الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            قال ابن إسحاق وغيره : «فلما قتل عاصم أرادت هذيل أخذ رأسه ليبيعوه من سلافة بنت سعد [بن شهيد] ، وأسلمت بعد ذلك ، وكانت قد نذرت حين قتل ابنيها مسافع والجلاس ابني طلحة بن أبي طلحة العبدري ، وكان عاصم قتلهما يوم أحد ، لئن قدرت على رأس عاصم لتشربن الخمر في قحفه ، وجعلت لمن جاء به مائة ناقة ، فمنعته الدبر . وفي حديث أبي هريرة في الصحيح : «وبعثت قريش إلى عاصم ليؤتوا بشيء من جسده يعرفونه ، وكان عاصم قتل عظيما من عظمائهم يوم بدر» ، قال الحافظ : «لعله عقبة بن أبي معيط؛ فإن عاصما قتله صبرا بإذن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بعد أن انصرفوا من بدر ، وكأن قريشا لم تشعر بما جرى لهذيل من منع الدبر لها من أخذ رأس عاصم ، فأرسلت من يأخذه أو عرفوا بذلك ورجوا أن تكون الدبر تركته فيتمكنوا من أخذه» . انتهى .

            فبعث الله عليه مثل الظلة من الدبر يطير في وجوههم ويلدغهم ، فحمته من رسلهم ، فلم يقدروا منه على شيء . انتهى . فلما حالت بينهم وبينه ، قالوا : دعوه حتى يمسي ، فتذهب عنه فنأخذه ، فبعث الله تبارك وتعالى الوادي فاحتمله فذهب به . وكان عاصم رضي الله تعالى عنه قد أعطى الله عهدا ألا يمس مشركا ولا يمسه مشرك ، فبر الله عز وجل قسمه ، فلم يروه ولا وصلوا منه إلى شيء .

            وكان عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه يقول حين بلغه خبره : «يحفظ الله تبارك وتعالى العبد المؤمن بعد وفاته كما يحفظه في حياته» .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية