الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            وكان الذي هاج هذه الوقعة وغيرها من الحروب بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين المشركين قتل عمرو بن الحضرمي . فتحين رسول الله صلى الله عليه وسلم انصراف العير التي طلبها بذي العشيرة ، فبعث طلحة ، وسعيد بن زيد يتحسسان خبرها ، فلما رجعا وجدا النبي صلى الله عليه وسلم قد خرج ، وكان قد ندب أصحابه وأخبرهم بما مع أبي سفيان من المال مع قلة عدده. قال ابن إسحاق ، رحمه الله ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع بأبي سفيان صخر بن حرب مقبلا من الشام في عير لقريش عظيمة ، فيها أموال وتجارة ، وفيها ثلاثون رجلا أو أربعون ، منهم مخرمة بن نوفل ، وعمرو بن العاص .

            قال موسى بن عقبة ، عن الزهري : كان ذلك بعد مقتل ابن الحضرمي بشهرين .

            قال : وكان في العير ألف بعير ، تحمل أموال قريش بأسرها إلا حويطب بن عبد العزى ، فلهذا تخلف عن بدر .

            قال ابن إسحاق : فحدثني محمد بن مسلم بن شهاب ، وعاصم بن عمر بن قتادة ، وعبد الله بن أبي بكر ويزيد بن رومان ، عن عروة بن الزبير ، وغيرهم من علمائنا ، عن ابن عباس ، كل قد حدثني بعض الحديث ، فاجتمع حديثهم فيما سقت من حديث بدر ، قالوا : لما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي سفيان مقبلا من الشام ، ندب المسلمين إليهم وقال : " هذه عير قريش فيها أموالهم فاخرجوا إليها لعل الله ينفلكموها " فانتدب الناس فخف بعضهم وثقل بعض ، وذلك أنهم لم يظنوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يلقى حربا ، وكان أبو سفيان ، حين دنا من الحجاز ، يتحسس الأخبار ، ويسأل من لقي من الركبان ، تخوفا على أموال الناس ، حتى أصاب خبرا من بعض الركبان ؛ أن محمدا قد استنفر أصحابه لك ولعيرك ، فحذر عند ذلك ، فاستأجر ضمضم بن عمرو الغفاري ، فبعثه إلى مكة ، وأمره أن يأتي قريشا فيستنفرهم إلى أموالهم ، ويخبرهم أن محمدا قد عرض لها في أصحابه ، فخرج ضمضم بن عمرو سريعا إلى مكة .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية