الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            قال تعالى : فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور [ لقمان : 33 ] . يعني الشيطان . وقد قال تعالى : إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير [ فاطر : 6 ] . فالشيطان لا يألو الإنسان خبالا جهده وطاقته في جميع أحواله وحركاته وسكناته ، كما صنف الحافظ أبو بكر بن أبي الدنيا رحمه الله كتابا في ذلك سماه " مصائد الشيطان " وفيه فوائد جمة .

            وفي سنن أبي داود : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في دعائه : وأعوذ بك أن يتخبطني الشيطان عند الموت . وروينا في بعض الأخبار أنه قال : يا رب وعزك وجلالك لا أزال أغويهم ما دامت أرواحهم في أجسادهم . فقال الله تعالى : وعزتي وجلالي ولا أزال أغفر لهم ما استغفروني . وقال الله تعالى : الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم [ البقرة : 268 ] . فوعد الله هو الحق الصدق ، ووعد الشيطان هو الباطل ، وقد روى الترمذي ، والنسائي ، وابن حبان في صحيحه ، وابن أبي حاتم في تفسيره من حديث عطاء بن السائب ، عن مرة الهمداني ، عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن للشيطان لمة بابن آدم ، وللملك لمة ; فأما لمة الشيطان فإيعاد بالشر وتكذيب بالحق ، وأما لمة الملك فإيعاد بالخير وتصديق بالحق ، فمن وجد ذلك فليعلم أنه من الله فليحمد الله ، ومن وجد الأخرى فليتعوذ من الشيطان ، ثم قرأ : الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم .

            ومن فضائل سورة البقرة أن الشيطان يفر من البيت الذي تقرأ فيه ، ومن فضائل آية الكرسي أن من قرأها في ليلة لا يقربه الشيطان حتى يصبح . وقال البخاري بسنده عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من قال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير . في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب ، وكتبت له مائة حسنة ، ومحيت عنه مائة سيئة ، وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ، ولم يأت رجل بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك . وأخرجه مسلم ، والترمذي ، وابن ماجه من حديث مالك . وقال الترمذي : حسن صحيح .

            وقال البخاري : بسنده عن أبي هريرة قال : قال صلى الله عليه وسلم : كل بني آدم يطعن الشيطان في جنبيه بإصبعه حين يولد غير عيسى ابن مريم ذهب يطعن فطعن في الحجاب . تفرد به من هذا الوجه . وقال البخاري بسنده عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : التثاؤب من الشيطان فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع فإن أحدكم إذا قال : ها . ضحك الشيطان . وفي لفظ إذا تثاءب أحدكم فليكظم ما استطاع فإن الشيطان يدخل .

            وقال الإمام أحمد بسنده عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله يحب العطاس ، ويبغض أو يكره التثاؤب ، فإذا قال : أحدكم ها ها . فإنما ذلك الشيطان يضحك من جوفه . وقال البخاري بسنده عن مسروق قال : قالت عائشة : سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن التفات الرجل في الصلاة . فقال : هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة أحدكم .

            وروى البخاري بسنده عن عبد الله بن أبي قتادة ، عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الرؤيا الصالحة من الله ، والحلم من الشيطان فإذا حلم أحدكم حلما يخافه فليبصق عن يساره وليتعوذ بالله من شرها فإنها لا تضره . وقال الإمام أحمد بسنده عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يمشين أحدكم إلى أخيه بالسلاح ، فإنه لا يدري أحدكم لعل الشيطان أن ينزع في يده فيقع في حفرة من النار . أخرجاه من حديث عبد الرزاق .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية