دعاء زكريا عليه السلام
وأنه لما كفل مريم بنت عمران بن ماثان ، وكان كلما دخل عليها محرابها وجد عندها فاكهة في غير أوانها ، ولا في أوانها ، وهذه من كرامات الأولياء ، فعلم أن الرازق للشيء في غير أوانه قادر على أن يرزقه ولدا ، وإن كان قد طعن في سنه .
هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء وقوله : وإني خفت الموالي من ورائي وكانت امرأتي عاقرا قيل : المراد بالموالي العصبة ، وكأنه خاف من تصرفهم بعده في بني إسرائيل بما لا يوافق شرع الله وطاعته ، فسأل وجود ولد من صلبه يكون برا تقيا مرضيا ، ولهذا قال : فهب لي من لدنك أي : من عندك بحولك وقوتك .
الأنبياء لا تورث
وليا يرثني أي : في النبوة والحكم في بني إسرائيل . ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا يعني كما كان آباؤه وأسلافه من ذرية يعقوب أنبياء ، فاجعله مثلهم في الكرامة التي أكرمتهم بها من النبوة والوحي . وليس المراد هاهنا وراثة المال .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فهذا نص على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يورث ، ولهذا منع الصديق أن يصرف ما كان يختص به في حياته إلى أحد من وراثه الذين لولا هذا النص لصرف إليهم ، وهم : ابنته فاطمة ، وأزواجه التسع ، وعمه العباس ، رضي الله عنهم ، واحتج عليهم الصديق في منعه إياهم بهذا الحديث ، وقد وافقه على روايته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب ، وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب ، والعباس بن عبد المطلب ، وعبد الرحمن بن عوف وطلحة ، والزبير ، وأبو هريرة ، وآخرون ، رضي الله عنهم . الثاني أن الترمذي رواه بلفظ يعم سائر الأنبياء : لا نورث ، ما تركنا فهو صدقة وصححه . الثالث أن الدنيا كانت أحقر عند الأنبياء من أن يكنزوا لها أو يلتفتوا إليها أو يهمهم أمرها ، حتى يسألوا الأولاد ليحوزوها بعدهم ; فإن من لا يصل إلى قريب من منازلهم في الزهادة لا يهتم بهذا المقدار أن يسأل ولدا يكون وارثا له فيها . نحن معاشر الأنبياء لا نورث
عمل زكريا عليه السلام
الرابع ، ، كما كان داود ، عليه السلام ، يأكل من كسب يده ، والغالب - ولا سيما من مثل حال الأنبياء - أنه لا يجهد نفسه في العمل إجهادا يستفضل منه مالا يكون ذخيرة له يخلفه من بعده ، وهذا أمر بين واضح لكل من تأمله بتدبر وتفهم ، إن شاء الله . أن زكريا ، عليه السلام ، كان نجارا يعمل بيده ، ويأكل من كسبها
قال الإمام أحمد : عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : . كان زكريا نجارا