الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ما امتحن الله به إبراهيم ، عليه السلام

            بعد ابتلاء الله تعالى إبراهيم بما كان من نمرود ، وذبح ولده بعد أن رجا نفعه ابتلاه الله بالكلمات التي أخبر أنه ابتلاه بهن فقال تعالى : وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن . واختلف السلف من العلماء الأئمة في هذه الكلمات . فقال ابن عباس من رواية عكرمة عنه في قوله تعالى : وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن : لم يبتل أحد بهذا الدين فأقامه إلا إبراهيم . وقال الله : وإبراهيم الذي وفى ، قال : والكلمات عشر في " براءة " ، وهي : العابدون الحامدون الآية ، وعشر في " الأحزاب " ، وهي إن المسلمين والمسلمات الآية ، وعشر في " المؤمنين " من أولها إلى قوله تعالى : والذين هم على صلاتهم يحافظون . وقال آخرون : هي عشر خصال .

            قال ابن عباس من رواية طاوس ، وغيره عنه : الكلمات عشر ، وهي خمس في الرأس : قص الشارب ، والمضمضة ، والاستنشاق ، والسواك ، وفرق شعر الرأس ، وخمس في الجسد ، وهي : تقليم الأظفار ، وحلق العانة ، والختان ، ونتف الإبط ، وغسل أثر الغائط . وفي الصحيحين عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الفطرة خمس ؛ الختان ، والاستحداد ، وقص الشارب ، وتقليم الأظفار ، ونتف الإبط . وعن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عشر من الفطرة ؛ قص الشارب ، وإعفاء اللحية ، والسواك ، واستنشاق الماء ، وقص الأظفار ، وغسل البراجم ، ونتف الإبط ، وحلق العانة ، وانتقاص الماء يعني الاستنجاء . والمقصود أنه عليه الصلاة والسلام كان لا يشغله القيام بالإخلاص لله عز وجل ، وخشوع العبادة العظيمة عن مراعاة مصلحة بدنه ، وإعطاء كل عضو ما يستحقه من الإصلاح والتحسين ، وإزالة ما يشين من زيادة شعر أو ظفر ، أو وجود قلح أو وسخ ، فهذا من جملة قوله تعالى في حقه من المدح العظيم وإبراهيم الذي وفى . وقال آخرون : هي مناسك الحج . وقوله تعالى : إني جاعلك للناس إماما وهو قول أبي صالح ، ومجاهد . وقال آخرون : هي ستة ، وهي : الكواكب ، والقمر ، والشمس ، والنار ، والهجرة ، والختان .

            وذبح ابنه ، وهو قول الحسن ، قال : ابتلاه بذلك فعرف أن ربه دائم لا يزول فوجه وجهه للذي فطر السماوات والأرض وهاجر من وطنه ، وأراد ذبح ابنه وختن نفسه . .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية