الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            وأما كافرو الجن فمنهم الشياطين ، ومقدمهم الأكبر إبليس عدو آدم أبي البشر ، وقد سلطه هو وذريته على آدم وذريته ، وتكفل الله عز وجل بعصمة من آمن به وصدق رسله ، واتبع شرعه منهم ، كما قال : إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا [ الإسراء : 65 ] . وقال تعالى : ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين وما كان له عليهم من سلطان إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة ممن هو منها في شك وربك على كل شيء حفيظ [ سبأ : 20 - 21 ] . وقال تعالى : يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون [ الأعراف : 27 ] . وقال : وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمأ مسنون فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين قال يا إبليس ما لك ألا تكون مع الساجدين قال لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصال من حمأ مسنون قال فاخرج منها فإنك رجيم وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون قال فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين قال هذا صراط علي مستقيم إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين وإن جهنم لموعدهم أجمعين لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم [ الحجر : 28 - 44 ] .

            وقد ذكر تعالى هذه القصة في سورة البقرة ، وفي الأعراف ، وهاهنا ، وفي سورة سبحان ، وفي سورة طه ، وفي سورة ص

            والمقصود أن إبليس أنظره الله ، وأخره إلى يوم القيامة ; محنة لعباده ، واختبارا منه لهم ، كما قال تعالى : وما كان له عليهم من سلطان إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة ممن هو منها في شك وربك على كل شيء حفيظ [ سبأ : 21 ] . وقال تعالى : وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم وأدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها بإذن ربهم تحيتهم فيها سلام [ إبراهيم : 22 - 23 ] .

            فإبليس لعنه الله حي الآن ، منظر إلى يوم القيامة بنص القرآن ، وله عرش على وجه البحر ، وهو جالس عليه ، ويبعث سراياه يلقون بين الناس الشر والفتن . وقد قال الله تعالى : إن كيد الشيطان كان ضعيفا [ النساء : 76 ] .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية