خروج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لطلب العدو
قال محمد بن عمر ، وابن سعد :
خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غداة الأربعاء راكبا مقنعا في الحديد .
قال ابن هشام : واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم .
قال : وخلف سعد بن عبادة - رضي الله عنه - في ثلاثمائة من قومه يحرسون المدينة .
قال ابن إسحاق : ولما مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون بحبيب مسجى ببرد أبي قتادة استرجعوا ، وقالوا : قتل أبو قتادة ، . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «ليس بأبي قتادة ، ولكنه قتيل لأبي قتادة ، وضع عليه برده لتعرفوا أنه صاحبه»
قال ابن سعد قال سلمة لحقنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والخيول عشاء قال أبو قتادة - رضي الله عنه - في حديثه السابق :
فقال رجل من أصحابه : يا رسول الله!! قد عرقبت فرس أبي قتادة ، قال : فوقف عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم فقال :
«ويح أمك ، رب عدو لك في الحرب» مرتين . ثم أقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه حتى إذا انتهوا إلى الموضع الذي تعالجنا فيه إذا هم بأبي قتادة - فيما يرون مسجى في ثيابه ، فقال رجل من الصحابة : يا رسول الله ، قد استشهد أبو قتادة ، قال ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : «رحم الله أبا قتادة ، والذي أكرمني بما أكرمني به أن أبا قتادة على آثار القوم يرتجز» . فدخلهم الشيطان أنهم ينظرون إلى فرسي قد عرقبت ، وينظرون إليه مسجى عليه ثيابي .
قال : فخرج عمر بن الخطاب وأبو بكر - رضي الله عنهما - يسعيان حتى كشف الثوب ، فإذا وجه مسعدة ، فقالا : الله أكبر ، صدق الله ورسوله ، مسعدة يا رسول الله . فكبر الناس ، ولم ينشب أن طلع عليهم أبو قتادة يحوش اللقاح ،
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «أفلح وجهك يا أبا قتادة ، أبو قتادة سيد الفرسان ، بارك الله فيك يا أبا قتادة» .
قال : قلت : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، سهم أصابني ، والذي أكرمك بما أكرمك ، وفي ولدك وفي ولد ولدك - وأحسب عكرمة قال وفي ولد ولد ولدك . ما هذا بوجهك يا أبا قتادة ؟ قد ظننت أني قد نزعته ، قال : «ادن مني يا أبا قتادة» قال : فدنوت منه . قال : فنزع النصل نزعا رفيقا ، ثم بزق فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ووضع راحته عليه ، فو الذي أكرم محمدا - صلى الله عليه وسلم - بالنبوة ما ضرب علي ساعة قط ، ولا قرح قط علي . وأقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن معه من أصحابه ، فلما نظر إليهم العسكر فروا قال : فلما انتهوا إلى موضع المعسكر إذا بفرس أبي قتادة قد عرقبت
وروى محمد بن عمر وابن سعد
«قتلت مسعدة» ؟ قلت : نعم ، قال : فمات أبو قتادة وهو ابن سبعين سنة وكأنه ابن خمس عشرة سنة . عن أبي قتادة قال : لما أدركني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : اللهم بارك له في شعره وبشره ، وقال : أفلح وجهك ، قلت : ووجهك يا رسول الله ، قال :
وصول الأمداد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وذهب الصريخ إلى بني عمرو بن عوف ، فجاءت الأمداد ، فلم تزل الخيل تأتي والرجال على أقدامهم والإبل ، والقوم يعتقبون البعير والحمار حتى انتهوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذي قرد قال ابن إسحاق : واستنقذوا عشر لقاح زاد - فيها جمل لأبي جهل ، وأفلت القوم بعشر .
قلت : وهذا غلط بين ، والذي في " الصحيحين " : أنهم استنقذوا اللقاح كلها ، ولفظ مسلم في " صحيحه " عن سلمة : ( ) . وكانت راية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العقاب ، يحملها سعد بن زيد ، وكان شعارهم أمت أمت . حتى ما خلق الله من شيء من لقاح رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا خلفته وراء ظهري ، واستلبت منهم ثلاثين بردة
وصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ صلاة الخوف ،
وقال سلمة : ولحقني عمي بسطيحة فيها مذقة من لبن ، وسطيحة فيها ماء فتوضأت وشربت .
وروى ابن سعد عنه قال : لحقنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والخيول عشاء انتهى .
فجاء رجل من غطفان وقال :
نحر لهم فلان جزورا ، فلما كشطوا جلدها رأوا غبارا ، قالوا : أتاكم القوم ، فخرجوا هاربين . قال سلمة : فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو على الماء الذي أجليتهم عنه ، فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أخذ تلك الإبل ، وكل ما قد استنقذته من المشركين ، وكل رمح وبردة ، وإذا بلال نحر ناقة من الإبل التي استنقذت من القوم ، وشوى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - من سنامها وكبدها فقلت : يا رسول الله!! قد حميت القوم الماء ، وهم عطاش خلفي ، فانتخب من القوم مائة رجل فأتبع القوم فلا يبقى مخبر إلا قتلته . فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت نواجذه في ضوء النار ، وقال : «يا سلمة أتراك كنت فاعلا ؟ » قلت : نعم . والذي أكرمك . فقال : «ملكت فأسجح ، إنهم ليغبقون» وفي لفظ ليقرون في أرض غطفان» ،
تقسيم الفيء بين المسلمين قال ابن إسحاق : وقسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أصحابه في كل مائة جزورا .
وأقام - صلى الله عليه وسلم - بذي قرد يوما وليلة يتحسب الخبر .
وفي حديث سلمة أنهم كانوا خمسمائة .
قال ابن إسحاق ، ومحمد بن عمر ، وابن سعد : ويقال سبعمائة ، وبعث سعد بن عبادة - رضي الله عنه - بأحمال تمر ، وبعشر جزائر فوافت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذي قرد ،
ثم أعطاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سهم الفارس والراجل فجمعهما لي جميعا ، رجوع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ثم أردفني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وراءه على العضباء راجعين إلى المدينة ، فلما كان بينها وبينه قريب من ضحوة ، وفي القوم رجل من الأنصار كان لا يسبق ، فجعل ينادي : هل من يسابق ؟ إلي رجل يسابق إلى المدينة ، فعل ذلك مرارا ،
وأنا وراء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مردفي ، قلت له : أما تكرم كريما ، ولا تهاب شريفا ؟ قال : لا ، إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلت : يا رسول الله ، بأبي أنت وأمي خلني فلأسابق الرجل ، قال : «إن شئت» قلت : أذهب ، فطفر عن راحلته ، وثنيت رجلي ، فطفرت عن الناقة ، ثم ارتبطت عليه شرفا أو شرفين ، يعني استبقيت نفسي ، ثم عدوت حتى ألحقه ، فأصك بين كتفيه بيدي ، وقلت : سبقتك والله ، فضحك وقال : والله إن أظن ، فسبقته حتى قدمنا المدينة ، فلم نلبث إلا ثلاثا حتى خرجنا إلى خيبر . قال سلمة : فلما أصبحنا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «خير فرساننا اليوم أبو قتادة ، وخير رجالتنا سلمة» .
قال محمد بن عمر وابن سعد : ورجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة يوم الاثنين ، وقد غاب خمس ليال .
وروى الزبير بن بكار عن محمد بن إبراهيم بن الحرث التيمي قال : مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة ذي قرد على ماء يقال له بيسان ، فسأل عنه ، فقيل : اسمه يا رسول الله بيسان - وهو مالح - فقال : «بل هو نعمان وهو طيب» - وغير الله عز وجل الماء ، فاشتراه طلحة ، فتصدق به فغير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الاسم