الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            إسلام أبي العاص بن الربيع  

            [ استيلاء المسلمين على تجارة معه وإجارة زينب له ]

            قال ابن إسحاق : وأقام أبو العاص بمكة ، وأقامت زينب عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة ، حين فرق بينهما الإسلام ، حتى إذا كان قبيل الفتح ، خرج أبو العاص تاجرا إلى الشام ، وكان رجلا مأمونا ، بمال له وأموال لرجال من قريش ، أبضعوها معه ، فلما فرغ من تجارته وأقبل قافلا ، لقيته سرية لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأصابوا ما معه ، وأعجزهم هاربا ، فلما قدمت السرية بما أصابوا من ماله ، أقبل أبو العاص تحت الليل حتى دخل على زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاستجار بها ، فأجارته ، وجاء في طلب ماله ، فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصبح - كما حدثني يزيد بن رومان فكبر وكبر الناس معه ، صرخت زينب من صفة النساء : أيها الناس ، إني قد أجرت أبا العاص بن الربيع .

            قال : فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة أقبل على الناس ، فقال : أيها الناس ، هل سمعتم ما سمعت ؟ قالوا : نعم ، قال : أما والذي نفس محمد بيده ما علمت بشيء من ذلك حتى سمعت ما سمعتم ، إنه يجير على المسلمين أدناهم . ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فدخل على ابنته ، فقال : أي بنية ، أكرمي مثواه ، ولا يخلصن إليك ، فإنك لا تحلين له
            . [ المسلمون يردون عليه ماله ثم يسلم   ]

            قال ابن إسحاق : وحدثني عبد الله بن أبي بكر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى السرية الذين أصابوا مال أبي العاص ، فقال لهم : إن هذا الرجل منا حيث قد علمتم ، وقد أصبتم له مالا ، فإن تحسنوا وتردوا عليه الذي له ، فإنا نحب ذلك ، وإن أبيتم فهو فيء الله الذي أفاء عليكم ، فأنتم أحق به ، فقالوا : يا رسول الله ، بل نرده عليه ، فردوه عليه ، حتى إن الرجل ليأتي بالدلو ، ويأتي الرجل بالشنة وبالإداوة ، حتى إن أحدهم ليأتي بالشظاظ ، حتى ردوا عليه ماله بأسره ، لا يفقد منه شيئا

            ثم احتمل إلى مكة ، فأدى إلى كل ذي مال من قريش ماله ، ومن كان أبضع معه ، ثم قال : يا معشر قريش ، هل بقي لأحد منكم عندي مال لم يأخذه ؛ قالوا : لا . فجزاك الله خيرا ، فقد وجدناك وفيا كريما قال : فأنا أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله ، والله ما منعني من الإسلام عنده إلا تخوف أن تظنوا أني إنما أردت أن آكل أموالكم ، فلما أداها الله إليكم وفرغت منها أسلمت . ثم خرج حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم .

            [ زوجته ترد إليه ]

            قال ابن إسحاق : وحدثني داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس قال : رد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب على النكاح الأول لم يحدث شيئا ( بعد ست سنين ) . فصل في حكمه صلى الله عليه وسلم في الزوجين يسلم أحدهما قبل الآخر

             قال ابن عباس رضي الله عنهما : ( رد رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب ابنته على أبي العاص بن الربيع بالنكاح الأول ولم يحدث شيئا ) رواه أحمد وأبو داود والترمذي . وفي لفظ : ( بعد ست سنين ولم يحدث نكاحا ) ، قال الترمذي : ليس بإسناده بأس ، وفي لفظ : ( وكان إسلامها قبل إسلامه بست سنين ، ولم يحدث شهادة ولا صداقا ) [ مثل من أمانة أبي العاص   ]

            قال ابن هشام : وحدثني أبو عبيدة : أن أبا العاص بن الربيع لما قدم من الشام ومعه أموال المشركين ، قيل له : هل لك أن تسلم وتأخذ هذه الأموال ، فإنها أموال المشركين ؟ فقال أبو العاص : بئس ما أبدأ به إسلامي أن أخون أمانتي

            قال ابن هشام : وحدثني عبد الوارث بن سعيد التنوري ، عن داود بن أبي هند ، عن عامر الشعبي ، بنحو من حديث أبي عبيدة ، عن أبي العاص .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية