فلما فرغت بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم من جهازها قدم لها حموها كنانة بن الربيع أخو زوجها بعيرا ، فركبته ، وأخذ قوسه وكنانته ، ثم خرج بها نهارا يقود بها ، وهي في هودج لها . وتحدث بذلك رجال من قريش ، فخرجوا في طلبها حتى أدركوها بذي طوى ، فكان أول من سبق إليها هبار بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى ، والفهري ، فروعها هبار بالرمح وهي في هودجها ، وكانت المرأة حاملا - فيما يزعمون - فلما ريعت طرحت ذا بطنها ، وبرك حموها كنانة ، ونثر كنانته ، ثم قال : والله لا يدنو مني رجل إلا وضعت فيه سهما ، فتكركر الناس عنه .
وأتى أبو سفيان في جلة من قريش فقال : أيها الرجل ، كف عنا نبلك حتى نكلمك ، فكف ، فأقبل أبو سفيان حتى وقف عليه ، فقال : إنك لم تصب ، خرجت بالمرأة على رءوس الناس علانية ، وقد عرفت مصيبتنا ونكبتنا ، وما دخل علينا من محمد ، فيظن الناس إذا خرجت بابنته إليه علانية على رءوس الناس من بين أظهرنا ، أن ذلك عن ذل أصابنا عن مصيبتنا التي كانت ، وأن ذلك منا ضعف ووهن ، ولعمري ما لنا بحبسها عن أبيها من حاجة ، وما لنا في ذلك من ثورة ، ولكن ارجع بالمرأة ، حتى إذا هدأت الأصوات ، وتحدث الناس أن قد رددناها ، فسلها سرا ، وألحقها بأبيها ؛ قال : ففعل . فأقامت ليالي ، حتى إذا هدأت الأصوات خرج بها ليلا حتى أسلمها إلى زيد بن حارثة وصاحبه ، فقدما بها على رسول الله صلى الله عليه وسلم . [ ] شعر لأبي خيثمة فيما حدث لزينب
قال ابن إسحاق : فقال عبد الله بن رواحة ، أو أبو خيثمة ، أخو بني سالم ابن عوف ، في الذي كان من أمر زينب - قال ابن هشام : هي لأبي خيثمة :
:
أتاني الذي لا يقدر الناس قدره لزينب فيهم من عقوق ومأثم وإخراجها لم يخز فيها محمد
على مأقط وبيننا عطر منشم وأمسى أبو سفيان من حلف ضمضم
ومن حربنا في رغم أنف ومندم قرنا ابنه عمرا ومولى يمينه
بذي حلق جلد الصلاصل محكم فأقسمت لا تنفك منا كتائب
سراة خميس في لهام مسوم نزوع قريش الكفر حتى نعلها
بخاطمة فوق الأنوف بميسم ننزلهم أكناف نجد ونخلة
وإن يتهموا بالخيل والرجل نتهم يد الدهر حتى لا يعوج سربنا
ونلحقهم آثار عاد وجرهم ويندم قوم لم يطيعوا محمدا
على أمرهم وأي حين تندم فأبلغ أبا سفيان إما لقيته
لئن أنت لم تخلص سجودا وتسلم فأبشر بخزي في الحياة معجل
وسربال قار خالدا في جهنم
ولما انصرف الذين خرجوا إلى زينب لقيتهم هند بنت عتبة ، فقالت لهم :
:
أفي السلم أعيار جفاء وغلظة وفي الحرب أشباه النساء العوارك
:
عجبت لهبار وأوباش قومه يريدون إخفاري ببنت محمد
ولست أبالي ما حييت عديدهم وما استجمعت قبضا يدي بالمهند