الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            انصراف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن خيبر وتوجهه إلى وادي القرى

            ومصالحة يهود تيماء قال ابن إسحاق : فلما فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من خيبر انصرف إلى وادي القرى قال أبو هريرة : نزلناها أصيلا مع مغرب الشمس ، رواه ابن إسحاق .

            قال البلاذري : قالوا : أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منصرفه من خيبر وادي القرى فدعا أهلها إلى الإسلام ، فامتنعوا من ذلك وقاتلوا ، ففتحها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنوة ، وغنمه الله أموال أهلها ، وأصاب المسلمون منهم أثاثا ومتاعا ، فخمس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك ، وتركت الأرض ، والنخل في أيدي يهود ، وعاملهم على نحو ما عامل عليه أهل خيبر .

            قال محمد بن عمر : لما انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن خيبر ، وأتى الصهباء سلك على برمة ، حتى انتهى إلي وادي القرى ، يريد من بها من يهود ، وكان أبو هريرة - رضي الله عنه - يحدث فيقول ، - خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من خيبر إلى وادي القرى ، وكان رفاعة بن زيد بن وهب الجذامي قد وهب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم عبدا أسود يقال له مدعم - بميم مكسورة فدال ساكنة فعين مفتوحة مهملتين ، وكان يرحل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما نزلنا بوادي القرى انتهينا إلى يهود ، وقد ضوى إليها ناس من العرب ، فبينما مدعم يحط رحل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد استقبلتنا يهود بالرمي حيث نزلنا ، ولم نكن على تعبئة ، وهي يصيحون في أطامهم ،

            فيقبل سهم عائر فأصاب مدعما فقتله ، فقال الناس : هنيئا له الجنة ، فقال : رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلا والذي نفسي بيده إن الشملة التي أخذها يوم خيبر من الغنائم لم يصبها المقسم تشتعل عليه نارا» . فلما سمع الناس بذلك جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشراك أو شراكين ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «شراك من نار أو شراكان من نار»
            .

            وعبأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصحابه للقتال ، وصفهم ، ودفع لواءه إلى سعد بن عبادة ، وراية إلى الحباب بن المنذر ، وراية إلى سهل بن حنيف - بضم الحاء المهملة وفتح النون ، وسكون التحتية ، وراية إلى عباد - بتشديد الموحدة ، وبالدال المهملة - ابن بشر .

            ثم دعاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الإسلام وأخبرهم أنهم إن أسلموا أحرزوا أموالهم ، وحقنوا دماءهم ، وحسابهم على الله - تعالى .

            فبرز رجل منهم ، فبرز له الزبير بن العوام فقتله ، ثم برز آخر ، فبرز له الزبير فقتله ، ثم برز آخر ، فبرز إليه علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - فقتله ، ثم برز آخر فبرز إليه أبو دجانة فقتله ، ثم برز آخر فبرز له أبو دجانة فقتله ، حتى قتل منهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحد عشر رجلا كلما قتل رجل دعا من بقي إلى الإسلام .

            ولقد كانت الصلاة تحضر يومئذ فيصلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأصحابه ، ثم يعود فيدعوهم إلى الله ورسوله ، فقاتلهم حتى أمسوا ، وغدا عليهم فلم ترتفع الشمس حتى أعطوا بأيديهم ، وفتحها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنوة ، وغنمه الله - تعالى أموالهم ، وأصابوا أثاثا ومتاعا كثيرا ، وأقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بوادي القرى أربعة أيام ، وقسم ما أصاب على أصحابه بوادي القرى ، وترك الأرض والنخيل بأيدي يهود ، وعاملهم عليها .

            قال البلاذري : وولاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمرو بن سعيد بن العاص ، وأقطع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جمرة - بالجيم - ابن هوذة - بفتح الهاء ، والذال المعجمة - العذري رمية بسوطه من وادي القرى . فلما بلغ يهود تيماء ما وطئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر وفدك ووادي القرى ، صالحوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجزية ، وأقاموا بأيديهم أموالهم ، فلما كان عمر أخرج يهود خيبر وفدك ، ولم يخرج أهل تيماء ووادي القرى ، لأنهما داخلتان في أرض الشام ، ويرى أن ما دون وادي القرى إلى المدينة حجاز ، وما وراء ذلك من الشام . [ قسمة عمر لوادي القرى بين المسلمين ]

            قال ابن إسحاق : فحدثني عبد الله بن أبي بكر ، عن عبد الله بن مكنف ، أخي بني حارثة ، قال : لما أخرج عمر يهود من خيبر ركب في المهاجرين والأنصار وخرج معه جبار بن صخر بن أمية بن خنساء ، أخو بني سلمة ، : كان خارص أهل المدينة وحاسبهم - ويزيد بن ثابت ، وهما قسما خيبر بين أهلها ، على أصل جماعة السهمان ، التي كانت عليها

            وكان ما قسم عمر بن الخطاب من وادي القرى ، لعثمان بن عفان خطر ، ولعبد الرحمن بن عوف خطر ، ولعمر بن أبي سلمة خطر ، ولعامر بن أبي ربيعة خطر ، ولعمرو بن سراقة خطر ، ولأشيم خطر .

            قال ابن هشام : ويقال : ولأسلم ولبني جعفر خطر ، ولمعيقيب خطر ، ولعبد الله بن الأرقم خطر ، ولعبد الله وعبيد الله خطران ، ولابن عبد الله بن جحش خطر ، ولابن البكير خطر ، ولمعتمر خطر ، ولزيد بن ثابت خطر ، ولأبي بن كعب خطر ، ولمعاذ بن عفراء خطر ، ولأبي طلحة وحسن خطر ، ولجبار بن صخر خطر ، ولجابر بن عبد الله بن رئاب خطر ، ولمالك بن صعصعة وجابر بن عبد الله بن عمرو خطر ، ولابن حضير خطر ، ولابن سعد بن معاذ خطر ، ولسلامة بن سلامة خطر ، ولعبد الرحمن بن ثابت وأبي شريك خطر ، ولأبي عبس بن جبر خطر ، ولمحمد بن مسلمة خطر ، ولعبادة بن طارق خطر .

            قال ابن هشام : ويقال : لقتادة .

            قال ابن إسحاق : ولجبر بن عتيك نصف خطر ، ولابني الحارث بن قيس نصف خطر ، ولابن حزمة والضحاك خطر.

            التالي السابق


            الخدمات العلمية