قال الله تعالى : وورث سليمان داود وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء إن هذا لهو الفضل المبين [ النمل : 16 ] . أي : ورثه في النبوة والملك . وليس المراد وراثة المال ; لأنه قد كان له بنون غيره ، فما كان ليخص بالمال دونهم . ولأنه قد ثبت في " الصحاح " من غير وجه ، عن جماعة من الصحابة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : وفي لفظ : لا نورث ، ما تركنا فهو صدقة فأخبر الصادق المصدوق أن إنا معاشر الأنبياء لا نورث ، بل تكون أموالهم صدقة من بعدهم على الفقراء والمحاويج ، لا يخصون بها أقرباءهم ; لأن الدنيا كانت أهون عليهم وأحقر عندهم من ذلك ، كما هي عند الذي أرسلهم واصطفاهم وفضلهم . وقيل: لما توفي داود ملك بعده ابنه سليمان على بني إسرائيل ، وكان ابن ثلاث عشرة سنة ، وآتاه الله مع الملك النبوة ، وسأل الله أن يؤتيه ملكا لا ينبغي لأحد من بعده ، فاستجاب له وسخر له الإنس ، والجن ، والشياطين ، والطير ، والريح ، فكان إذا خرج من بيته إلى مجلسه عكفت عليه الطير وقام له الإنس والجن حتى يجلس . وقيل : إنما سخر له الريح ، والجن ، والشياطين ، والطير ، وغير ذلك بعد أن زال ملكه ، وأعاده الله سبحانه إليه. الأنبياء لا تورث أموالهم عنهم كما يورث غيرهم