إرادة شأس بن قيس
nindex.php?page=treesubj&link=30726_31931إيقاع الفتنة بين الأوس والخزرج لما رأى كلمتهم مجتمعة
روى ابن إسحق وابن جرير وابن المنذر وغيرهما عن زيد بن أسلم مطولا ، والفريابي وابن جرير وغيرهما عن ابن عباس مختصرا ، وابن المنذر عن عكرمة ، وابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي كذلك واللفظ للأول ، قال : كان شأس بن قيس شيخا قد عسا ، عظيم الكفر ، شديد الضغن على المسلمين ، شديد الحسد لهم ، فمر على نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأوس والخزرج في مجلس قد جمعهم يتحدثون فيه ، فغاظه ما رأى من ألفتهم وجماعتهم وصلاح ذات بينهم على الإسلام ، بعد الذي كان بينهم من العداوة في الجاهلية . فلما أن جاء الإسلام اصطلحوا وألف الله بين قلوبهم . فقال : "لقد اجتمع ملأ بني قيلة بهذه البلاد ، لا والله ما لنا معهم إذا اجتمع ملؤهم بها من قرار" . فأمر فتى شابا من يهود كان معه فقال : "اعمد إليهم فاجلس معهم ، ثم اذكر يوم بعاث وما كان قبله ، وأنشدهم بعض ما كانوا تقاولوا فيه من الأشعار .
ففعل ، فأنشدهم بعض ما قاله أحد الحيين في حربهم ، فكأنهم دخلهم من ذلك [شيء] فقال الحي الآخرون : وقد قال شاعرنا في يوم كذا : كذا وكذا [فقال الآخرون : وقد قال شاعرنا في يوم كذا : كذا وكذا . فتكلم القوم عند ذلك ، وتنازعوا وتفاخروا ، حتى تواثب رجلان من الحيين : أوس بن قيظي [أحد بني حارثة بن الحارث] من الأوس ، وجبار بن صخر [أحد بني سلمة] من الخزرج ، فتقاولا ، ثم قال أحدهما لصاحبه : "إن شئتم رددناها الآن جذعة" . فغضب الفريقان جميعا ، وقالوا : "قد فعلنا ، موعدكم الظاهرة- والظاهرة : الحرة- السلاح السلاح" .
فخرجوا إليها . [فانضمت الأوس والخزرج بعضها إلى بعض على دعواهم التي كانوا عليها في الجاهلية] .
فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فخرج إليهم فيمن معه من المهاجرين من أصحابه حتى جاءهم
فقال :
"يا معشر المسلمين : الله الله ، أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد أن هداكم الله للإسلام وأكرمكم به ، وقطع به عنكم أمر الجاهلية ، واستنقذكم به من الكفر ، وألف به بينكم ، فترجعون إلى ما كنتم عليه كفارا" ؟
فعرف القوم أنها نزغة من الشيطان ، وكيد من عدوهم ، فألقوا السلاح من أيديهم وبكوا ، وعانق الرجال من الأوس والخزرج بعضهم بعضا ، ثم انصرفوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سامعين مطيعين ، قد أطفأ الله عنهم كيد عدوهم : عدو الله شأس بن قيس ، فأنزل الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=98قل يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله والله شهيد على ما تعملون . nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=99قل يا أهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله من آمن تبغونها عوجا وأنتم شهداء وما الله بغافل عما تعملون [آل عمران 98 ، 99] .
وأنزل الله في أوس بن قيظي ، وجبار بن صخر ، ومن كان معهما من قومهما الذين صنعوا ما صنعوا ما أدخل عليهم شأس من أمر الجاهلية :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=100يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين . nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=101وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ، ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم [آل عمران 100 ، 101]
إِرَادَةِ شَأْسِ بْنِ قَيْسٍ
nindex.php?page=treesubj&link=30726_31931إِيقَاعَ الْفِتْنَةِ بَيْنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ لَمَّا رَأَى كَلِمَتَهُمْ مُجْتَمِعَةً
رَوَى ابْنُ إِسْحَقَ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُمَا عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مُطَوَّلًا ، وَالْفِرْيَابِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ وَغَيْرُهُمَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مُخْتَصَرًا ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ عِكْرِمَةَ ، وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ السُّدِّيِّ كَذَلِكَ وَاللَّفْظُ لِلْأَوَّلِ ، قَالَ : كَانَ شَأْسُ بْنُ قَيْسٍ شَيْخًا قَدْ عَسَا ، عَظِيمَ الْكُفْرِ ، شَدِيدَ الضِّغْنِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ ، شَدِيدَ الْحَسَدِ لَهُمْ ، فَمَرَّ عَلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ فِي مَجْلِسٍ قَدْ جَمَعَهُمْ يَتَحَدَّثُونَ فِيهِ ، فَغَاظَهُ مَا رَأَى مِنْ أُلْفَتِهِمْ وَجَمَاعَتِهِمْ وَصَلَاحِ ذَاتِ بَيْنِهِمْ عَلَى الْإِسْلَامِ ، بَعْدَ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُمْ مِنَ الْعَدَاوَةِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ . فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْإِسْلَامُ اصْطَلَحُوا وَأَلَّفَ اللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ . فَقَالَ : "لَقَدِ اجْتَمَعَ مَلَأُ بَنِي قَيْلَةَ بِهَذِهِ الْبِلَادِ ، لَا وَاللَّهِ مَا لَنَا مَعَهُمْ إِذَا اجْتَمَعَ مَلَؤُهُمْ بِهَا مِنْ قَرَارٍ" . فَأَمَرَ فَتًى شَابًّا مِنْ يَهُودَ كَانَ مَعَهُ فَقَالَ : "اعْمَدْ إِلَيْهِمْ فَاجْلِسْ مَعَهُمْ ، ثُمَّ اذْكُرْ يَوْمَ بُعَاثٍ وَمَا كَانَ قَبْلَهُ ، وَأَنْشِدْهُمْ بَعْضَ مَا كَانُوا تَقَاوَلُوا فِيهِ مِنَ الْأَشْعَارِ .
فَفَعَلَ ، فَأَنْشَدَهُمْ بَعْضَ مَا قَالَهُ أَحَدُ الْحَيَّيْنِ فِي حَرْبِهِمْ ، فَكَأَنَّهُمْ دَخَلَهُمْ مِنْ ذَلِكَ [شَيْءٌ] فَقَالَ الْحَيُّ الْآخَرُونَ : وَقَدْ قَالَ شَاعِرُنَا فِي يَوْمِ كَذَا : كَذَا وَكَذَا [فَقَالَ الْآخَرُونَ : وَقَدْ قَالَ شَاعِرُنَا فِي يَوْمِ كَذَا : كَذَا وَكَذَا . فَتَكَلَّمَ الْقَوْمُ عِنْدَ ذَلِكَ ، وَتَنَازَعُوا وَتَفَاخَرُوا ، حَتَّى تَوَاثَبَ رَجُلَانِ مِنَ الْحَيَّيْنِ : أَوْسُ بْنُ قَيْظِيِّ [أَحَدُ بَنِي حَارِثَةَ بْنِ الْحَارِثِ] مِنَ الْأَوْسِ ، وَجَبَّارُ بْنُ صَخْرٍ [أَحَدُ بَنِي سَلِمَةَ] مِنَ الْخَزْرَجِ ، فَتَقَاوَلَا ، ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ : "إِنْ شِئْتُمْ رَدَدْنَاهَا الْآنَ جَذَعَةً" . فَغَضِبَ الْفَرِيقَانِ جَمِيعًا ، وَقَالُوا : "قَدْ فَعَلْنَا ، مَوْعِدُكُمُ الظَّاهِرَةُ- وَالظَّاهِرَةُ : الْحَرَّةُ- السِّلَاحَ السِّلَاحَ" .
فَخَرَجُوا إِلَيْهَا . [فَانْضَمَّتِ الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ عَلَى دَعْوَاهُمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ] .
فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ فِيمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مِنْ أَصْحَابِهِ حَتَّى جَاءَهُمْ
فَقَالَ :
"يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ : اللَّهَ اللَّهَ ، أَبِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ بَعْدَ أَنْ هَدَاكُمُ اللَّهُ لِلْإِسْلَامِ وَأَكْرَمَكُمْ بِهِ ، وَقَطَعَ بِهِ عَنْكُمْ أَمْرَ الْجَاهِلِيَّةِ ، وَاسْتَنْقَذَكُمْ بِهِ مِنَ الْكُفْرِ ، وَأَلَّفَ بِهِ بَيْنَكُمْ ، فَتَرْجِعُونَ إِلَى مَا كُنْتُمْ عَلَيْهِ كُفَّارًا" ؟
فَعَرَفَ الْقَوْمُ أَنَّهَا نَزْغَةٌ مِنَ الشَّيْطَانِ ، وَكَيْدٌ مِنْ عَدُوِّهِمْ ، فَأَلْقَوُا السِّلَاحَ مِنْ أَيْدِيهِمْ وَبَكَوْا ، وَعَانَقَ الرِّجَالُ مِنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ، ثُمَّ انْصَرَفُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَامِعِينَ مُطِيعِينَ ، قَدْ أَطْفَأَ اللَّهُ عَنْهُمْ كَيْدَ عَدُوِّهِمْ : عَدُوِّ اللَّهِ شَأْسِ بْنِ قَيْسٍ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=98قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ . nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=99قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللَّهِ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ [آلِ عِمْرَانَ 98 ، 99] .
وَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي أَوْسِ بْنِ قَيْظِيٍّ ، وَجَبَّارِ بْنِ صَخْرٍ ، وَمَنْ كَانَ مَعَهُمَا مِنْ قَوْمِهِمَا الَّذِينَ صَنَعُوا مَا صَنَعُوا مَا أَدْخَلَ عَلَيْهِمْ شَأْسٌ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=100يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ . nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=101وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ ، وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [آلِ عِمْرَانَ 100 ، 101]