[ ] اجتماعهم على طرح الصخرة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني النضير يستعينهم في دية العامريين اللذين قتل عمرو بن أمية الضمري . للعهد الذي كان صلى الله عليه وسلم أعطاهما ، وكان بين بني النضير وبين بني عامر عهد وحلف ومعه جماعة من أصحابه فيهم أبو بكر وعمر وعلي ، فقالوا : نعم نعينك على ما أحببت ، فلما خلا بعضهم ببعض وسول لهم الشيطان الشقاء الذي كتب عليهم ، فتآمروا بقتله صلى الله عليه وسلم ، فقال حيي بن أخطب : يا معشر يهود قد جاءكم محمد في نفر من أصحابه لا يبلغون عشرة- ومعه أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، والزبير ، وطلحة ، وسعد بن معاذ ، وأسيد بن الحضير ، وسعد بن عبادة - فاطرحوا عليه حجارة من فوق هذا البيت الذي هو تحته فاقتلوه ، ولن تجدوه أخلى منه الساعة ، فإنه إن قتل تفرق عنه أصحابه ، فلحق من كان معه [من قريش] بحرمهم ، وبقي من كان ها هنا من الأوس والخزرج ، فما كنتم تريدون أن تصنعوا يوما من الدهر فمن الآن ، فقال عمرو بن جحاش- بفتح الجيم وتشديد الحاء المهملة وآخره شين معجمة- النضري : إذا أظهر على البيت فأطرح عليه صخرة ، قال سلام بن مشكم : يا قوم أطيعوني هذه المرة وخالفوني الدهر ، والله لئن فعلتم ليخبرن بأنا قد غدرنا به ، وإن هذا نقض للعهد الذي بيننا وبينه ، فلا تفعلوا ، وهيأ عمرو بن جحاش الصخرة ليرسلها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويدحرجها ، فلما أشرف بها جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر من السماء بما هموا به ، فنهض رسول الله صلى الله عليه وسلم سريعا ، كأنه يريد حاجة ، وتوجه نحو المدينة ، وجلس أصحابه يتحدثون وهم يظنون أنه قام يقضي حاجة .
وروى عبد بن حميد عن عكرمة ، قال : فبينما اليهود على ذلك إذ جاء جاء من اليهود من المدينة فلما رأى أصحابه يأتمرون بأمر النبي صلى الله عليه وسلم ، قال لهم : ما تريدون ؟ قالوا : نريد أن نقتل محمدا ونأخذ أصحابه ، فقال لهم : وأين محمد ؟ قالوا : هذا محمد قريب ، فقال لهم صاحبهم : والله لقد تركت محمدا داخل المدينة ، فسقط في أيديهم . واستبطأ الصحابة الذين كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم النبي صلى الله عليه وسلم ، وراث عليهم خبره ، فلما يئسوا من ذلك قال أبو بكر : ما
مقامنا ها هنا بشيء ، لقد توجه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمر ، فقاموا في طلبه ، فقال حيي بن أخطب :
لقد عجل أبو القاسم ، كنا نريد أن نقضي حاجته ونقريه ، وندمت يهود على ما صنعوا . فقال لهم كنانة بن صويراء : «هل تدرون لم قام محمد ؟ » قالوا : لا والله ما ندري ، وما تدري أنت ؟ ! قال :
بلى والتوراة إني لأدري ، قد أخبر محمد بما هممتم به من الغدر ، فلا تخدعوا أنفسكم ، والله إنه لرسول الله ، وما قام إلا أنه أخبر بما هممتم به من الغدر ، وإنه لآخر الأنبياء ، وكنتم تطمعون أن يكون من بني هارون ، فجعله الله حيث شاء . وإن كتبنا والذي درسنا في التوراة التي لم تغير ، ولم تبدل : أن مولده بمكة ، وأن دار هجرته يثرب ، وصفته بعينها ما تخالف حرفا مما في كتابنا ، وما يأتيكم به أولى في محاربته إياكم ، ولكأني أنظر إليكم ظاعنين يتضاغى صبيانكم قد تركتم دوركم خلوفا وأموالكم ، وإنما هي شرفكم ، فأطيعوني في خصلتين ، والثالثة لا خير فيها» . قالوا : ما هما ؟ قال : «تسلمون وتدخلون مع محمد ، فتأمنون على أموالكم وأولادكم ، وتكونون من علية أصحابه ، وتبقى بأيديكم أموالكم ، ولا تخرجون من دياركم» ، قالوا : لا نفارق التوراة وعهد موسى . قال : «فإنه مرسل إليكم : اخرجوا من بلدي فقولوا : نعم ، فإنه لا يستحل لكم دما ولا مالا ، وتبقى أموالكم لكم ، إن شئتم بعتم ، وإن شئتم أمسكتم» ، قالوا : أما هذا فنعم . قال سلام بن مشكم : «قد كنت لما صنعتم كارها ، وهو مرسل إلينا أن اخرجوا من داري ، فلا تعقب يا حيي كلامه ، وأنعم له بالخروج ، واخرج من بلاده» . قال : افعل ، أنا أخرج .
فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة تبعه أصحابه ، فلقوا رجلا خارجا من المدينة ، فسألوه : هل لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : نعم ، لقيته بالجسر داخلا .
فأنزل الله تعالى فيه ، وفيما أراد هو وقومه : يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم واتقوا الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون