الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            هو: إبراهيم بن تارخ بن ناحور بن ساروغ بن أرغو بن فالغ بن عابر بن شالخ بن قينان بن أرفخشد بن سام بن نوح .

            قال الزبير بن بكار : ويقولون إبراهيم بن آزر بن الناحور بن الشارغ بن القاسم ، الذي قسم الأرض بين أهلها ، ابن يعبر بن السالح بن سنحاريب .

            واسم أمه نونا بنت كرنبا بن كوثا من بني أرفخشد بن سام .

            وكرنبا هو الذي كرى نهر كوثا . وحكى الحافظ ابن عساكر في ترجمة إبراهيم الخليل من تاريخه عن إسحاق بن بشر الكاهلي صاحب كتاب المبتدأ أن اسم أم إبراهيم أميلة وكان بين الطوفان وإبراهيم ألف سنة وتسع وتسعون سنة . وقيل: ألف ومائتا سنة وثلاث وستون ، وذلك بعد خلق آدم بثلاثة آلاف سنة وثلاثمائة وثلاثين سنة .

            وقد روى أبو أمامة أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال: كم بين نوح وإبراهيم ؟ فقال: عشرة قرون .

            عن عكرمة ، قال: كان إبراهيم الخليل يكنى أبا الأضياف . قالوا : ولما كان عمر تارخ خمسا وسبعين سنة ولد له إبراهيم عليه السلام ، وناحور ، وهاران ، وولد لهاران لوط . وعندهم أن إبراهيم عليه السلام هو الأوسط ، وأن هاران مات في حياة أبيه في أرضه التي ولد فيها ، وهي أرض الكلدانيين يعنون أرض بابل .

            المكان الذي ولد فيه إبراهيم واختلفوا في المكان الذي ولد فيه ، فقال بعضهم: ولد في بابل من أرض السواد ، وقال بعضهم: بالسواد بناحية كوثى ، وقال بعضهم: ولد [بالسوس] من أرض الأهواز . وقيل: كان بناحية كسكر ثم نقله أبوه إلى ناحية كوثى ، وهي المكان الذي كان به نمرود . وقيل: كان مولده بحران ، ولكن أباه نقله إلى أرض بابل .

            وعامة العلماء على أن الخليل ولد في عهد نمرود بن كنعان بن سنحاريب بن نمرود بن كوش بن حام . وكان نمرود هذا قد ملك الشرق والغرب . وبعض المؤرخين يقول: نمرود هذا هو الضحاك ، وهو الذي أراد إحراق الخليل ،

            قال السدي عن أشياخه: أول ملك ملك الأرض شرقها وغربها نمرود بن كنعان .

            وكانت الملوك الذين ملكوا الأرض كلها [أربعة:] نمرود ، وسليمان بن داود ، وذو القرنين ، ونصر .

            قال العلماء بالسير : لم يكن بين نوح وإبراهيم نبي إلا هود وصالح ، فلما أراد الله تعالى إظهار إبراهيم قال المنجمون لنمرود : إنا نجد في علمنا أن غلاما يولد في قريتك هذه يقال له إبراهيم يفارق دينكم ويكسر أوثانكم في شهر كذا وكذا من سنة كذا وكذا ، فلما دخلت السنة المذكورة بعث نمرود إلى كل امرأة حاملة بقريته فحبسها عنده ولم يعلم بحمل أم إبراهيم ، فجعل لا يولد غلام في ذلك الشهر إلا ذبحه .

            فلما وجدت أم إبراهيم الطلق خرجت ليلا إلى مغارة ثم ولدت إبراهيم فيها وأصلحت من شأنه ثم سدت عليه المغارة ثم رجعت إلى بيتها وكانت تطالعه في المغارة لتنظر ما فعل ، فتجده يمص إبهامه - قد جعل الله رزقه في ذلك ، وكان آزر قد سألها عن حملها ، فقالت: ولدت غلاما فمات فسكت عنها . وقيل : بل علم آزر بولادة إبراهيم ، وكتمه حتى نسي الملك ذكر ذلك ، فقال آزر : إن لي ابنا قد خبأته أفتخافون عليه الملك إن أنا جئت به ؟ فقالوا : لا . فانطلق فأخرجه من السرب فلما نظر إلى الدواب ، وإلى الخلق ، ولم يكن رأى قبل ذلك غير أبيه وأمه ، جعل يسأل أباه عما يراه ، فيقول أبوه : هذا بعير ، أو بقرة ، أو غير ذلك . فقال : ما لهؤلاء الخلق بد من أن يكون لهم رب ! وكان خروجه بعد غروب الشمس ، فرفع رأسه إلى السماء فإذا هو بالكوكب وهو المشتري ، فقال : ( هذا ربي ) . فلم يلبث أن غاب ، فقال : ( لا أحب الآفلين ) . وكان خروجه في آخر الشهر فلهذا رأى الكوكب قبل القمر .

            وقيل : كان تفكر وعمره خمسة عشر شهرا ، قال لأمه وهو في المغارة أخرجيني أنظر ، فأخرجته عشاء فنظر فرأى الكوكب وتفكر في خلق السماوات والأرض وقال في الكوكب ما تقدم ، فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين . فلما جاء النهار وطلعت الشمس رأى نورا أعظم من كل ما رأى فقال : هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال ياقوم إني بريء مما تشركون . ثم رجع إبراهيم إلى أبيه وقد عرف ربه وبرئ من دين قومه إلا أنه لم ينادهم بذلك ، فأخبرته أمه بما كانت صنعت من كتمان حاله ، فسره ذلك .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية