الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ما هبط معه من الجنة

            قال أبو موسى الأشعري : لما أخرجه الله من الجنة زوده من ثمارها ، فثماركم هذه من ثمارها .

            غير هذه تتغير ، وتلك لا تتغير وقال ابن عباس : كان حين أخرج لا يمر بشيء إلا عبث به ، فقيل للملائكة: دعوه فليتزود منها ما شاء ، فنزل بالهند ، وإن هذا الطيب الذي يجاء به من الهند مما خرج به آدم .

            وروى أبو صالح عن ابن عباس ، قال: نزل آدم معه ريح الجنة فعلق بشجرها وأوديتها – يعني الهند - وأنزل معه الحجر الأسود ، وكان أشد بياضا من الثلج ، وعصا موسى ، وكانت من آس الجنة ، طولها عشرة أذرع ، ومر ، ولبان .

            وقال أبو العالية : أخرج ومعه غصن من شجر الجنة ، وعلى رأسه تاج أو إكليل من شجر الجنة .

            وقال قتادة : أهبط آدم على جبل بالهند وعلى رأسه إكليل من [شجر] الجنة فعبق ريح ذلك الإكليل بشجر ذلك الجبل فصار طيبا .

            وعن أبو الحسن بن البر ، قال: أهبط آدم بالهند في جزيرة سرنديب على جبل يدعى نوذ ، وعلى آدم الورق الذي خصفه فيبس فتحات فنبت منه أنواع الطيب والثمار ، فعلى ذلك الجبل: العود ، والسنبل ، والقرنفل ، والأفاويه ، ودابة المسك ، ودابة الزباد ، وحول الجبل الياقوت ، وفي واديه الماس ، وفي أرض تلك الجزيرة السفاذج ، وفي أنهارها البلور ، وفي بحرها اللؤلؤ .

            وأخرج آدم من الجنة معه صرة حنطة ، وثلاثين نصيبا من ثمر الجنة ، عشرة في القشور: الجوز ، واللوز ، والفستق ، والبندق ، والخشخاش ، والبلوط ، والشاهبلوط ، والجوز الهندي ، والرمان ، والموز .

            وعشرة لها نوى: الخوخ ، والمشمش والإجاص ، والرطب ، والغبيراء ، والنبق ، والزعرور ، والعناب ، والمقل والشاملوك .

            وعشرة لا قشور لها ولا نوى: التفاح ، والسفرجل ، والكمثرى ، والعنب ، والتوت ، والتين ، والأترج ، والخروب ، والخيار ، والبطيخ .

            وأنزل على آدم من الصحف إحدى وعشرون صحيفة ، وحرم عليه الميتة والدم ولحم الخنزير ، وفرض عليه صلاة خمسين ركعة .

            وعن أنس بن مالك ، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:

            "لما أهبط الله آدم من الجنة إلى الأرض حزن عليه كل شيء جاوره إلا الذهب والفضة ، فأوحى الله إليهما: جاورتكما بعبد من عبادي ، ثم أهبطه من جواركما ، فحزن عليه كل شيء إلا أنتما ، قالا: إلهنا وسيدنا ، أنت تعلم أنك جاورتنا به وهو لك مطيع ، فلما عصاك لم نحب أن نحزن عليه ، فأوحى الله إليهما: وعزتي وجلالي لأعزنكما حتى لا ينال كل شيء إلا بكما" .

            وعن سعيد بن جبير ، قال: أهبط آدم عليه السلام إلى الأرض وليس في الأرض إلا حوت ونسر ، فكان النسر إذا أمسى آوى إلى الحوت فيبيت عنده ، فلما رأى النسر آدم أتى إلى الحوت ، فقال: يا حوت قد أهبط إلى الأرض شيء يمشي على رجليه ويبطش بيده ، فقالت: إن كنت صادقا فما لي في البحر مهرب ، ولا لك في البر مهرب . يريد أنه يحتال عليهما . وأنزل عليه جبرائيل بصرة فيها حنطة ، فقال آدم : ما هذا ؟ قال : هذا الذي أخرجك من الجنة فقال : ما أصنع به ؟ فقال : انثره في الأرض . ففعل ، فأنبته الله من ساعته ، ثم حصده ، وجمعه ، وفركه ، وذراه ، وطحنه ، وعجنه ، وخبزه ، كل ذلك بتعليم جبرائيل ، وجمع له جبرائيل الحجر والحديد ، فقدحه ، فخرجت منه النار ، وعلمه جبرائيل صنعة الحديد ، والحراثة ، وأنزل إليه ثورا ، فكان يحرث عليه ، قيل هو الشقاء الذي ذكره الله تعالى بقوله : فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى . وقال السدي : نزل آدم بالهند ، ونزل معه بالحجر الأسود وبقبضة من ورق الجنة ، فبثه في الهند فنبتت شجرة الطيب هناك .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية