الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب


            كتاب أم الإسكندر إليه

            قال كعب الأحبار: إن أم ذي القرنين كانت حازمة عاقلة ، فلما بلغها أن ابنها قد فتح المدائن واستعبد الرجال ، ودانت له الملوك كتبت إليه .

            بسم الله الرحمن الرحيم . من روقية أم الإسكندر إلى الإسكندر الموتى له ، الضعيف الذي بقوة ربه قوي ، وبقدرته قهر ، وبعزته استعلى ، يا بني لا تدع للعجب فيك مساغا فإن ذلك يرديك ، ولا تدع للعظمة فيك مطمعا فإن ذلك يضعفك ، يا بني ذلل نفسك [للذي رفعك] .

            واعلم أنك عن قليل محول عما أنت فيه ، يا بني إياك والشح؛ فإن الشح يرديك ، ويزري بك ، وانظر هذه الكنوز التي جمعتها أن تعجل حملها إلي كلها مع رجل مفرد على فرس أجرد .

            فلما ورد عليه الكتاب جمع الناس ، فقال: انظروا فيما كتبت أمي وسألتني فيه: أن أرسل بهذه الأموال ، فقالوا: وكيف السبيل إلى حملها على فرس؟ فقال: هل عندكم غير هذا؟ قالوا: لا ، فدعا كاتبه فقال: اكتب كل مال جمعته ، فأحصه واجعله في كتاب وبين مواضعها وعدتها ، ففعل الكاتب ثم ، ختم الكتاب ، وحمل رجلا على فرس ، ثم قال له: امض بهذا الكتاب إلى أمي ، ثم قال لهم: إنما سألتني أمي أن أبعث إليها بعلم ما لي أجمع ومواضعها . قال: إن ذلك إلى اليوم معروف بالروم في بيت مملكتهم وبيوت أموالهم ، يجدون علم ذلك في أرض كذا وكورة كذا ، وموضع كذا وكذا ، ومن المال كذا وكذا ، مما كنزه الإسكندر ، وكان الله لم يجعل فيه من الحرص شيئا ، ولم يجمع الدنيا إلا ما كان يسر بمن معه فيقويهم على ذلك ، وكان مسيره ذلك رحمة للمؤمنين .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية