وقد روي أن يأجوج ومأجوج يحفرون السد كل يوم .
وعن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال: "إن يأجوج ومأجوج ليحفرون السد كل يوم حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذي عليهم ارجعوا فستحفرونه غدا ، فيعودون إليه فيرونه أشد ما كان حتى ، إذا بلغت مدتهم وأراد الله عز وجل أن يبعثهم على الناس حفروا حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذي عليهم: ارجعوا فستحفرون غدا إن شاء الله ، فيعودون إليه وهو كهيئته حين تركوه ، فيحفرونه ويخرجون على الناس ، فينشفون المياه ، ويتحصن الناس منهم في حصونهم ، فيرمون بسهامهم نحو السماء فترجع وعليها كهيئة الدم ، فيقولون: قهرنا أهل الأرض وعلونا أهل السماء . فيبعث الله عز وجل نغفا في أقفائهم فيقتلهم بها" . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفس محمد بيده إن دواب الأرض لتسمن وتشكر من لحومهم ودمائهم" .
وعن النواس بن سمعان الكلابي ، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر يأجوج ومأجوج ، فقال: "ليستوقد المسلمون من جعابهم وثيابهم وتراسيهم وقسيهم سبع سنين" . فإن قيل : فما الجمع بين قوله تعالى : فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا [ الكهف : 97 ] . وبين الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن زينب بنت جحش أم المؤمنين ، رضي الله عنها ، قالت : وأخرجاه في " الصحيحين " عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم من نوم ، محمرا وجهه وهو يقول : لا إله إلا الله ، ويل للعرب من شر قد اقترب! فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وحلق تسعين . قلت : يا رسول الله ، أنهلك وفينا الصالحون ؟! قال : نعم ، إذا كثر الخبث فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج ، مثل هذا وعقد تسعين فالجواب : أما على قول من ذهب إلى أن هذا إشارة إلى فتح أبواب الشر والفتن ، وأن هذا استعارة محضة وضرب مثل ، فلا إشكال . وأما على قول من جعل ذلك إخبارا عن أمر محسوس ، كما هو الظاهر المتبادر ، فلا إشكال أيضا ; لأن قوله : فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا أي : في ذلك الزمان ، لأن هذه صيغة خبر ماض ، فلا ينفي وقوعه فيما يستقبل بإذن الله لهم في ذلك قدرا ، وتسليطهم عليه بالتدريج قليلا قليلا ، حتى يتم الأجل وينقضي الأمد المقدور ، فيخرجون ، كما قال الله تعالى : وهم من كل حدب ينسلون [ الأنبياء : 96 ] . ولكن الحديث الآخر أشكل من هذا ، وهو ما رواه الإمام أحمد في " مسنده " قائلا : بسنده عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : ورواه الترمذي من حديث أبي عوانة عن ، قتادة به . ثم قال : غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه . فقد أخبر في هذا الحديث أنهم كل يوم يلحسونه ، حتى كادوا ينظرون شعاع الشمس من ورائه ; لرقته ، فإن لم يكن رفع هذا الحديث محفوظا ، وإنما هو مأخوذ عن كعب الأحبار ، كما قاله بعضهم ، فقد استرحنا من المئونة ، وإن كان محفوظا فيكون محمولا على أن صنيعهم هذا يكون في آخر الزمان عند اقتراب خروجهم ، كما هو المروي عن كعب الأحبار ، أو يكون المراد بقوله : " إن يأجوج ومأجوج ليحفرون السد كل يوم ، حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذي عليهم : ارجعوا فستحفرونه غدا . فيعودون إليه كأشد ما كان ، حتى إذا بلغت مدتهم ، وأراد الله أن يبعثهم على الناس ، حفروا حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذي عليهم : ارجعوا فستحفرون غدا إن شاء الله . ويستثني ، فيعودون إليه وهو كهيئته حين تركوه ، فيحفرونه ويخرجون على الناس فينشفون المياه ، ويتحصن الناس منهم في حصونهم ، فيرمون بسهامهم إلى السماء فترجع وعليها كهيئة الدم ، فيقولون : قهرنا أهل الأرض ، وعلونا أهل السماء . فيبعث الله عليهم نغفا في أقفائهم ، فيقتلهم بها " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " والذي نفس محمد بيده ، إن دواب الأرض لتسمن شكرا من لحومهم ودمائهم " وما استطاعوا له نقبا أي : نافذا منه ، فلا ينفي أن يلحسوه ولا ينفذوه . والله أعلم . وعلى هذا فيمكن الجمع بين هذا وبين ما في " الصحيحين " عن أبي هريرة ، رضي الله عنه : . أي : فتح فتحا نافذا فيه . والله أعلم . فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وعقد تسعين