الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            عمر ينكر على الرسول الصلح

            فلما التأم الأمر ولم يبق إلا الكتاب ، وثب عمر بن الخطاب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله ألست نبي الله حقا ؟ قال : بلى . قال : ألسنا على الحق وهم على الباطل ؟ قال : بلى ، قال : أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار ؟ قال : بلى . قال : علام نعطي الدنية في ديننا ؟ ونرجع ولم يحكم الله بيننا وبينهم ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «إني عبد الله ورسوله ولست أعصيه ولن يضيعني وهو ناصري» قال : أو ليس كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف حقا ؟ قال : «بلى ، أفأخبرتك أنك تأتيه العام ؟ قال : لا : قال : «فإنك آتيه ومطوف به» ،

            فذهب عمر إلى أبي بكر متغيظا ولم يصبر ، فقال : يا أبا بكر : أليس هذا نبي الله حقا ؟ قال : بلى . قال : ألسنا على الحق وهم على الباطل ؟

            أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار ؟ قال : بلى . قال : فعلام نعطي الدنية في ديننا ونرجع ولم يحكم الله بيننا وبينهم ؟ قال : أيها الرجل إنه رسول الله وليس يعصي ربه ، وهو ناصره فاستمسك بغرزه حتى تموت ، فو الله إنه لعلى الحق . وفي لفظ فإنه رسول الله . فقال عمر : وأنا أشهد أنه رسول الله ، قال : أو ليس كان يحدثنا أنه سنأتي البيت ونطوف به ؟ قال : بلى ، أفأخبرك أنك تأتيه العام ؟ قال : لا . قال : فإنك آتيه ومطوف به . فلقي عمر من هذه الشروط أمرا عظيما . وقال كما في الصحيح : والله ما شككت منذ أسلمت إلا يومئذ ، وجعل يرد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الكلام فقال أبو عبيدة بن الجراح - رضي الله عنه - : ألا تسمع يا ابن الخطاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ما يقول ، تعوذ بالله من الشيطان واتهم رأيك ، قال عمر :

            فجعلت أتعوذ بالله من الشيطان حياء فما أصابني شيء قط مثل ذلك اليوم وعملت بذلك أعمالا - أي صالحة - لتكفر عني ما مضى من التوقف في امتثال الأمر ابتداء كما عند ابن إسحاق وابن عمر الأسلمي . قال عمر : فما زلت أتصدق وأصوم وأصلي وأعتق من الذي صنعت يومئذ مخافة كلامي الذي تكلمت به حتى رجوت أن يكون خيرا .

            وروى البزار عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال : اتهموا الرأي على الدين فلقد رأيتني أرد أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برأيي ، وما ألوت على الحق ، قال : فرضي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبيت حتى قال : «يا عمر تراني رضيت وتأبى» .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية