الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            وقد كان له ، عليه السلام ، من أمور الملك ، واتساع الدولة ، وكثرة الجنود وتنوعها ، ما لم يكن لأحد قبله ، ولا يعطيه الله أحدا بعده ، كما قال : وأوتينا من كل شيء وقال : رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب وقد أعطاه الله ذلك بنص الصادق المصدوق . ولما ذكر تعالى ما أنعم به عليه وأسداه من النعم الكاملة العظيمة إليه ، قال : هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب أي; أعط من شئت واحرم من شئت ، فلا حساب عليك ، أي : تصرف في المال كيف شئت ; فإن الله قد سوغ لك كل ما تفعله من ذلك ولا يحاسبك على ذلك ، وهذا شأن النبي الملك بخلاف العبد الرسول ; فإن من شأنه أن لا يعطي أحدا ولا يمنع أحدا إلا بإذن الله له في ذلك .

            وقد خير نبينا محمد ، صلوات الله وسلامه عليه ، بين هذين المقامين فاختار أن يكون عبدا رسولا . وفي بعض الروايات : أنه استشار جبريل في ذلك ، فأشار إليه أن تواضع . فاختار أن يكون عبدا رسولا ، صلوات الله وسلامه عليه . وقد جعل الله الخلافة والملك من بعده في أمته إلى يوم القيامة ، فلا تزال طائفة من أمته ظاهرين حتى تقوم الساعة . فلله الحمد والمنة .

            ولما ذكر تعالى ما وهبه لنبيه سليمان ، عليه السلام ، من خير الدنيا ، نبه على ما أعده له في الآخرة من الثواب الجزيل والأجر الجميل ، والقربة التي تقربه إليه ، والفوز العظيم والإكرام بين يديه ، وذلك يوم المعاد والحساب ، حيث قال تعالى : وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية