الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            [ ما كان يفعله العرب مع الأصنام ]

            قال ابن إسحاق : واتخذ أهل كل دار في دارهم صنما يعبدونه ، فإذا أراد الرجل منهم سفرا تمسح به حين يركب ، فكان ذلك آخر ما يصنع حين يتوجه إلى سفره ، وإذا قدم من سفره تمسح به فكان ذلك أول ما يبدأ به قبل أن يدخل على أهله فلما بعث الله رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم بالتوحيد ، قالت قريش : أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب وكانت العرب قد اتخذت مع الكعبة طواغيت وهي بيوت تعظمها كتعظيم الكعبة ، لها سدنة وحجاب ، وتهدي لها كما تهدي للكعبة ، وتطوف به كطوافها بها ، وتنحر عندها . وهى تعرف فضل الكعبة عليها ، لأنها كانت قد عرفت أنها بيت إبراهيم الخليل ومسجده . [ العزى وسدنتها ]

            فكانت لقريش وبني كنانة العزى بنخلة ، وكان سدنتها وحجابها بنو شيبان ، من سليم ، حلفاء بني هاشم .

            قال ابن هشام : حلفاء ( بني ) أبي طالب خاصة ؛ وسليم : سليم بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان . قال ابن إسحاق : فقال شاعر من العرب :


            لقد أنكحت أسماء رأس بقيرة من الأدم أهداها امرؤ من بني غنم     رأى قدعا في عينها إذ يسوقها
            إلى غبغب العزى فوسع في القسم

            وكذلك كانوا يصنعون إذا نحروا هديا قسموه في من حضرهم . والغبغب : المنحر ومهراق الدماء .

            قال ابن هشام : وهذان البيتان لأبي خراش : الهذلي ، واسمه خويلد بن مرة ، في أبيات له .

            [ معنى السدنة ]

            والسدنة : الذين يقومون بأمر الكعبة . قال رؤبة بن العجاج :

            :


            فلا ورب الآمنات القطن


            بمحبس الهدى وبيت المسدن

            وهذان البيتان في أرجوزة له ، وسأذكر حديثها إن شاء الله تعالى في موضعه . [ اللات وسدنتها ]

            قال ابن إسحاق : وكانت اللات لثقيف بالطائف ، وكان سدنتها وحجابها بنو معتب من ثقيف . قال ابن هشام : وسأذكر حديثها إن شاء الله تعالى في موضعه . [ مناة وسدنتها وهدمها ]

            قال ابن إسحاق : وكانت مناة للأوس والخزرج ، ومن دان بدينهم من أهل يثرب ، على ساحل البحر من ناحية المشلل بقديد .

            قال ابن هشام : وقال الكميت بن زيد أحد بني أسد بن خزيمة بن مدركة :

            :


            وقد آلت قبائل لا تولى     مناة ظهورها متحرفينا

            وهذا البيت في قصيدة له .

            قال ابن هشام : فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إليها أبا سفيان بن حرب فهدمها . ويقال : علي بن أبي طالب . [ ذو الخلصة وسدنته وهدمه ]

            قال ابن إسحاق : وكان ذو الخلصة لدوس وخثعم وبجيلة ، ومن كان ببلادهم من العرب بتبالة .

            قال ابن هشام : ويقال : ذو الخلصة .

            قال رجل من العرب :

            :


            لو كنت يا ذا الخلص الموتورا     مثلي وكان شيخك المقبورا
            لم تنه عن قتل العداة زورا

            قال : وكان أبوه قتل ، فأراد الطلب بثأره ، فأتى ذا الخلصة ، فاستقسم عنده بالأزلام ، فخرج السهم بنهيه عن ذلك ، فقال هذه الأبيات . ومن الناس من ينحلها امرأ القيس بن حجر الكندي . فبعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم جرير بن عبد الله البجلي فهدمه . [ فلس وسدنته وهدمه ]

            قال ابن إسحاق : وكانت فلس لطيئ ومن يليها بجبلي طيئ ، يعني سلمى وأجأ .

            قال ابن هشام : فحدثني بعض أهل العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إليها علي بن أبي طالب فهدمها ، فوجد فيها سيفين ، يقال لأحدهما : الرسوب ، وللآخر : المخذم . فأتى بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فوهبهما له ، فهما سيفا علي رضي الله عنه .

            [ رئام ]

            قال ابن إسحاق : وكان لحمير وأهل اليمن بيت بصنعاء يقال له : رئام .

            قال ابن هشام : قد ذكرت حديثه فيما مضى . [ رضاء وسدنته ]

            قال ابن إسحاق : وكانت رضاء بيتا لبني ربيعة بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم ، ولها يقول المستوغر بن ربيعة بن كعب بن سعد حين هدمها في الإسلام :

            :


            ولقد شددت على رضاء شدة     فتركتها قفرا بقاع أسحما

            قال ابن هشام : قوله :


            فتركتها قفرا بقاع أسحما

            عن رجل من بني سعد . [ ذو الكعبات وسدنته ]

            قال ابن إسحاق : وكان ذو الكعبات لبكر وتغلب ابني وائل وإياد بسنداد وله يقول أعشى بني قيس بن ثعلبة :

            :


            بين الخورنق والسدير وبارق     والبيت ذي الكعبات من سنداد

            قال ابن هشام : وهذا البيت للأسود بن يعفر النهشلي . نهشل بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم ، في قصيدة له . وأنشدنيه أبو محرز خلف الأحمر :

            :


            أهل الخورنق والسدير وبارق     والبيت ذي الشرفات من سنداد

            التالي السابق


            الخدمات العلمية