الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            فلما نزلوها -بئر معونة- بعثوا حرام بن ملحان بكتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى عامر بن الطفيل ، فلما أتاه لم ينظر إلى الكتاب وعدا على حرام فقتله . وفي الصحيح عن أنس : «فتقدمهم خالي حرام بن ملحان ورجل أعرج . قال ابن هشام : اسمه كعب بن زيد ، زاد البيهقي : ورجل آخر من بني فلان . فقال لهما خالي حرام بن ملحان : «إذا تقدمكم فكونا قريبا مني فإن أمنتوني حين أبلغهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيا ، وإن قتلوني لحقتما بأصحابكما» .

            فتقدم فأمنوه ، فبينما هو يحدثهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أومأوا إلى رجل منهم ، فأتى من خلفه فطعنه فأنفذه فقال : «الله أكبر! فزت ورب الكعبة » . ثم قال : «بالدم هكذا» فنضحه على وجهه . ونجا كعب بن زيد؛ لأنه كان في جبل . واستصرخ عامر بن الطفيل عليهم ببني عامر فأبوا أن يجيبوه إلى ما دعاهم ، وقالوا : لن نخفر جوار أبي براء! وقد عقد لهم عقدا وجوارا .

            فلما أبت بنو عامر أن تنفر مع عامر بن الطفيل استصرخ عليهم قبائل من بني سليم :

            غصية ورعل وذكوان وزعب . فنفروا معه ورأسوه عليهم . فقال عامر بن الطفيل : أحلف بالله ما أقبل هذا وحده . فاتبعوا أثره حتى وجدوا القوم . فلما استبطئوا صاحبهم أقبلوا في أثرهم فلقيهم القوم . والمنذر بن عمرو معهم ، فأحاطوا بهم في رحالهم . فلما رآهم المسلمون أخذوا سيوفهم ثم قاتلوهم حتى قتلوا من عند آخرهم . وفي رواية قتادة عن أنس : فلما كانوا ببئر معونة قتلوهم وغدروا بهم . قال ابن إسحاق : «إلا كعب بن زيد أخا بني دينار بن النجار؛ فإنهم تركوه وبه رمق؛ فارتث من بين القتلى فعاش حتى قتل يوم الخندق شهيدا» وقال محمد بن عمر : وبقي المنذر بن عمرو فقالوا له : إن شئت آمناك . فقال : لن أعطي بيدي ولن أقبل لكم أمانا حتى آتي مقتل حرام [ثم برئ مني جواركم ، فآمنوه حتى أتى مصرع حرام] ثم برئوا إليه من جوارهم . ثم قاتلهم حتى قتل . فذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أعنق ليموت»

            التالي السابق


            الخدمات العلمية