، ثم يتراجع الأمر وينعكس الحال فيشرع النهار يتناقص والليل في ازدياد حتى يعتدلا أيضا في أول فصل الخريف ، ثم يشرع الليل يطول ويقصر النهار إلى آخر فصل الخريف ، ثم يترجح النهار قليلا قليلا ، ويتناقص الليل شيئا فشيئا حتى يعتدلا في أول فصل الربيع كما قدمنا . وهكذا في كل عام ، ولهذا قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=80وله اختلاف الليل والنهار [ المؤمنون : 80 ] . أي هو المتصرف في ذلك كله الحاكم الذي لا يخالف ولا يمانع ; ولهذا يقول في ثلاث آيات عند ذكر السماوات ، والنجوم ، والليل ، والنهار :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=96ذلك تقدير العزيز العليم [ الأنعام : 80 ، يس : 38 ، فصلت : 12 ] . أي العزيز الذي قد قهر كل شيء ، ودان له كل شيء فلا يمانع ، ولا يغالب ، العليم بكل شيء ، فقدر كل شيء تقديرا على نظام لا يختلف ولا يضطرب .
وقد ثبت في الصحيحين من حديث سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3509500قال الله : يؤذيني ابن آدم يسب الدهر ، وأنا الدهر ، بيدي الأمر أقلب الليل والنهار . وفي رواية
nindex.php?page=hadith&LINKID=3509501فأنا الدهر أقلب ليله ونهاره .
قال العلماء ; كالشافعي ، وأبي عبيد القاسم بن سلام ، وغيرهما : يسب الدهر أي يقول فعل بنا الدهر كذا يا خيبة الدهر أيتم الأولاد أرمل النساء . قال الله تعالى :
وأنا الدهر . أي أنا الدهر الذي يعنيه فإنه فاعل ذلك الذي أسنده إلى الدهر ، والدهر مخلوق ، وإنما فعل هذا هو الله الخالق فهو يسب فاعل ذلك ، ويعتقده الدهر ، والله هو الفاعل لذلك الخالق لكل شيء ، المتصرف في كل شيء كما قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3509502وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب ليله ونهاره . وكما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=26قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب [ آل عمران : 26 - 27 ] . وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=5هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك إلا بالحق يفصل الآيات لقوم يعلمون إن في اختلاف الليل والنهار وما خلق الله في السماوات والأرض لآيات لقوم يتقون [ يونس : 5 - 6 ] . أي فاوت بين الشمس والقمر في نورهما ، وفي شكلهما ، وفي وقتهما ، وفي سيرهما فجعل هذا ضياء وهو شعاع الشمس برهان ساطع وضوء باهر ، والقمر نورا ، أي أضعف من برهان الشمس ، وجعله مستفادا من ضوئها ، وقدره منازل . أي يطلع أول ليلة من الشهر صغيرا ضئيلا قليل النور لقربه من الشمس ، وقلة مقابلته لها فبقدر مقابلته لها يكون نوره ; ولهذا في الليلة الثانية يكون أبعد منها بضعف ما كان في الليلة الأولى فيكون نوره بضعف النور أول ليلة ، ثم كلما بعد ازداد نوره حتى يتكامل إبداره ليلة مقابلته إياها من المشرق ، وذلك ليلة أربع عشرة من الشهر ، ثم يشرع في النقص لاقترابه إليها من الجهة الأخرى إلى آخر الشهر ، فيستتر حتى يعود كما بدأ في أول الشهر الثاني فبه تعرف الشهور ، وبالشمس تعرف الليالي والأيام ، وبذلك تعرف السنون والأعوام ; ولهذا قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=5هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب [ يونس : 5 ] . وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=12وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب وكل شيء فصلناه تفصيلا [ الإسراء : 12 ] . الكلام عن الكواكب وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=189يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج [ البقرة : 189 ] . .
فالكواكب التي في السماء منها سيارات ; وهي المتحيرة في اصطلاح علماء التسيير ، وهو علم غالبه صحيح بخلاف علم الأحكام فإن غالبه باطل ، ودعوى ما لا دليل عليه ، وهي سبعة ; القمر في سماء الدنيا ، وعطارد في الثانية ، والزهرة في الثالثة ، والشمس في الرابعة ، والمريخ في الخامسة ، والمشترى في السادسة ، وزحل في السابعة . وبقية الكواكب يسمونها الثوابت ، وهي عندهم في الفلك الثامن ، وهو الكرسي في اصطلاح كثير من المتأخرين .
وقال آخرون : بل الكواكب كلها في السماء الدنيا ، ولا مانع من كون بعضها فوق بعض . وقد يستدل على هذا بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=5ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين [ الملك : 5 ] . وبقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=12فقضاهن سبع سماوات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم [ فصلت : 12 ] . فخص سماء الدنيا من بينهن بزينة الكواكب فإن دل هذا على كونها مرصعة فيها فذاك وإلا فلا مانع مما قاله الآخرون ، والله أعلم .
وعندهم أن الأفلاك السبعة بل الثمانية تدور بما فيها من الكواكب الثوابت والسيارات في اليوم والليلة دورة كلية من الشرق إلى الغرب ، وعندهم أن كل واحد من الكواكب السيارات يدور على خلاف فلكه من المغرب إلى المشرق ; فالقمر يقطع فلكه في شهر ، والشمس تقطع فلكها وهو الرابع في سنة فإذا كان السيران ليس بينهما تفاوت ، وحركاتهما متقاربة كان قدر السماء الرابعة بقدر السماء الدنيا ثنتي عشرة مرة ، وزحل يقطع فلكه وهو السابع في ثلاثين سنة ، فعلى هذا يكون بقدر السماء الدنيا ثلثمائة وستين مرة .
وقد تكلموا على مقادير أجرام هذه الكواكب وسيرها وحركاتها ، وتوسعوا في هذه الأشياء حتى تعدوا إلى علم الأحكام ، وما يترتب على ذلك من الحوادث الأرضية ، ومما لا علم لكثير منهم به . وقد كان اليونانيون الذين كانوا يسكنون الشام قبل زمن المسيح عليه السلام بدهور لهم في هذا كلام كثير يطول بسطه ، وهم الذين بنوا مدينة دمشق ، وجعلوا لها أبوابا سبعة ، وجعلوا على رأس كل باب هيكلا على صفة الكواكب السبعة يعبدون كل واحد في هيكله ، ويدعونه بدعاء يأثره عنهم غير واحد من أهل التواريخ وغيرهم . وذكره صاحب " السر المكتوم في مخاطبة الشمس والقمر والنجوم " وهو خرافات لا يلتفت إليها . وغيره من علماء الحرنانيين فلاسفة حران في قديم الزمان ، وقد كانوا مشركين يعبدون الكواكب السبع ، وهم طائفة من الصابئين ، ولهذا قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=37ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون [ فصلت : 37 ] . وقال تعالى إخبارا عن الهدهد أنه قال لسليمان عليه السلام مخبرا عن بلقيس وجنودها ; ملكة سبأ في اليمن وما والاها :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=23إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم [ النمل : 23 26 ] . وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=18ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ، ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب ومن يهن الله فما له من مكرم إن الله يفعل ما يشاء [ الحج : 18 ] . وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48أولم يروا إلى ما خلق الله من شيء يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله وهم داخرون ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض من دابة والملائكة وهم لا يستكبرون يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون [ النحل : 48 ]
وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=15ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال [ الرعد : 15 ] . وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=44تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا [ الإسراء : 44 ] . والآيات في هذا كثيرة جدا .
ولما كان أشرف الأجرام المشاهدة في السماوات والأرض هي الكواكب ، وأشرقهن منظرا ، وأشرفهن معتبرا الشمس والقمر ، استدل الخليل على بطلان إلهية شيء منهن ، وذلك في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=77فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال يا قوم إني بريء مما تشركون إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين [ الأنعام : 77 - 79 ] . فبين بطريق البرهان القطعي أن هذه الأجرام المشاهدات من الكواكب والقمر والشمس لا يصلح شيء منها للإلهية ; لأنها كلها مخلوقة مربوبة مدبرة مسخرة في سيرها لا تحيد عما خلقت له ، ولا تزيغ عنه إلا بتقدير متقن محرر لا تضطرب ولا تختلف ، وذلك دليل على كونها مربوبة مصنوعة مسخرة مقهورة ; ولهذا قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=37ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون [ فصلت : 37 ] .
وثبت في الصحيحين في صلاة الكسوف من حديث ابن عمر ، وابن عباس ، وعائشة ، وغيرهم من الصحابة
nindex.php?page=hadith&LINKID=3509503أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : في خطبته يومئذ أن الشمس والقمر آيتان من آيات الله عز وجل ، وإنهما لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته .
وقال البخاري في بدء الخلق بسنده عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3509504الشمس والقمر مكوران يوم القيامة . انفرد به البخاري ، وقد رواه الحافظ أبو بكر البزار بأبسط من هذا السياق فقال بسنده عن عبد الله الداناج سمعت أبا سلمة بن عبد الرحمن زمن خالد بن عبد الله القسري في هذا المسجد مسجد الكوفة ، وجاء الحسن فجلس إليه فحدث قال : حدثنا أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
إن الشمس والقمر ثوران في النار يوم القيامة فقال الحسن : وما ذنبهما ؟ فقال : أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول وما ذنبهما ؟ ثم قال البزار : لا يروى عن أبي هريرة إلا من هذا الوجه ، ولم يرو عبد الله الداناج ، عن أبي سلمة سوى هذا الحديث .
وقال ابن أبي حاتم : بسنده عن ابن عباس
nindex.php?page=tafseer&surano=81&ayano=1إذا الشمس كورت [ التكوير : 1 ] . قال : يكور الله الشمس والقمر والنجوم يوم القيامة في البحر ، ويبعث الله ريحا دبورا فتضرمها نارا .
فدلت هذه الآثار على أن
nindex.php?page=treesubj&link=31759الشمس والقمر من مخلوقات الله خلقها الله لما أراد ، ثم يفعل فيها ما يشاء ، وله الحجة الدامغة ، والحكمة البالغة ، فلا يسأل عما يفعل لعلمه وحكمته وقدرته ومشيئته النافذة وحكمه الذي لا يرد ولا يمانع ولا يغالب .
وما أحسن ما أورده الإمام محمد بن إسحاق بن يسار في أول كتاب " السيرة " من الشعر لزيد بن عمرو بن نفيل في خلق السماء والأرض والشمس والقمر وغير ذلك قال ابن هشام : هي لأمية بن أبي الصلت :
إلى الله أهدي مدحتي وثنائيا وقولا رصينا لا يني الدهر باقيا
إلى الملك الأعلى الذي ليس فوقه إله ولا رب يكون مدانيا
ألا أيها الإنسان إياك والردى فإنك لا تخفي من الله خافيا
وإياك لا تجعل مع الله غيره فإن سبيل الرشد أصبح باديا
حنانيك إن الجن كانت رجاءهم وأنت إلهي ربنا ورجائيا
رضيت بك اللهم ربا فلن أرى أدين إلها غيرك الله ثانيا
وأنت الذي من فضل من ورحمة بعثت إلى موسى رسولا مناديا
فقلت له يا اذهب وهارون فادعوا إلى الله فرعون الذي كان طاغيا
وقولا له أأنت سويت هذه بلا وتد حتى اطمأنت كما هيا
وقولا له أأنت رفعت هذه بلا عمد أرفق إذا بك بانيا
وقولا له أأنت سويت وسطها منيرا إذا ما جنه الليل هاديا
وقولا له من يرسل الشمس غدوة فيصبح ما مست من الأرض ضاحيا
وقولا له من ينبت الحب في الثرى فيصبح منه البقل يهتز رابيا
ويخرج منه حبه في رءوسه وفي ذاك آيات لمن كان واعيا
وأنت بفضل منك نجيت يونسا وقد بات في أضعاف حوت لياليا
وإني ولو سبحت باسمك ربنا لأكثر إلا ما غفرت خطائيا
فرب العباد ألق سيبا ورحمة علي وبارك في بني وماليا
.
فإذا علم هذا فالكواكب التي في السماء من الثوابت والسيارات ، الجميع مخلوقة خلقها الله تعالى كما قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=12وأوحى في كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم [ فصلت : 12 ] .
وأما ما يذكره كثير من المفسرين في
nindex.php?page=treesubj&link=32006قصة هاروت وماروت ; من أن الزهرة كانت امرأة حسناء فراوداها على نفسها ، فأبت إلا أن يعلماها الاسم الأعظم ، فعلماها ، فقالته ; فرفعت كوكبا إلى السماء فهذا أظنه من وضع الإسرائيليين ، وإن كان قد أخبر به كعب الأحبار ، وتلقاه عنه طائفة من السلف فذكروه على سبيل الحكاية والتحديث عن بني إسرائيل . وقد روى الإمام أحمد بسنده ، عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وذكر القصة بطولها ، وفيه :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3509507فمثلت لهما الزهرة امرأة من أحسن البشر فجاءتهما فسألاها نفسها . وذكر القصة . وقد رواه عبد الرزاق في تفسيره بسنده عن ابن عمر عن كعب الأحبار به . وهذا أصح وأثبت . وقد روى الحاكم في مستدركه ، وابن أبي حاتم في تفسيره عن ابن عباس فذكره . وقال فيه : وفي ذلك الزمان امرأة حسنها في النساء كحسن الزهرة في سائر الكواكب . وذكر تمامه . وهذا أحسن لفظ روي في هذه القصة ، والله أعلم .
