الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            مرور النبي صلى الله عليه وسلم بوادي الحجر من أرض ثمود عام تبوك

            ولما سار النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى تبوك أتى على قرية ثمود ، فقال لأصحابه : لا يدخلن أحد منكم القرية ولا تشربوا من مائها ، وأراهم مرتقى الفصيل في الجبل ، وأراهم الفج الذي كانت الناقة ترد منه الماء . وقال الإمام أحمد بسنده عن ابن عمر قال : لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس على تبوك نزل بهم الحجر عند بيوت ثمود ، فاستقى الناس من الآبار التي كانت تشرب منها ثمود ، فعجنوا منها ونصبوا القدور فأمرهم رسول الله فأهراقوا القدور ، وعلفوا العجين الإبل ، ثم ارتحل بهم حتى نزل بهم على البئر التي كانت تشرب منها الناقة ، ونهاهم أن يدخلوا على القوم الذين عذبوا ، وقال : إني أخشى أن يصيبكم مثل ما أصابهم فلا تدخلوا عليهم .

            وقال أحمد أيضا بسنده عن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالحجر : لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين ، فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم أن يصيبكم مثل ما أصابهم . أخرجاه في الصحيحين من غير وجه . وفي بعض الروايات أنه عليه السلام لما مر بمنازلهم قنع رأسه ، وأسرع راحلته. وفي رواية فإن لم تبكوا فتباكوا ، خشية أن يصيبكم مثل ما أصابهم . صلوات الله وسلامه عليه .

            وقال الإمام أحمد عن عامر بن سعد رضي الله عنه قال : لما كان في غزوة تبوك ، فسارع الناس إلى أهل الحجر يدخلون عليهم ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنادى في الناس : الصلاة جامعة . قال : فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو ممسك بعيره ، وهو يقول : ما تدخلون على قوم غضب الله عليهم ؟ فناداه رجل : نعجب منهم يا رسول الله . قال : أفلا أنبئكم بأعجب من ذلك ؟ رجل من أنفسكم ينبئكم بما كان قبلكم ، وما هو كائن بعدكم فاستقيموا وسددوا ، فإن الله لا يعبأ بعذابكم شيئا ، وسيأتي قوم لا يدفعون عن أنفسهم بشيء . إسناد حسن ، ولم يخرجوه .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية