الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            [ تنازع اليهود والنصارى عند الرسول صلى الله عليه وسلم ]

            قال ابن إسحاق : ولما قدم أهل نجران من النصارى على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتتهم أحبار يهود ، فتنازعوا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال رافع بن حريملة : ما أنتم على شيء ، وكفر بعيسى وبالإنجيل ، فقال رجل من أهل نجران من النصارى لليهود : ما أنتم على شيء ، وجحد نبوة موسى وكفر بالتوراة فأنزل الله تعالى في ذلك من قولهم : وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء وهم يتلون الكتاب كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون

            أي كل يتلو في كتابه تصديق ما كفر به ، أي يكفر اليهود بعيسى ، وعندهم التوراة فيها ما أخذ الله عليهم على لسان موسى - عليه السلام - بالتصديق بعيسى - عليه السلام - وفي الإنجيل ما جاء به عيسى - عليه السلام - من تصديق موسى - عليه السلام - وما جاء به من التوراة من عند الله ، وكل يكفر بما في يد صاحبه . محاجة أهل نجران ويهود المدينة في إبراهيم وما نزل في ذلك من الآيات

            وقال أحبار يهود ونصارى نجران ، حين اجتمعوا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتنازعوا ، فقالت الأحبار : ما كان إبراهيم إلا يهوديا ، وقالت النصارى من أهل نجران : ما كان إبراهيم إلا نصرانيا . فأنزل الله - عز وجل - فيهم : يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم والله يعلم وأنتم لا تعلمون ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين

            وقال أبو رافع القرظي حين اجتمعت الأحبار من يهود ، والنصارى من أهل نجران عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ودعاهم إلى الإسلام : أتريد منا يا محمد أن نعبدك كما تعبد النصارى عيسى ابن مريم ؟ وقال رجل من أهل نجران نصراني ، يقال له : الربيس ، ( ويروى : الريس ، والرئيس ) : أوذاك تريد منا يا محمد وإليه تدعونا ؟ أو كما قال . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : معاذ الله أن أعبد غير الله أو آمر بعبادة غيره ، فما بذلك بعثني الله ، ولا أمرني ؛ أو كما قال . مريم ؟ وقال رجل من أهل نجران نصراني ، يقال له : الربيس ، ( ويروى : الريس ، والرئيس ) : أوذاك تريد منا يا محمد وإليه تدعونا ؟ أو كما قال . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : معاذ الله أن أعبد غير الله أو آمر بعبادة غيره ، فما بذلك بعثني الله ، ولا أمرني أو كما قال .

            فأنزل الله تعالى في ذلك من قولهما : ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون إلى قوله تعالى : بعد إذ أنتم مسلمون


            قال ابن إسحاق : ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون

            ثم ذكر ما أخذ عليهم وعلى آبائهم من الميثاق بتصديقه ، وإقرارهم به على أنفسهم ، فقال : ( وإذ أخذ الله ميثاق النبيين ) إلى قوله : ( من الشاهدين ) [ جحودهم نبوة عيسى عليه السلام ]

            قال ابن إسحاق : وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم نفر منهم : أبو ياسر بن أخطب ، ونافع بن أبي نافع ، وعازر بن أبي عازر ، وخالد ، وزيد ، وإزار بن أبي إزار ، وأشيع ، فسألوه عمن يؤمن به من الرسل ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون فلما ذكر عيسى ابن مريم جحدوا نبوته ، وقالوا : لا نؤمن بعيسى ابن مريم ولا بمن آمن به . فأنزل الله تعالى فيهم : قل يا أهل الكتاب هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل من قبل وأن أكثركم فاسقون

            التالي السابق


            الخدمات العلمية