ملخص قصة داود عليه السلام
يعود نسب نبي الله داود عليه السلام إلى الخليل إبراهيم فهو داود بن إيشا بن عويد بن باعز بن سلمون بن نحشون بن عويناذب بن إرم بن حصرون بن فارص بن يهوذا بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل.
وقد جاء ذكره عليه السلام وما كان من أحواله في غير ما موضع من كتاب الله تعالى، فقال سبحانه: وقتل داود جالوت وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء [البقرة: 251].
وعن وهب بن منبه قال: كان داود ، عليه السلام ، قصيرا ، أزرق العينين ، قليل الشعر ، طاهر القلب نقيه.
وقد آتاه الله الملك والحكمة وكان توليته الملك عقب قتله جالوت حيث مالت بنو إسرائيل إليه، وأحبوه حبا شديدا وهو أول من جمع له بين الملك والنبوة وكانا يفترقان قبل ذلك.
وقد كان عليه السلام يأكل من عمل يديه وقد علمه الله تعالى صناعة الدروع فكان يصنع كل يوم درعا ويبيعه ويأكل من ثمنه وقد ألان الله له الحديد كما أخبر في كتابه العزيز وألنا له الحديد [سبأ: 10]. وأما عن عبادته فقد ثبت في " الصحيحين " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أحب الصلاة إلى الله صلاة داود ، وأحب الصيام إلى الله صيام داود ; كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه ، وكان يصوم يوما ويفطر يوما ولا يفر إذا لاقى".
وقد وهبه الله تعالى صوتا شجيا نديا فكان إذا قرأ الزبور وسبح الرحمن سبح معه كل شيء فكانت تردد معه الجبال والطير فضلا من الله نعمة قال سبحانه: ولقد آتينا داود منا فضلا يا جبال أوبي معه والطير [سبأ: 10].
وقد أخبر الله تعالى عن أنه فتن داود عليه السلام وأنه أناب وتاب، وقد ذكر حول هذا الأمر العديد من القصص والإسرائيليات ولا ينبغي أن يلتفت إليها وإنما يقتصر على ما في كتاب الله تعالى من البيان فقد قال عز من قائل: وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب إذ دخلوا على داود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب [ص: 21 - 25].
ومن مأثوراته عليه السلام ما روى الحافظ ابن عساكر في ترجمة داود، عليه السلام قال: «كن لليتيم كالأب الرحيم، واعلم أنك كما تزرع كذلك تحصد». وقوله: «ما أقبح الفقر بعد الغنى، وأقبح من ذلك الضلالة بعد الهدى».
وقد كان في زمانه صلى الله عليه وسلم البدء في بناء بيت المقدس، وذلك أن الناس كان قد أصابهم في زمان داود طاعون جارف، فخرج بهم إلى موضع بيت المقدس ، وكان يرى الملائكة تعرج منه إلى السماء ، فلهذا قصده ليدعو فيه ، فلما وقف موضع الصخرة دعا الله تعالى في كشف الطاعون عنهم ، فاستجاب له ورفع الطاعون ، فاتخذوا ذلك الموضع مسجدا ، وكان الشروع في بنائه إحدى عشرة سنة مضت من ملكه ، وتوفي قبل أن يستتم بناءه.
وقد توفاه الله عن عمر مائة سنة، وقد جاء في وفاته من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كان داود النبي فيه غيرة شديدة ، وكان إذا خرج أغلقت الأبواب ، فلم يدخل على أهله أحد حتى يرجع ، قال: فخرج ذات يوم وغلقت الدار ، فأقبلت امرأته تطلع إلى الدار ، فإذا رجل قائم وسط الدار ، فقالت لمن في البيت : من أين دخل هذا الرجل والدار مغلقة ؟ والله لتفتضحن بداود . فجاء داود ، فإذا الرجل قائم وسط الدار ، فقال له داود : من أنت ؟ قال : أنا الذي لا أهاب الملوك ولا يمتنع مني شيء ، فقال داود : أنت والله ملك الموت ، فمرحبا بأمر الله . فرمل داود مكانه حيث قبضت روحه ، حتى فرغ من شأنه، وطلعت عليه الشمس ، فقال سليمان للطير : أظلي على داود . فأظلته الطير حتى أظلمت عليهما الأرض ، فقال لها سليمان : اقبضي جناحا جناحا، قال أبو هريرة : يرينا رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف فعلت الطير . وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده.