وغيرها مما يذكر نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن أكل لحوم الحمر الإنسية
روى الشيخان . عن عبد الله بن أبي أوفى - رضي الله عنه - قال : أصابتنا مجاعة ليالي خيبر ، فلما كان يوم خيبر وقعنا في الحمر الإنسية ، فانتحرناها ، فلما غلت القدور ، ونادى منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أن أكفئوا القدور ، ولا تأكلوا من لحوم الحمر شيئا
رواه عثمان بن سعيد الدارمي بسند صحيح . وعن أنس - رضي الله عنه - قال : لما كان يوم خيبر ، جاء فقال : يا رسول الله ، فنيت الحمر ، فأمر أبا طلحة فنادى «إن الله ورسوله ينهاكم عن لحوم الحمر»
- رواه الدارقطني . وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم خيبر عن بيع الغنائم حتى تقسم ، وعن الحبالى أن توطأ حتى يضعن ما في بطونهن ، قال : «لا تسق زرع غيرك» ، وعن لحوم الحمر الأهلية ، وعن كل ذي ناب من السباع
رواه الإمام أحمد ، والشيخان . وعن أبي ثعلبة الخشني - رضي الله عنه - قال : غزوت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيبر ، والناس جياع ، فأصبنا بها حمرا إنسية فذبحناها ، فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمر عبد الرحمن بن عوف فنادى في الناس (أن لحوم الحمر لا تحل لمن يشهد أني رسول الله )
يعني الجوع الشديد ، ثم إن الله - تعالى - فتحها علينا . فلما أمسى الناس مساء اليوم الذي فتحت عليهم ، أوقدوا نيرانا كثيرة ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «ما هذه النيران ؟ على أي شيء توقدون ؟ » قالوا : على لحم ، قال : «على أي لحم» ؟ قالوا : لحم حمر إنسية ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «أهرقوها ، واكسروا الدنان» فقال رجل : أو نهريقوها ونغسلها ؟ قال «أو ذاك» رواه الشيخان ، والبيهقي . وعن سلمة - رضي الله عنه - قال : أتينا خيبر فحاصرناها حتى أصابتنا مخمصة شديدة :
وروى محمد بن عمر - رحمه الله - تعالى - عن شيوخه : أن عدة الحمر التي ذبحوها ، كانت عشرين أو ثلاثين ، كذا رواه على الشك . قال ابن إسحاق : وحدثني يزيد بن أبي حبيب ، عن أبي مرزوق مولى تجيب ، عن حنش الصنعاني ، قال : غزونا مع رويفع بن ثابت الأنصاري المغرب ، فافتتح قرية من قرى المغرب يقال لها جربة ، فقام فينا خطيبا ، فقال : يأيها الناس ، إني لا أقول فيكم إلا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله فينا يوم خيبر ، قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقي ماؤه زرع غيره ، يعني إتيان الحبالى من السبايا ، ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يصيب امرأة من السبي حتى يستبرئها ، ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبيع مغنما حتى يقسم ، ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يركب دابة من فيء المسلمين حتى إذا أعجفها ردها فيه ، ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يلبس ثوبا من فيء المسلمين حتى إذا أخلقه رده فيه
قال ابن إسحاق : وحدثني يزيد بن عبد الله بن قسيط ، أنه حدث عن عبادة بن الصامت ، قال : نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر عن أن نبيع أو نبتاع تبر الذهب بالذهب العين ، وتبر الفضة بالورق العين ؛ وقال : ابتاعوا تبر الذهب بالورق العين ، وتبر الفضة بالذهب العين
قال ابن إسحاق : ثم جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يتدنى الحصون والأموال . . فذكر نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم إياهم عن أكلها . وقد اعتنى البخاري بهذا الفصل ؛ فأورد النهي عنها من طرق جيدة ، وتحريمها مذهب جمهور العلماء سلفا وخلفا ، وهو مذهب الأئمة الأربعة . وقد ذهب بعض السلف - منهم ابن عباس - إلى إباحتها وتنوعت أجوبتهم عن الأحاديث الواردة في النهي عنها ، فقيل : لأنها كانت ظهرا يستعينون بها في الحمولة ، وقيل : لأنها لم تكن خمست بعد . وقيل : لأنها كانت تأكل العذرة . يعني جلالة . لحوم الحمر
والصحيح أنه نهي عنها لذاتها ؛ فإن في الأثر الصحيح أنه نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم : . إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر ؛ فإنها رجس . فأكفئوها والقدور تفور بها
قال ابن إسحاق : حدثني سلام بن كركرة ، عن عمرو بن دينار ، عن جابر بن عبد الله - ولم يشهد جابر خيبر - لحوم الخيل . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نهى الناس عن أكل لحوم الحمر أذن لهم في
وفي " صحيح البخاري " عن نافع ، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل الثوم . وقد حكى ابن حزم ، عن علي وشريك بن الحنبل ، أنهما ذهبا إلى نهى يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية وعن . والذي نقله الترمذي عنهما الكراهة . فالله أعلم . تحريم البصل والثوم النيئ
وقد تكلم الناس في الحديث الوارد في " الصحيحين " من طريق الزهري ، عن عبد الله والحسن ابني محمد بن الحنفية ، عن أبيهما ، عن أبيه علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه . هذا لفظ " الصحيحين " من طريق مالك وغيره ، عن الزهري وهو يقتضي تقييد تحريم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن نكاح المتعة يوم خيبر ، وعن لحوم الحمر الأهلية بيوم خيبر وهو مشكل من وجهين ؛ أحدهما ، أن يوم خيبر لم يكن ثم نساء يتمتعون بهن ؛ إذ قد حصل لهم الاستغناء بالسباء عن نكاح المتعة . الثاني ، أنه قد ثبت في " صحيح مسلم " عن الربيع بن سبرة بن معبد ، عن أبيه : نكاح المتعة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن لهم في المتعة زمن الفتح ، ثم لم يخرج من مكة حتى نهى عنها ، وقال : " إن الله قد حرمها إلى يوم القيامة فعلى هذا يكون قد نهى عنها ثم أذن فيها ، ثم حرمت ، فيلزم النسخ مرتين ، وهو بعيد . ومع هذا فقد نص الشافعي على أنه لا يعلم شيئا أبيح ثم حرم ، ثم أبيح ثم حرم ، غير نكاح المتعة ، وما حداه على هذا - رحمه الله - إلا اعتماده على هذين الحديثين ، كما قدمناه .
وقد حكى السهيلي وغيره ، عن بعضهم أنه ادعى أنها أبيحت ثلاث مرات ، وحرمت ثلاث مرات . وقال آخرون : أربع مرات . وهذا بعيد جدا . والله أعلم . واختلفوا ؛ أي ؟ فقيل : في خيبر . وقيل : في عمرة القضاء . وقيل : في عام الفتح . وهو الذي يظهر ، وقيل : في أوطاس . وهو قريب من الذي قبله . وقيل : في تبوك . وقيل : في حجة الوداع . رواه أبو داود . وقت أول ما حرمت
وقد حاول بعض العلماء أن يجيب عن حديث علي ، رضي الله عنه ، بأنه وقع فيه تقديم وتأخير .
وإنما المحفوظ فيه ما رواه الإمام أحمد : حدثنا سفيان ، عن الزهري ، عن الحسن وعبد الله ابني محمد عن أبيهما - وكان حسن أرضاهما في أنفسهما - قالوا : فاعتقد الراوي أن قوله : " خيبر " ظرف للمنهي عنهما ، وليس كذلك ، إنما هو ظرف للنهي عن لحوم الحمر ، فأما نكاح المتعة فلم يذكر له ظرفا ، وإنما جمعه معه ؛ لأن عليا ، رضي الله عنه ، بلغه أن ابن عباس أباح نكاح المتعة ، ولحوم الحمر الأهلية ، كما هو المشهور عنه ، فقال له أمير المؤمنين علي : إنك امرؤ تائه ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن نكاح المتعة ولحوم الحمر الأهلية يوم خيبر . فجمع له النهي ليرجع عما كان يعتقده في ذلك من الإباحة . وإلى هذا التقرير كان ميل شيخنا الحافظ أبي الحجاج المزي ، تغمده الله برحمته ، آمين . ومع هذا ما رجع ابن عباس عما كان يذهب إليه من إباحة الحمر والمتعة ، أما النهي عن الحمر فتأوله بأنها كانت حمولتهم ، وأما المتعة فإنما كان يبيحها عند الضرورة في الأسفار ، وحمل النهي على ذلك في حال الرفاهية والوجدان ، وقد تبعه على ذلك طائفة من أصحابه وأتباعهم ، ولم يزل ذلك مشهورا عن علماء الحجاز ، إلى زمن ابن جريج ، وبعده . وقد حكي عن الإمام أحمد بن حنبل رواية كمذهب ابن عباس ، وهي ضعيفة ، وحاول بعض من صنف في الخلاف نقل رواية عن الإمام أحمد بمثل ذلك ، ولا يصح أيضا . والله أعلم . أن عليا قال لابن عباس : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن نكاح المتعة ، وعن لحوم الحمر الأهلية زمن خيبر