خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة في رمضان . قال ابن سعد : يوم السبت لاثنتي عشرة ليلة خلت ، وقال ابن هشام : لثمان ليال خلون من شهر رمضان ، وضرب عسكره ببئر أبي عنبة -بكسر العين وفتح النون بلفظ اسم المأكول- وهي على ميل من المدينة . فعرض أصحابه ، ورد من استصغر منهم ، فرد عبد الله بن عمر ، وأسامة بن زيد ، ورافع بن خديج ، والبراء بن عازب ، وأسيد بن حضير ، وزيد بن أرقم ، وزيد بن ثابت ، وعمير بن أبي وقاص ، فقال : ارجع ، فبكى فأجازه ، فقتل ببدر وهو ابن ست عشرة سنة ، وأمر أصحابه أن يستقوا من بئر السقيا ، وشرب من مائها ، وصلى عند بيوت السقيا ، ودعا يومئذ للمدينة فقال : اللهم إن إبراهيم عبدك وخليلك ونبيك دعاك لأهل مكة ، وإني محمد عبدك ونبيك أدعوك لأهل المدينة ، أن تبارك لهم في صاعهم ومدهم وثمارهم ، اللهم حبب إلينا المدينة ، واجعل ما بها من الوباء بخم ، اللهم إني حرمت ما بين لابتيها كما حرم إبراهيم خليلك مكة .
وكان خبيب بن إساف ذا بأس ونجدة ولم يكن أسلم ، ولكنه خرج منجدا لقومه من الخزرج طالبا للغنيمة ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يصحبنا إلا من كان على ديننا ، فأسلم وأبلى بلاء حسنا ، وراح عشية الأحد من بيوت السقيا .
وقال صلى الله عليه وسلم حين فصل منها : اللهم إنهم حفاة فاحملهم ، وعراة فاكسهم ، وجياع فأشبعهم ، وعالة فأغنهم من فضلك . واستعمل عمرو بن أم مكتوم - ويقال اسمه : عبد الله بن أم مكتوم أخا بني عامر بن لؤي ، على الصلاة بالناس ، ثم رد أبا لبابة من الروحاء ، واستعمله على المدينة .
[ صاحب اللواء ]
قال ابن إسحاق : ودفع اللواء إلى مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار قال ابن هشام : وكان أبيض . قال ابن سعد : كان لواء المهاجرين مع مصعب بن عمير ، ولواء الخزرج مع الحباب بن المنذر ، ولواء الأوس مع سعد بن معاذ ، وجزم بذلك في الهدي .
قال أبو الفتح : والمعروف أن سعد بن معاذ كان يومئذ على حرس رسول الله صلى الله عليه وسلم في العريش ، وأن لواء المهاجرين كان بيد علي . قلت : العريش كان ببدر ، والذي ذكره ابن سعد كان في الطريق .