الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ذكر سبب قتل يحيى بن زكريا

            عن ابن عباس ، قال: بعث عيسى بن مريم يحيى بن زكريا في اثني عشر من الحواريين يعلمون الناس ، وكان فيما نهوهم عنه نكاح ابنة الأخ ، وكان لملكهم ابنة أخ تعجبه يريد أن يتزوجها ، وكان لها كل يوم حاجة يقضيها ، فبلغ ذلك أمها ، فقالت لها: إذا دخلت على الملك فسألك ما حاجتك ، فقولي: حاجتي أن تذبح لي يحيى ، فقالت له: فقال: سلي غير هذا ، قالت: ما أسأل غيره .

            فدعا يحيى ودعا بطست فذبحه ، فندرت قطرة من دمه على الأرض ، فلم تزل تغلي حتى بعث الله بخت نصر [ عليهم ] فجاءته عجوز من بني إسرائيل فدلته على ذلك الدم ، فألقى الله عز وجل في قلبه أن يقتل عليه حتى يسكن ، فقتل سبعين ألفا [ منهم ] فسكن .

            وعن الربيع بن أنس قال: كانت للملك ابنة شابة ، فكانت تأتي أباها فتغني عنده ، حتى إذا أرادت الرجوع ، قال لها: سلي حاجتك ؟ وأن أمها رأت يحيى قد أعطي حسنا وجمالا ، فأرادته على نفسه ، فأبى عليها ، فقالت له: إني قاتلتك أو تأتي حاجتي ، فقال: معاذ الله . فقالت لابنتها: إذا أتيت أباك الليلة فقال: سلي حاجتك ، فقولي: أسألك رأس يحيى .

            فلما جاءت وقال: سلي حاجتك ، قالت: رأس يحيى ، فقال: ارجعي إلى أمك فتأمرك بما هو خير لك من هذا . فرجعت إلى أمها فحدثتها ، فقالت: لا تسأليه إلا رأس يحيى . فلما جاءت في الليلة الثانية فغنته ، قال: سلي حاجتك ، قالت: رأس يحيى .

            فقال: ارجعي إلى أمك فتأمرك بما هو أنفع لك من هذا ، فرجعت إليها ، فقالت: لا تسأليه إلا رأس يحيى . فلما جاءت في الليلة الثالثة فغنته ، قال: سلي حاجتك ، قالت: رأس يحيى ، فقال: ارجعي إلى أمك فتأمرك بما هو أنفع لك من هذا . فرجعت إليها ، فقالت: لا تسأليه إلا رأس يحيى .

            فقال: لك ما سألت ، فرجعت إلى أمها فرحة فأخبرتها . فأرسلت إلى يحيى ، فقالت: إني [ قد ] أعطيت رأسك إن لم تأت حاجتي ، فأبى عليها ، فقالت [ له ] إني ذابحتك . فذبحته ثم ندمت ، وجعلت تنادي: ويل لها ، ويل لها . حتى ماتت ، فهي أول امرأة تدخل النار ، وأن الدم صار يغلي ولا يسكن ، وإن بخت نصر جاز عليه فسأل عنه ، فقالوا: هذا دم يحيى بن زكريا قتلته امرأة خيارهم .

            وعن أبي هريرة ، وابن عمر رضي الله عنهما: أن امرأة يقال لها: " ربة " قتلت يحيى بن زكريا ، فأتيت برأسه في طست ، فأمرت الأرض فأخذتها .

            وقال عبد الله بن عمر : وقتلت تلك المرأة في يوم سبعين نبيا ، وهي مكتوبة في التوراة: مقتلة الأنبياء ، وأنها على منبر في النار [ يسمع صراخها أقصى أهل النار ] .

            وروت فاطمة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم: " أن يحيى بن زكريا عليهما السلام مكث في بني إسرائيل أربعين سنة " . قال قتادة : قتل بدمشق .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية