الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            وفاة آدم عليه السلام

            روى أبو هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : قال الله تعالى لآدم حين خلقه : ائت أولئك النفر من الملائكة قل السلام عليكم ، فأتاهم فسلم عليهم ، وقالوا له : عليك السلام ورحمة الله ، ثم رجع إلى ربه ، فقال له : هذه تحيتك وتحية ذريتك بينهم . ثم قبض له يديه ، فقال له خذ واختر . فقال : أحببت يمين ربي وكلتا يديه يمين ، ففتحها له فإذا فيها صورة آدم وذريته كلهم ، وإذا كل رجل منهم مكتوب عنده أجله ، وإذا آدم قد كتب له عمر ألف سنة ، وإذا قوم عليهم النور ، فقال : يا رب ، من هؤلاء الذين عليهم النور ؟ فقال : هؤلاء الأنبياء والرسل الذين أرسلهم إلى عبادي ، وإذا فيهم رجل هو من أضوئهم نورا ولم يكتب له من العمر إلا أربعون سنة . فقال آدم : يا رب ، هذا من أضوئهم ولم تكتب له إلا أربعين سنة ، بعد أن أعلمه أنه داود - عليه السلام - فقال : ذلك ما كتبت له . فقال : يا رب ، انقص له من عمري ستين سنة . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " فلما أهبط إلى الأرض كان يعد أيامه ، فلما أتاه ملك الموت لقبضه قال له آدم : عجلت يا ملك الموت ! قد بقي من عمري ستون سنة . فقال له ملك الموت : ما بقي شيء ، سألت ربك أن يكتبه لابنك داود . فقال : ما فعلت ! " فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : فنسي آدم فنسيت ذريته ، وجحد فجحدت ذريته فحينئذ وضع الله الكتاب وأمر بالشهود " .

            وقال ابن عباس : كان عمر آدم تسعمائة سنة وستا وثلاثين سنة ، وأهل التوراة يزعمون أن عمر آدم تسعمائة سنة وثلاثون سنة ، والأخبار عن رسول الله والعلماء ما ذكرنا ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعلم الخلق .

            وعلى رواية أبي هريرة التي فيها أن آدم وهب داود من عمره ستين سنة لم يكن كثير اختلاف بين الحديثين ، وما في التوراة من أن عمره كان تسعمائة وثلاثين سنة ، فلعل الله ذكر عمره في التوراة سوى ما وهبه لداود .



            وعن الحسن ، قال: رأيت شيخا بالمدينة يتكلم فسألت عنه ، فقالوا هذا أبي بن كعب ، فقال: إن آدم [عليه السلام] لما حضره الموت قال لبنيه: أي بني إني أشتهي من ثمار الجنة ، فذهبوا يطلبون له منها فاستقبلتهم الملائكة ومعهم أكفانه وحنوط ، ومعهم الفؤوس والمساحي والمكاتل ، فقالوا لهم: يا بني آدم ما تريدون؟ قالوا: أبونا مريض واشتهى من ثمار الجنة ، قالوا لهم: ارجعوا قد قضى أبوكم . فجاءوا فلما رأتهم حواء عرفتهم ، فلاذت بآدم ، فقال: إليك عني إنما أتيت من قبلك ، خلي بيني وبين ملائكة ربي تبارك وتعالى ، فقبضوه وغسلوه وكفنوه وحنطوه وحفروا له وألحدوا له ، وصلوا عليه ، ثم دخلوا قبره فوضعوه في قبره ووضعوا عليه اللبن ، ثم خرجوا من القبر ثم حثوا عليه ، ثم قالوا: يا بني آدم هذه سنتكم .

            وعن أبي [بن] كعب ، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الملائكة صلت على آدم وكبرت عليه أربعا ، وقالوا: هذه سنتكم يا بني آدم " .

            وعن ابن عباس ، قال: صلى جبريل على آدم ، كبر عليه أربعا وصلى جبريل بالملائكة يومئذ ، ودفن في مسجد الخيف وحد من قبل القبلة ولحد له وكتم قبره .

            وقال عروة بن الزبير : أتاه جبريل بثياب من الجنة وحنوط من حنوطها ، فكفنه وحنطه وحملته الملائكة حتى وضعته بباب الكعبة وصلى عليه جبريل ثم حملته الملائكة حتى دفنته في مسجد الخيف .

            وقال ابن إسحاق : قبر عند منى أول قرية كانت في الأرض ، قال: وبلغني أنه مات بمكة ، وقال قوم: قبر في غار أبي قبيس .

            وعن ابن عباس ، قال: مات آدم على نود ، الجبل الذي أهبط عليه ، فقال شيث لجبريل : صل على آدم ، فقال: تقدم أنت وكبر عليه ثلاثين تكبيرة .

            ولما ركب نوح حمل معه آدم فلما خرج من السفينة دفن آدم ببيت المقدس ، ولم يمت آدم حتى بلغ ولده وولد ولده أربعين ألفا ، ورأى فيهم الزنا وشرب الخمر والفساد .

            وقد ذكرنا أنه توفي يوم الجمعة . وقال عطاء الخراساني : لما مات آدم بكت الخلائق عليه سبعة أيام

            التالي السابق


            الخدمات العلمية