وهكذا الحديث الذي رواه الحافظ أبو بكر البزار : بسنده عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر سهيلا فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3509508كان عشارا ظلوما فمسخه الله شهابا .
nindex.php?page=treesubj&link=31756مَا يَتَعَلَّقُ بِخَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَمَا فِيهِنَّ مِنَ الْآيَاتِ
قَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ خَلْقَ الْأَرْضِ قَبْلَ خَلْقِ السَّمَاءِ كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=29هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [ الْبَقَرَةِ : 29 ] . وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=9قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ [ فُصِّلَتْ : 9 - 12 ] . وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=27أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا [ النَّازِعَاتِ : 27 - 30 ] . وَقَدْ أَجَبْنَا عَنْ قَوْلِهِ " وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا " بِأَنَّ الدَّحْيَ غَيْرُ الْخَلْقِ ، وَهُوَ بَعْدَ خَلْقِ السَّمَاءِ . وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=1تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ [ الْمُلْكِ : 1 - 5 ] . وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=78&ayano=12وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا [ النَّبَأِ : 12 - 13 ] . وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=15أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا [ نُوحٍ : 15 - 16 ] . وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=12اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا [ الطَّلَاقِ : 12 ] . وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=61تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا [ الْفُرْقَانِ : 61 - 62 ] . وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=6إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ [ الصَّافَّاتِ : 6 - 10 ] . وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=16وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ [ الْحِجْرِ : 16 - 18 ] . وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=47وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ [ الذَّارِيَاتِ : 47 ] . وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=32وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ [ الْأَنْبِيَاءِ : 32 - 33 ] . وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=37وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ [ يس : 37 - 40 ] . وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=96فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ [ الْأَنْعَامِ : 96 - 97 ] . وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=54إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [ الْأَعْرَافِ : 54 ] . وَالْآيَاتُ فِي هَذَا كَثِيرَةٌ جِدًّا .
وَالْمَقْصُودُ أَنَّهُ تَعَالَى يُخْبِرُ عَنْ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَعَظَمَةِ اتِّسَاعِهَا وَارْتِفَاعِهَا وَأَنَّهَا فِي غَايَةِ الْحُسْنِ وَالْبَهَاءِ وَالْكَمَالِ وَالسَّنَاءِ كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=7وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ [ الذَّارِيَاتِ : 7 ] . أَيِ الْخَلْقِ الْحَسَنِ . وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=3فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ [ الْمُلْكِ : 3 - 4 ] . أَيْ خَاسِئًا عَنْ أَنْ يَرَى فِيهَا نَقْصًا أَوْ خَلَلًا . وَهُوَ حَسِيرٌ أَيْ كَلَيْلٌ ضَعِيفٌ ، وَلَوْ نَظَرَ حَتَّى يَعْيَ وَيَكِلَّ وَيَضْعُفَ لَمَا اطَّلَعَ عَلَى نَقْصٍ فِيهَا وَلَا عَيْبٍ ; لِأَنَّهُ تَعَالَى قَدْ أَحْكَمَ خَلْقَهَا ، وَزَيَّنَ بِالْكَوَاكِبِ أُفُقَهَا كَمَا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=1وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ [ الْبُرُوجِ : 1 ] . أَيِ النُّجُومِ . وَقِيلَ : مَحَالُّ الْحَرَسِ الَّتِي يُرْمَى مِنْهَا بِالشُّهُبِ لِمُسْتَرِقِ السَّمْعِ ، وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ . وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=16وَلِقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ [ الْحِجْرِ : 16 - 17 ] . فَذَكَرَ أَنَّهُ زَيَّنَ مَنْظَرَهَا بِالْكَوَاكِبِ الثَّوَابِتِ وَالسَّيَّارَاتِ ; الشَّمْسِ ، وَالْقَمَرِ ، وَالنُّجُومِ الزَّاهِرَاتِ ، وَأَنَّهُ صَانَ حَوْزَتَهَا عَنْ حُلُولِ الشَّيَاطِينِ بِهَا ، وَهَذَا زِينَةُ مَعْنًى فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=17وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ . كَمَا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=6إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى [ الصَّافَّاتِ : 6 - 8 ] .
قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ بَدْءِ الْخَلْقِ : وَقَالَ قَتَادَةُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=5وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ [ الْمُلْكِ : 5 ] .
nindex.php?page=treesubj&link=31762خَلَقَ هَذِهِ النُّجُومَ لِثَلَاثٍ ; جَعَلَهَا زِينَةً لِلسَّمَاءِ ، وَرُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ ، وَعَلَامَاتٍ يُهْتَدَى بِهَا . فَمَنْ تَأَوَّلَ فِيهَا بِغَيْرِ ذَلِكَ أَخْطَأَ وَأَضَاعَ نَصِيبَهُ ، وَتَكَلَّفَ مَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ . وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ قَتَادَةُ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=5وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ [ الْمُلْكِ : 5 ] . وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=97وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ [ الْأَنْعَامِ : 97 ] . فَمَنْ تَكَلَّفَ غَيْرَ هَذِهِ الثَّلَاثِ أَيْ مَنْ عِلْمِ أَحْكَامِ مَا تَدُلُّ عَلَيْهِ حَرَكَاتُهَا ، وَمُقَارَنَاتُهَا فِي سَيْرِهَا ، وَأَنَّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى حَوَادِثَ أَرْضِيةٍ فَقَدْ أَخْطَأَ . وَذَلِكَ أَنَّ أَكْثَرَ كَلَامِهِمْ فِي هَذَا الْبَابِ لَيْسَ فِيهِ إِلَّا حَدْسٌ وَظُنُونٌ كَاذِبَةٌ وَدَعَاوَى بَاطِلَةٌ . وَذَكَرَ تَعَالَى أَنَّهُ خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا أَيْ ; وَاحِدَةً فَوْقَ وَاحِدَةٍ .
السماوات هل هن متراكمات أو متفاضلات بينهن خلاء وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ الْهَيْئَةِ هَلْ هُنَّ مُتَرَاكِمَاتٍ ؟ أَوْ مُتَفَاصِلَاتٍ بَيْنَهُنَّ خَلَاءٌ ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ . وَالصَّحِيحُ الثَّانِي ; لِمَا قَدَّمْنَا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمِيرَةَ ، عَنِ الْأَحْنَفِ ، عَنِ الْعَبَّاسِ فِي حَدِيثِ الْأَوْعَالِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3509494أَتَدْرُونَ كَمْ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ قُلْنَا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ : بَيْنَهُمَا مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ ، وَمِنْ كُلِّ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ خَمْسُمِائَةِ سَنَةٍ ، وَكَثِفُ كُلِّ سَمَاءٍ خَمْسُمِائَةِ سَنَةٍ . الْحَدِيثُ بِتَمَامِهِ رَوَاهُ أَحْمَدُ ، وَأَبُو دَاوُدَ ، وَابْنُ مَاجَهْ ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ فِي حَدِيثِ الْإِسْرَاءِ قَالَ فِيهِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3509495وَوَجَدَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا آدَمَ فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ : هَذَا أَبُوكَ آدَمُ . فَسَلَّمَ عَلَيْهِ ، فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَقَالَ مَرْحَبًا وَأَهْلًا بِابْنِي نِعَمَ الِابْنُ أَنْتَ . إِلَى أَنْ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3509496ثُمَّ عَرَجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ . وَكَذَا ذَكَرَ فِي الثَّالِثَةِ ، وَالرَّابِعَةِ ، وَالْخَامِسَةِ ، وَالسَّادِسَةِ ، وَالسَّابِعَةِ . فَدَلَّ عَلَى التَّفَاصُلِ بَيْنَهَا لِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3509497ثُمَّ عُرِجَ بِنَا حَتَّى أَتَيْنَا السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ فَاسْتَفْتَحَ فَقِيلَ مَنْ هَذَا ؟ . إِلَى آخَرِ الْحَدِيثِ ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَاهُ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
السماوات كرية مستديرة وَقَدْ حَكَى ابْنُ حَزْمٍ ، وَابْنُ الْمُنَادِي ، وَأَبُو الْفَرَجِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=31756السَّمَاوَاتِ كُرِّيَّةٌ مُسْتَدِيرَةٌ ، وَاسْتُدِلَّ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=33كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ [ يس : 40 ] . قَالَ الْحَسَنُ : يَدُورُونَ ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي فَلْكَةٍ مِثْلِ فَلْكَةِ الْمِغْزَلِ قَالُوا : وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الشَّمْسَ تَغْرُبُ كُلَّ لَيْلَةٍ مِنَ الْمَغْرِبِ ، ثُمَّ تَطْلُعُ فِي آخِرِهَا مِنَ الْمَشْرِقِ كَمَا قَالَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ :
وَالشَّمْسُ تَطْلُعُ كُلَّ آخِرِ لَيْلَةٍ حَمْرَاءَ يُصْبِحُ لَوْنُهَا يَتَوَرَّدُ لَيْسَتْ بِطَالِعَةٍ لَهُمْ فِي رِسْلِهَا
إِلَّا مُعَذَّبَةً وَإِلَّا تُجْلَدُ
فَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ بسنده عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3509498قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي ذَرٍّ حِينَ غَرَبَتِ الشَّمْسُ : تَدْرِي أَيْنَ تَذْهَبُ قُلْتُ : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ : فَإِنَّهَا تَذْهَبُ حَتَّى تَسْجُدَ تَحْتَ الْعَرْشِ فَتَسْتَأْذِنُ فَيُؤْذَنُ لَهَا ، وَيُوشِكُ أَنْ تَسْجُدَ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا ، وَتَسْتَأْذِنُ فَلَا يُؤْذَنُ لَهَا يُقَالُ لَهَا ارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ فَتَطْلُعُ مِنْ مَغْرِبِهَا فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=38وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ) .
هَذَا لَفْظُهُ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ . وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ : حَسَنٌ صَحِيحٌ .
إِذَا عُلِمَ هَذَا ، فَإِنَّهُ حَدِيثٌ لَا يُعَارِضُ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنِ
nindex.php?page=treesubj&link=31756اسْتِدَارَةِ الْأَفْلَاكِ الَّتِي هِيَ السَّمَاوَاتُ عَلَى أَشْهَرِ الْقَوْلَيْنِ ، وَلَا يَدُلُّ عَلَى كُرِّيَّةِ الْعَرْشِ كَمَا زَعَمَهُ زَاعِمُونَ قَدْ أَبْطَلْنَا قَوْلَهُمْ فِيمَا سَلَفَ . وَلَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا تَصْعَدُ إِلَى فَوْقِ السَّمَاوَاتِ مِنْ جِهَتِنَا حَتَّى تَسْجُدَ تَحْتَ الْعَرْشِ بَلْ هِيَ تَغْرُبُ عَنْ أَعْيُنِنَا ، وَهِيَ مُسْتَمِرَّةٌ فِي فَلَكِهَا الَّذِي هِيَ فِيهِ ، وَهُوَ الرَّابِعُ فِيمَا قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ عُلَمَاءِ التَّسْيِيرِ ، وَلَيْسَ فِي الشَّرْعِ مَا يَنْفِيهِ ، بَلْ فِي الْحِسِّ وَهُوَ الْكُسُوفَاتُ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ وَيَقْتَضِيهِ فَإِذَا ذَهَبَتْ فِيهِ حَتَّى تَتَوَسَّطَهُ وَهُوَ وَقْتُ نِصْفِ اللَّيْلِ مَثَلًا فِي اعْتِدَالِ الزَّمَانِ ، بِحَيْثُ يَكُونُ بَيْنَ الْقُطْبَيْنِ الْجَنُوبِيِّ وَالشَّمَالِيِّ فَإِنَّهَا تَكُونُ أَبْعَدَ مَا يَكُونُ مِنَ الْعَرْشِ ; لِأَنَّهُ مُقَبَّبٌ مِنْ جِهَةِ وَجْهِ الْعَالَمِ ، وَهَذَا مَحَلُّ سُجُودِهَا كَمَا يُنَاسِبُهَا ، كَمَا أَنَّهَا أَقْرَبُ مَا تَكُونُ مِنَ الْعَرْشِ وَقْتَ الزَّوَالِ مِنْ جِهَتِنَا ، فَإِذَا كَانَتْ فِي مَحَلِّ سُجُودِهَا اسْتَأْذَنَتِ الرَّبَّ جَلَّ جَلَالُهُ فِي طُلُوعِهَا مِنَ الشَّرْقِ ، فَيُؤْذَنُ لَهَا ، فَتَبْدُو مِنْ جِهَةِ الشَّرْقِ ، وَهِيَ مَعَ ذَلِكَ كَارِهَةٌ لِعُصَاةِ بَنِي آدَمَ أَنْ تَطْلُعَ عَلَيْهِمْ ، وَلِهَذَا قَالَ أُمَيَّةُ :
لَيْسَتْ بِطَالِعَةٍ لَهُمْ فِي رِسْلِهَا إِلَّا مُعَذَّبَةً وَإِلَّا تُجْلَدُ
فَإِذَا كَانَ الْوَقْتُ الَّذِي يُرِيدُ اللَّهُ طُلُوعَهَا فِيهِ مِنْ جِهَةِ مَغْرِبِهَا تَسْجُدُ عَلَى عَادَتِهَا ، وَتَسْتَأْذِنُ فِي الطُّلُوعِ مِنْ عَادَتِهَا فَلَا يُؤْذَنُ لَهَا ، فَجَاءَ أَنَّهَا تَسْجُدُ أَيْضًا ، ثُمَّ تَسْتَأْذِنُ فَلَا يُؤْذَنُ لَهَا ، ثُمَّ تَسْجُدُ فَلَا يُؤْذَنُ لَهَا ، وَتَطُولُ تِلْكَ اللَّيْلَةُ ، فَتَقُولُ : يَا رَبِّ إِنَّ الْفَجْرَ قَدِ اقْتَرَبَ ، وَإِنَّ الْمَدَى بَعِيدٌ . فَيُقَالُ لَهَا ارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ فَتَطْلُعُ مِنْ مَغْرِبِهَا فَإِذَا رَآهَا النَّاسُ آمَنُوا جَمِيعًا ، وَذَلِكَ حِينَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا . وَفَسَّرُوا بِذَلِكَ قَوْلَهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=38وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا [ يس : 38 ] . قِيلَ : لِوَقْتِهَا الَّذِي تُؤْمَرُ فِيهِ أَنْ تَطْلُعَ مِنْ مَغْرِبِهَا وَقِيلَ : مُسْتَقَرُّهَا مَوْضِعُهَا الَّذِي تَسْجُدُ فِيهِ تَحْتَ الْعَرْشِ . وَقِيلَ : مُنْتَهَى سَيْرِهَا وَهُوَ آخِرُ الدُّنْيَا ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَرَأَ : وَالشَّمْسُ تَجْرِي لَا مُسْتَقَرَّ لَهَا أَيْ لَيْسَتْ تَسْتَقِرُّ فَعَلَى هَذَا تَسْجُدُ ، وَهِيَ سَائِرَةٌ ، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=40لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ [ يس : 40 ] . أَيْ لَا تُدْرِكُ الشَّمْسُ الْقَمَرَ فَتَطْلُعُ فِي سُلْطَانِهِ وَدَوْلَتِهِ ، وَلَا هُوَ أَيْضًا
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=40وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ . أَيْ : لَيْسَ سَابِقَهُ بِمَسَافَةٍ يَتَأَخَّرُ ذَاكَ عَنْهُ فِيهَا بَلْ إِذَا ذَهَبَ النَّهَارُ جَاءَ اللَّيْلُ فِي إِثْرِهِ مُتَعَقِّبًا لَهُ كَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=54يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [ الْأَعْرَافِ : 54 ] . وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=62وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا [ الْفُرْقَانِ : 62 ] . أَيْ : يُخْلِفُ هَذَا لِهَذَا وَهَذَا لِهَذَا كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3509499إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَاهُنَا ، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَاهُنَا ، وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ . فَالزَّمَانُ الْمُحَقِّقُ يَنْقَسِمُ إِلَى لَيْلٍ وَنَهَارٍ ، وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا غَيْرُهُمَا ; وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=13يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى [ فَاطِرٍ : 13 ] . أَيْ : يُولِجُ مِنْ هَذَا فِي هَذَا أَيْ : يَأْخُذُ مِنْ طُولِ هَذَا فِي قَصْرِ هَذَا فَيَعْتَدِلَانِ كَمَا فِي أَوَّلِ فَصْلِ الرَّبِيعِ ; يَكُونُ اللَّيْلُ قَبْلَ ذَلِكَ طَوِيلًا وَالنَّهَارُ قَصِيرًا ، فَلَا يَزَالُ اللَّيْلُ يَنْقُصُ وَالنَّهَارُ يَتَزَايَدُ حَتَّى يَعْتَدِلَا وَهُوَ أَوَّلُ الرَّبِيعِ ، ثُمَّ يَشْرَعُ النَّهَارُ يَطُولُ وَيَتَزَايَدُ ، وَاللَّيْلُ يَتَنَاقَصُ إِلَى آخِرِ فَصْلِ الرَّبِيعِ ، ثُمَّ يَتَرَاجَعُ الْأَمْرُ وَيَنْعَكِسُ الْحَالُ فَيَشْرَعُ النَّهَارُ يَتَنَاقَصُ وَاللَّيْلُ فِي ازْدِيَادٍ حَتَّى يَعْتَدِلَا أَيْضًا فِي أَوَّلِ فَصْلِ الْخَرِيفِ ، ثُمَّ يَشْرَعُ اللَّيْلُ يَطُولُ وَيَقْصُرُ النَّهَارُ إِلَى آخِرِ فَصْلِ الْخَرِيفِ ، ثُمَّ يَتَرَجَّحُ النَّهَارُ قَلِيلًا قَلِيلًا ، وَيَتَنَاقَصُ اللَّيْلُ شَيْئًا فَشَيْئًا حَتَّى يَعْتَدِلَا فِي أَوَّلِ فَصْلِ الرَّبِيعِ كَمَا قَدَّمْنَا . وَهَكَذَا فِي كُلِّ عَامٍ ، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=80وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ [ الْمُؤْمِنُونَ : 80 ] . أَيْ هُوَ الْمُتَصَرِّفُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ الْحَاكِمُ الَّذِي لَا يُخَالِفُ وَلَا يُمَانِعُ ; وَلِهَذَا يَقُولُ فِي ثَلَاثِ آيَاتٍ عِنْدَ ذِكْرِ السَّمَاوَاتِ ، وَالنُّجُومِ ، وَاللَّيْلِ ، وَالنَّهَارِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=96ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ [ الْأَنْعَامِ : 80 ، يس : 38 ، فُصِّلَتْ : 12 ] . أَيِ الْعَزِيزِ الَّذِي قَدْ قَهَرَ كُلَّ شَيْءٍ ، وَدَانَ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ فَلَا يُمَانَعُ ، وَلَا يُغَالَبُ ، الْعَلِيمُ بِكُلِّ شَيْءٍ ، فَقَدَّرَ كُلَّ شَيْءٍ تَقْدِيرًا عَلَى نِظَامٍ لَا يَخْتَلِفُ وَلَا يَضْطَرِبُ .
وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3509500قَالَ اللَّهُ : يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ يَسُبُّ الدَّهْرَ ، وَأَنَا الدَّهْرُ ، بِيَدِي الْأَمْرُ أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ . وَفِي رِوَايَةٍ
nindex.php?page=hadith&LINKID=3509501فَأَنَا الدَّهْرُ أُقَلِّبُ لَيْلَهُ وَنَهَارَهُ .
قَالَ الْعُلَمَاءُ ; كَالشَّافِعِيِّ ، وَأَبِي عُبَيْدٍ الْقَاسِمِ بْنِ سَلَّامٍ ، وَغَيْرِهِمَا : يَسُبُّ الدَّهْرَ أَيْ يَقُولُ فَعَلَ بِنَا الدَّهْرُ كَذَا يَا خَيْبَةَ الدَّهْرِ أَيْتَمَ الْأَوْلَادَ أَرْمَلَ النِّسَاءَ . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
وَأَنَا الدَّهْرُ . أَيْ أَنَا الدَّهْرُ الَّذِي يَعْنِيهِ فَإِنَّهُ فَاعِلُ ذَلِكَ الَّذِي أَسْنَدَهُ إِلَى الدَّهْرِ ، وَالدَّهْرُ مَخْلُوقٌ ، وَإِنَّمَا فَعَلَ هَذَا هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ فَهُوَ يَسُبُّ فَاعِلَ ذَلِكَ ، وَيَعْتَقِدُهُ الدَّهْرَ ، وَاللَّهُ هُوَ الْفَاعِلُ لِذَلِكَ الْخَالِقُ لِكُلِّ شَيْءٍ ، الْمُتَصَرِّفُ فِي كُلِّ شَيْءٍ كَمَا قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3509502وَأَنَا الدَّهْرُ بِيَدِيَ الْأَمْرُ أُقَلِّبُ لَيْلَهُ وَنَهَارَهُ . وَكَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=26قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ [ آلِ عِمْرَانَ : 26 - 27 ] . وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=5هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ [ يُونُسَ : 5 - 6 ] . أَيْ فَاوَتَ بَيْنَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ فِي نُورِهِمَا ، وَفِي شَكْلِهِمَا ، وَفِي وَقْتِهِمَا ، وَفِي سَيْرِهِمَا فَجَعَلَ هَذَا ضِيَاءً وَهُوَ شُعَاعُ الشَّمْسِ بُرْهَانٌ سَاطِعٌ وَضَوْءٌ بَاهِرٌ ، وَالْقَمَرَ نُورًا ، أَيْ أَضْعَفُ مِنْ بُرْهَانِ الشَّمْسِ ، وَجَعَلَهُ مُسْتَفَادًا مِنْ ضَوْئِهَا ، وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ . أَيْ يَطَّلِعُ أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنَ الشَّهْرِ صَغِيرًا ضَئِيلًا قَلِيلَ النُّورِ لِقُرْبِهِ مِنَ الشَّمْسِ ، وَقِلَّةِ مُقَابَلَتِهِ لَهَا فَبِقَدْرِ مُقَابَلَتِهِ لَهَا يَكُونُ نُورُهُ ; وَلِهَذَا فِي اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةِ يَكُونُ أَبْعَدَ مِنْهَا بِضِعْفِ مَا كَانَ فِي اللَّيْلَةِ الْأَوْلَى فَيَكُونُ نُورُهُ بِضِعْفِ النُّورِ أَوَّلَ لَيْلَةٍ ، ثُمَّ كُلَّمَا بَعُدَ ازْدَادَ نُورُهُ حَتَّى يَتَكَامَلَ إِبْدَارُهُ لَيْلَةَ مُقَابَلَتِهِ إِيَّاهَا مِنَ الْمَشْرِقِ ، وَذَلِكَ لَيْلَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِنَ الشَّهْرِ ، ثُمَّ يَشْرَعُ فِي النَّقْصِ لِاقْتِرَابِهِ إِلَيْهَا مِنَ الْجِهَةِ الْأُخْرَى إِلَى آخِرِ الشَّهْرِ ، فَيَسْتَتِرُ حَتَّى يَعُودَ كَمَا بَدَأَ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ الثَّانِي فَبِهِ تُعْرَفُ الشُّهُورُ ، وَبِالشَّمْسِ تُعْرَفُ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامُ ، وَبِذَلِكَ تُعْرَفُ السِّنُونَ وَالْأَعْوَامُ ; وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=5هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ [ يُونُسَ : 5 ] . وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=12وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا [ الْإِسْرَاءِ : 12 ] . الكلام عن الكواكب وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=189يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ [ الْبَقَرَةِ : 189 ] . .
فَالْكَوَاكِبُ الَّتِي فِي السَّمَاءِ مِنْهَا سَيَّارَاتٌ ; وَهِيَ الْمُتَحَيِّرَةُ فِي اصْطِلَاحِ عُلَمَاءِ التَّسْيِيرِ ، وَهُوَ عِلْمٌ غَالِبُهُ صَحِيحٌ بِخِلَافِ عِلْمِ الْأَحْكَامِ فَإِنَّ غَالِبَهُ بَاطِلٌ ، وَدَعْوَى مَا لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ ، وَهِيَ سَبْعَةٌ ; الْقَمَرُ فِي سَمَاءِ الدُّنْيَا ، وَعُطَارِدُ فِي الثَّانِيَةِ ، وَالزُّهْرَةُ فِي الثَّالِثَةِ ، وَالشَّمْسُ فِي الرَّابِعَةِ ، وَالْمِرِّيخُ فِي الْخَامِسَةِ ، وَالْمُشْتَرَى فِي السَّادِسَةِ ، وَزُحَلُ فِي السَّابِعَةِ . وَبَقِيَّةُ الْكَوَاكِبِ يُسَمُّونَهَا الثَّوَابِتَ ، وَهِيَ عِنْدَهُمْ فِي الْفَلَكِ الثَّامِنِ ، وَهُوَ الْكُرْسِيُّ فِي اصْطِلَاحِ كَثِيرٍ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ .
وَقَالَ آخَرُونَ : بَلِ الْكَوَاكِبُ كُلُّهَا فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا ، وَلَا مَانِعَ مِنْ كَوْنَ بَعْضِهَا فَوْقَ بَعْضٍ . وَقَدْ يُسْتَدَلُّ عَلَى هَذَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=5وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ [ الْمُلْكِ : 5 ] . وَبِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=12فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ [ فُصِّلَتْ : 12 ] . فَخَصَّ سَمَاءَ الدُّنْيَا مِنْ بَيْنِهِنَّ بِزِينَةِ الْكَوَاكِبِ فَإِنْ دَلَّ هَذَا عَلَى كَوْنِهَا مُرَصَّعَةً فِيهَا فَذَاكَ وَإِلَّا فَلَا مَانِعَ مِمَّا قَالَهُ الْآخَرُونَ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَعِنْدَهُمْ أَنَّ الْأَفْلَاكَ السَّبْعَةَ بَلِ الثَّمَانِيَةَ تَدُورُ بِمَا فِيهَا مِنَ الْكَوَاكِبِ الثَّوَابِتِ وَالسَّيَّارَاتِ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ دَوْرَةً كُلِّيَّةً مِنَ الشَّرْقِ إِلَى الْغَرْبِ ، وَعِنْدَهُمْ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْكَوَاكِبِ السَّيَّارَاتِ يَدُورُ عَلَى خِلَافِ فَلَكِهِ مِنَ الْمَغْرِبِ إِلَى الْمَشْرِقِ ; فَالْقَمَرُ يَقْطَعُ فَلَكَهُ فِي شَهْرٍ ، وَالشَّمْسُ تَقْطَعُ فَلَكَهَا وَهُوَ الرَّابِعُ فِي سَنَةٍ فَإِذَا كَانَ السَّيْرَانِ لَيْسَ بَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ ، وَحَرَكَاتُهُمَا مُتَقَارِبَةٌ كَانَ قَدْرُ السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ بِقَدْرِ السَّمَاءِ الدُّنْيَا ثِنْتَيْ عَشْرَةَ مَرَّةً ، وَزُحَلُ يَقْطَعُ فَلَكَهُ وَهُوَ السَّابِعُ فِي ثَلَاثِينَ سَنَةً ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ بِقَدْرِ السَّمَاءِ الدُّنْيَا ثَلَثُمِائَةٍ وَسِتِّينَ مَرَّةً .
وَقَدْ تَكَلَّمُوا عَلَى مَقَادِيرِ أَجْرَامِ هَذِهِ الْكَوَاكِبِ وَسِيَرِهَا وَحَرَكَاتِهَا ، وَتَوَسَّعُوا فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ حَتَّى تَعَدَّوْا إِلَى عِلْمِ الْأَحْكَامِ ، وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الْحَوَادِثِ الْأَرْضِيَّةِ ، وَمِمَّا لَا عِلْمَ لِكَثِيرٍ مِنْهُمْ بِهِ . وَقَدْ كَانَ الْيُونَانِيُّونَ الَّذِينَ كَانُوا يَسْكُنُونَ الشَّامَ قَبْلَ زَمَنِ الْمَسِيحِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِدُهُورٍ لَهُمْ فِي هَذَا كَلَامٌ كَثِيرٌ يَطُولُ بَسْطُهُ ، وَهُمُ الَّذِينَ بَنَوْا مَدِينَةَ دِمَشْقَ ، وَجَعَلُوا لَهَا أَبْوَابًا سَبْعَةً ، وَجَعَلُوا عَلَى رَأْسِ كُلِّ بَابٍ هَيْكَلًا عَلَى صِفَةِ الْكَوَاكِبِ السَّبْعَةِ يَعْبُدُونَ كُلَّ وَاحِدٍ فِي هَيْكَلِهِ ، وَيَدْعُونَهُ بِدُعَاءٍ يَأْثَرُهُ عَنْهُمْ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ التَّوَارِيخِ وَغَيْرِهِمْ . وَذَكَرُهُ صَاحِبُ " السِّرِّ الْمَكْتُومِ فِي مُخَاطَبَةِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالنُّجُومِ " وَهُوَ خُرَافَاتٌ لَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهَا . وَغَيْرُهُ مِنْ عُلَمَاءِ الْحَرَّنَانِيِّينَ فَلَاسِفَةِ حَرَّانَ فِي قَدِيمِ الزَّمَانِ ، وَقَدْ كَانُوا مُشْرِكِينَ يَعْبُدُونَ الْكَوَاكِبَ السَّبْعَ ، وَهُمْ طَائِفَةٌ مِنَ الصَّابِئِينَ ، وَلِهَذَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=37وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ [ فُصِّلَتْ : 37 ] . وَقَالَ تَعَالَى إِخْبَارًا عَنِ الْهُدْهُدِ أَنَّهُ قَالَ لِسُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مُخْبِرًا عَنْ بِلْقِيسَ وَجُنُودِهَا ; مَلِكَةِ سَبَأٍ فِي الْيَمَنِ وَمَا وَالَاهَا :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=23إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ [ النَّمْلِ : 23 26 ] . وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=18أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ ، وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ [ الْحَجِّ : 18 ] . وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [ النَّحْلِ : 48 ]
وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=15وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ [ الرَّعْدِ : 15 ] . وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=44تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا [ الْإِسْرَاءِ : 44 ] . وَالْآيَاتُ فِي هَذَا كَثِيرَةٌ جِدًّا .
وَلِمَّا كَانَ أَشْرَفُ الْأَجْرَامِ الْمُشَاهَدَةِ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ هِيَ الْكَوَاكِبَ ، وَأَشْرَقُهُنَّ مَنْظَرًا ، وَأَشْرَفُهُنَّ مُعْتَبَرًا الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ، اسْتَدَلَّ الْخَلِيلُ عَلَى بُطْلَانِ إِلَهِيَّةِ شَيْءٍ مِنْهُنَّ ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=77فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ [ الْأَنْعَامِ : 77 - 79 ] . فَبَيَّنَ بِطْرِيقِ الْبُرْهَانِ الْقَطْعِيِّ أَنَّ هَذِهِ الْأَجْرَامَ الْمُشَاهَدَاتِ مِنَ الْكَوَاكِبِ وَالْقَمَرِ وَالشَّمْسِ لَا يَصْلُحُ شَيْءٌ مِنْهَا لِلْإِلَهِيَّةِ ; لِأَنَّهَا كُلَّهَا مَخْلُوقَةٌ مَرْبُوبَةٌ مُدَبَّرَةٌ مُسَخَّرَةٌ فِي سَيْرِهَا لَا تَحِيدُ عَمَّا خُلِقَتْ لَهُ ، وَلَا تَزِيغُ عَنْهُ إِلَّا بِتَقْدِيرٍ مُتْقَنٍ مُحَرَّرٍ لَا تَضْطَرِبُ وَلَا تَخْتَلِفُ ، وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى كَوْنِهَا مَرْبُوبَةٌ مَصْنُوعَةٌ مُسَخَّرَةٌ مَقْهُورَةٌ ; وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=37وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ [ فُصِّلَتْ : 37 ] .
وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ ، وَابْنِ عَبَّاسٍ ، وَعَائِشَةَ ، وَغَيْرِهِمْ مِنَ الصَّحَابَةِ
nindex.php?page=hadith&LINKID=3509503أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : فِي خُطْبَتِهِ يَوْمَئِذٍ أَنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَإِنَّهُمَا لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ .
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ بسنده عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3509504الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ مُكَوَّرَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ . انْفَرَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ ، وَقَدْ رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ بِأَبْسَطِ مِنْ هَذَا السِّيَاقِ فَقَالَ بسنده عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الدَّانَاجِ سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ زَمَنَ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيِّ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ مَسْجِدِ الْكُوفَةِ ، وَجَاءَ الْحَسَنُ فَجَلَسَ إِلَيْهِ فَحَدَّثَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ثَوْرَانِ فِي النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقَالَ الْحَسَنُ : وَمَا ذَنْبُهُمَا ؟ فَقَالَ : أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَقُولُ وَمَا ذَنْبُهُمَا ؟ ثُمَّ قَالَ الْبَزَّارُ : لَا يُرْوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ ، وَلَمْ يَرْوِ عَبْدُ اللَّهِ الدَّانَاجُ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ .
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ : بسنده عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=81&ayano=1إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ [ التَّكْوِيرِ : 1 ] . قَالَ : يُكَوِّرُ اللَّهُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الْبَحْرِ ، وَيَبْعَثُ اللَّهُ رِيحًا دَبُورًا فَتُضْرِمُهَا نَارًا .
فَدَلَّتْ هَذِهِ الْآثَارُ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=31759الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ مِنْ مَخْلُوقَاتِ اللَّهِ خَلَقَهَا اللَّهُ لِمَا أَرَادَ ، ثُمَّ يَفْعَلُ فِيهَا مَا يَشَاءُ ، وَلَهُ الْحُجَّةُ الدَّامِغَةُ ، وَالْحِكْمَةُ الْبَالِغَةُ ، فَلَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ لِعِلْمِهِ وَحِكْمَتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ النَّافِذَةِ وَحُكْمِهِ الَّذِي لَا يُرَدُّ وَلَا يُمَانَعُ وَلَا يُغَالَبُ .
وَمَا أَحْسَنَ مَا أَوْرَدَهُ الْإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ فِي أَوَّلِ كِتَابِ " السِّيرَةِ " مِنَ الشِّعْرِ لِزَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ فِي خَلْقِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : هِيَ لِأُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ :
إِلَى اللَّهِ أُهْدِي مِدْحَتِي وَثَنَائِيَا وَقَوْلًا رَصِينًا لَا يَنِي الدَّهْرَ بَاقِيًا
إِلَى الْمَلِكِ الْأَعْلَى الَّذِي لَيْسَ فَوْقَهُ إِلَهٌ وَلَا رَبٌّ يَكُونُ مُدَانِيَا
أَلَا أيُّهَا الْإِنْسَانُ إِيَّاكَ وَالرَّدَى فَإِنَّكَ لَا تُخْفِي مِنَ اللَّهِ خَافِيَا
وَإِيَّاكَ لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ غَيْرَهُ فَإِنَّ سَبِيلَ الرُّشْدِ أَصْبَحَ بَادِيَا
حَنَانَيْكَ إِنَّ الْجِنَّ كَانَتْ رَجَاءَهُمْ وَأَنْتَ إِلَهِي رَبَّنَا وَرَجَائِيَا
رَضِيتُ بِكَ اَللَّهُمَّ رَبًّا فَلَنْ أُرَى أَدِينُ إِلَهًا غَيْرَكَ اَللَّهُ ثَانِيَا
وَأَنْتَ اَلَّذِي مِنْ فَضْلِ مَنٍّ وَرَحْمَةٍ بَعَثْتَ إِلَى مُوسَى رَسُولًا مُنَادِيَا
فَقُلْتَ لَهُ يَا اِذْهَبْ وَهَارُونَ فَادْعُوَا إِلَى اَللَّهِ فِرْعَوْنَ اَلَّذِي كَانَ طَاغِيَا
وَقُولَا لَهُ أَأَنْتَ سَوَّيْتَ هَذِهِ بِلَا وَتَدٍ حَتَّى اِطْمَأَنَّتْ كَمَا هِيَا
وَقُولَا لَهُ أَأَنْتَ رَفَعْتَ هَذِهِ بِلَا عَمَدٍ أَرْفِقْ إِذًا بِكَ بَانِيَا
وَقُولَا لَهُ أَأَنْتَ سَوَّيْتَ وَسْطَهَا مُنِيرًا إِذَا مَا جَنَّهُ اَللَّيْلُ هَادِيَا
وَقُولَا لَهُ مَنْ يُرْسِلُ اَلشَّمْسَ غَدْوَةً فَيُصْبِحُ مَا مَسَّتْ مِنَ اَلْأَرْضِ ضَاحِيَا
وَقُولَا لَهُ مَنْ يُنْبِتُ اَلْحَبَّ فِي اَلثَّرَى فَيُصْبِحُ مِنْهُ اَلْبَقْلُ يَهْتَزُّ رَابِيَا
وَيُخْرِجُ مِنْهُ حَبَّهُ فِي رُءُوسِهِ وَفِي ذَاكَ آيَاتٌ لِمَنْ كَانَ وَاعِيَا
وَأَنْتَ بِفَضْلٍ مِنْكَ نَجَّيْتَ يُونُسَا وَقَدْ بَاتَ فِي أَضْعَافِ حُوتٍ لَيَالِيَا
وَإِنِّي وَلَوْ سَبَّحْتُ بِاسْمِكَ رَبَّنَا لِأُكْثِرَ إِلَّا مَا غَفَرْتَ خَطَائِيَا
فَرَبَّ اَلْعِبَادِ أَلْقِ سَيْبًا وَرَحْمَةً عَلَيَّ وَبَارِكْ فِي بَنِيَّ وَمَالِيَا
.
فَإِذَا عُلِمَ هَذَا فَالْكَوَاكِبُ الَّتِي فِي السَّمَاءِ مِنَ الثَّوَابِتِ وَالسَّيَّارَاتِ ، الْجَمِيعُ مَخْلُوقَةٌ خَلَقَهَا اللَّهُ تَعَالَى كَمَا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=12وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ [ فُصِّلَتْ : 12 ] .
وَأَمَّا مَا يَذْكُرُهُ كَثِيرٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=32006قِصَّةِ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ; مِنْ أَنَّ الزُّهْرَةَ كَانَتِ امْرَأَةً حَسْنَاءَ فَرَاوَدَاهَا عَلَى نَفْسِهَا ، فَأَبَتْ إِلَّا أَنْ يُعَلِّمَاهَا الِاسْمَ الْأَعْظَمَ ، فَعَلَّمَاهَا ، فَقَالَتْهُ ; فَرُفِعَتْ كَوْكَبًا إِلَى السَّمَاءِ فَهَذَا أَظُنُّهُ مِنْ وَضْعِ الْإِسْرَائِيلِيِّينَ ، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَخْبَرَ بِهِ كَعْبُ الْأَحْبَارِ ، وَتَلَقَّاهُ عَنْهُ طَائِفَةٌ مِنَ السَّلَفِ فَذَكَرُوهُ عَلَى سَبِيلِ الْحِكَايَةِ وَالتَّحْدِيثِ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ . وَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ بسنده ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَذَكَرَ الْقِصَّةَ بِطُولِهَا ، وَفِيهِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3509507فَمَثَّلَتْ لَهُمَا الزَّهْرَةُ امْرَأَةً مِنْ أَحْسَنِ الْبَشَرِ فَجَاءَتْهُمَا فَسَأَلَاهَا نَفْسَهَا . وَذَكَرَ الْقِصَّةَ . وَقَدْ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي تَفْسِيرِهِ بسنده عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ بِهِ . وَهَذَا أَصَحُّ وَأَثْبَتُ . وَقَدْ رَوَى الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفْسِيرِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَذَكَرَهُ . وَقَالَ فِيهِ : وَفِي ذَلِكَ الزَّمَانِ امْرَأَةٌ حُسْنُهَا فِي النِّسَاءِ كَحُسْنِ الزُّهْرَةِ فِي سَائِرِ الْكَوَاكِبِ . وَذَكَرَ تَمَامَهُ . وَهَذَا أَحْسَنُ لَفْظٍ رُوِيَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَهَكَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ : بسنده عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ سُهَيْلًا فَقَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3509508كَانَ عَشَّارًا ظَلُومًا فَمَسَخَهُ اللَّهُ شِهَابًا .