الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            غزاة الغابة أو ذي قرد

            وهي على بريد من المدينة على طريق الشام في ربيع الأول . وذو قرد - بفتح القاف والراء ، وحكي الضم فيها ، وحكي ضم أوله وفتح ثانيه .

            قال الحازمي - رحمه الله - : الأول ضبط أصحاب الحديث ، والضم عن أهل اللغة ، وقال .

            البلاذري - رحمه الله - الصواب الأول . قال السهيلي : والقرد في اللغة الصوف . وقال البخاري في صحيحه في غزوة ذي قرد : كانت قبل خيبر بثلاث ، وذكرها بعد الحديبية قبل خيبر .

            قال الحافظ : ويؤيد ذلك ما رواه الإمام أحمد ومسلم من حديث إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه فذكر قصة الحديبية ، ثم قصة ذي قرد ، وقال في آخرها : فرجعنا - أي من الغزوة - إلى المدينة ، فو الله ما لبثنا بالمدينة إلا ثلاث ليال حتى خرجنا إلى خيبر .

            وأما ابن إسحاق ، ومحمد بن عمر وابن سعد فقالوا : كانت غزوة ذي قرد في سنة ست قبل الحديبية .

            قال محمد بن عمر وابن سعد في ربيع الأول .

            وقيل في جمادى الأولى .

            وقال ابن إسحاق في شعبان فيها ، فإنه قال : كانت غزوة بني لحيان في شعبان سنة ست ، فلما رجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة لم يقم إلا ليالي حتى أغار عيينة بن حصن على لقاحه - صلى الله عليه وسلم - قال ابن كثير : وما ذكره البخاري أشبه بما ذكره ابن إسحاق .

            وقال أبو العباس القرطبي - وهو شيخ صاحب التذكرة والتفسير - تبعا لأبي عمر - رحمهم الله : لا يختلف أهل السير أن غزوة ذي قرد كانت قبل الحديبية ، يكون ما وقع في حديث سلمة وهم من بعض الرواة .

            قال : ويحتمل أن يجمع بأن يقال يحتمل أن يكون - صلى الله عليه وسلم - أغزى سرية فيهم سلمة بن الأكوع إلى خيبر قبل فتحها ، فأخبر سلمة عن نفسه وعمن خرج معه ، يعني حيث قال : خرجنا إلى خيبر قال : ويؤيده أن ابن إسحاق ذكر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أغزى إليها عبد الله بن رواحة قبل فتحها مرتين . انتهى .

            قال الحافظ - رحمه الله - تعالى : وسياق الحديث يأبى هذا الجمع ، فإن فيه بعد قوله :

            خرجنا إلى خيبر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجعل عمي يرتجز بالقوم ، وفيه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - من السائق وفيه مبارزة عمه لمرحب وقتل عامر ، وغير ذلك مما وقع في غزوة خيبر حيث خرج إليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعلى هذا ما في الصحيح أصح مما ذكره أهل السير .

            قال الحافظ : ويحتمل في طريق الجمع أن تكون إغارة عيينة بن حصن على اللقاح وقعت مرتين ، الأولى التي ذكرها ابن إسحاق وهي قبل الحديبية ، والثانية بعد الحديبية قبل الخروج إلى خيبر .

            وكان رأس الذين أغاروا عبد الرحمن بن عيينة كما في سياق سلمة عند مسلم ، ويؤيده أن الحاكم ذكر في الإكليل أن الخروج إلى ذي قرد تكرر ، ففي الأولى خرج إليها زيد بن حارثة قبل أحد ، وفي الثانية خرج إليها النبي - صلى الله عليه وسلم - في ربيع الآخر سنة خمس ، والثالثة هذه المختلف فيها - انتهى . فإذا ثبت هذا قوي الجمع ، الذي ذكرته ، والله أعلم . ذكر البخاري والبيهقي هذه الغزوة بعد الحديبية وقبل خيبر ، وهو أشبه مما ذكره ابن إسحاق والله أعلم . فينبغي تأخيرها إلى أوائل سنة سبع من الهجرة ، فإن خيبر كانت في صفر منها .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية