وعن الميتة وبعض فتاويه وأحكامه نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن ثمن الخمر والخنزير
روى ابن أبي شيبة عن جابر - رضي الله عنه قال : فإنه يدهن بها السفن والجلود ، ويستصبح بها ؟ قال : «قاتل الله اليهود ، إن الله لما حرم عليهم شحومهما أخذوها فجمدوها ثم باعوها وأكلوا ثمنها شحوم الميتة . سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح يقول : «إن الله تعالى حرم بيع الخمر والخنازير والميتة والأصنام” فقال رجل : يا رسول الله!! ما ترى في
وروى ابن أبي شيبة عن عبد الرحمن بن الأزهر - رضي الله عنه - قال : . رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح - وأنا غلام شاب - ينزل عند منزل خالد بن الوليد ، وأتي بشارب فأمرهم فضربوه بما في أيديهم ، فمنهم من ضرب بالسوط ، وبالنعل ، وبالعصا وحثا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التراب
وروى الشيخان عن عائشة . أن هندا بنت عتبة سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الفتح قالت : يا رسول الله إن أبا سفيان رجل مسيك ، فهل من حرج أن أطعم من الذي له عيالنا ؟ فقال لها : «لا عليك أن تطعميهم بالمعروف”
وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت : كان عتبة بن أبي وقاص عهد إلى أخيه سعد أن يقبض عبد الرحمن بن وليدة زمعة ، وقال عتبة : إنه ابني ، فلما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة في الفتح رأى سعد الغلام فعرفه بالشبه فاحتضنه إليه وقال : ابن أخي ورب الكعبة ، فأقبل به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأقبل معه عبد بن زمعة ، فقال سعد بن أبي وقاص : هذا ابن أخي عهد إلي أنه ابنه ، فقال عبد بن زمعة : يا رسول الله ، هذا أخي ، هذا ابن زمعة ولد على فراشه ، فنظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى ابن وليدة زمعة فإذا هو أشبه الناس بعتبة بن أبي وقاص فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «هو” - أي الولد «لك هو أخوك يا عبد بن زمعة ، من أجل أنه ولد على فراشه ، الولد للفراش ، وللعاهر الحجر ، واحتجبي منه يا سودة ، لما رأى من شبه عتبة بن أبي وقاص بالولد .
رواه البخاري .
وعن عروة بن الزبير عن عائشة - رضي الله عنها - : ؟ !” قال أسامة : يا رسول الله استغفر لي فلما كان العشي قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطيبا فأثنى على الله - تعالى - بما هو أهله ، ثم قال : «أما بعد فإنما أهلك الناس” وفي لفظ «هلك بنو إسرائيل” وفي لفظ «الذين من قبلكم” أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف وفي لفظ الوضيع قطعوه” وفي لفظ : أقاموا عليه الحد ، والذي نفسي بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها” ثم أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتلك المرأة وفي رواية النسائي «قم يا بلال ، فخذ بيدها فاقطعها” فحسنت توبتها بعد ذلك ، وتزوجت رجلا من بني سليم ، قالت عائشة : فكانت تأتيني بعد ذلك فأرفع حاجتها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم «أتشفع في حد من حدود الله - رواه الإمام أحمد والشيخان والنسائي والبيهقي أن امرأة سرقت في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة الفتح ، فقالوا : من يكلم فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ فقيل : ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ ففزع قومها إلى أسامة بن زيد يستشفعون به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما كلمه أسامة فيها تلون وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : «أتكلمني” وفي لفظ
وفي " صحيح مسلم " من حديث سبرة بن معبد الجهني قال : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمتعة عام الفتح حين دخل مكة ، ثم لم يخرج حتى نهانا عنها
ومما وقع في هذه الغزوة ، إباحة متعة النساء ، ثم حرمها قبل خروجه من مكة ، واختلف في ، على أربعة أقوال : الوقت الذي حرمت فيه المتعة
أحدها : أنه يوم خيبر ، وهذا قول طائفة من العلماء . منهم الشافعي وغيره .
والثاني : أنه عام فتح مكة ، وهذا قول ابن عيينة وطائفة .
والثالث : أنه عام حنين ، وهذا في الحقيقة هو القول الثاني ، لاتصال غزاة حنين بالفتح .
والرابع : أنه عام حجة الوداع ، وهو وهم من بعض الرواة ، سافر فيه وهمه من فتح مكة إلى حجة الوداع ، كما سافر وهم معاوية من عمرة الجعرانة إلى حجة الوداع ، حيث قال : قصرت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمشقص على المروة في حجته ، وقد تقدم في الحج ، وسفر الوهم من زمان إلى زمان ، ومن مكان إلى مكان ، ومن واقعة إلى واقعة كثيرا ما يعرض للحفاظ فمن دونهم .
والصحيح : أن المتعة إنما حرمت عام الفتح ؛ لأنه قد ثبت في " صحيح مسلم " أنهم استمتعوا عام الفتح مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بإذنه ، ولو كان التحريم زمن خيبر ، لزم النسخ مرتين ، وهذا لا عهد بمثله في الشريعة البتة ، ولا يقع مثله فيها ، وأيضا : فإن خيبر لم يكن فيها مسلمات ، وإنما كن يهوديات ، وإباحة نساء أهل الكتاب لم تكن ثبتت بعد ، إنما أبحن بعد ذلك في سورة المائدة بقوله : ( اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ) [ المائدة : 5 ] ، وهذا متصل بقوله : ( اليوم أكملت لكم دينكم ) [ المائدة : 3 ] ، وبقوله : ( اليوم يئس الذين كفروا من دينكم ) [ المائدة : 3 ] ، وهذا كان في آخر الأمر بعد حجة الوداع أو فيها ، فلم تكن إباحة نساء أهل الكتاب ثابتة زمن خيبر ، ولا كان للمسلمين رغبة في الاستمتاع بنساء عدوهم قبل الفتح ، وبعد الفتح استرق من استرق منهن وصرن إماء للمسلمين .
فإن قيل : فما تصنعون بما ثبت في " الصحيحين " من حديث علي بن أبي طالب : " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( " أكل لحوم الحمر الإنسية ) ، وهذا صحيح صريح ؟ . نهى عن متعة النساء يوم خيبر ، وعن
قيل : هذا الحديث قد صحت روايته بلفظين هذا أحدهما . والثاني : الاقتصار على نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن نكاح المتعة ، وعن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر ، هذه رواية ابن عيينة عن الزهري . قال قاسم بن أصبغ : قال سفيان بن عيينة : يعني أنه نهى عن لحوم الحمر الأهلية زمن خيبر ، لا عن نكاح المتعة ، ذكره أبو عمر ، وفي " التمهيد " : ثم قال على هذا أكثر الناس ، انتهى ، فتوهم بعض الرواة أن يوم خيبر ظرف لتحريمهن فرواه : ، واقتصر بعضهم على رواية بعض الحديث فقال : حرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المتعة زمن خيبر ، فجاء بالغلط البين . حرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المتعة زمن خيبر والحمر الأهلية
فإن قيل : فأي فائدة في الجمع بين التحريمين إذا لم يكونا قد وقعا في وقت واحد ، وأين المتعة من تحريم الحمر ؟ قيل : هذا الحديث رواه علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - محتجا به على ابن عمه عبد الله بن عباس في المسألتين ، فإنه كان يبيح المتعة ولحوم الحمر ، فناظره علي بن أبي طالب في المسألتين ، وروى له التحريمين ، وقيد تحريم الحمر بزمن خيبر ، وأطلق تحريم المتعة ، وقال : إنك امرؤ تائه ، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حرم المتعة ، وحرم لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر ، كما قاله سفيان بن عيينة ، وعليه أكثر الناس ، فروى الأمرين محتجا عليه بهما ، لا مقيدا لهما بيوم خيبر ، والله الموفق .
ولكن هاهنا نظر آخر ، وهو أنه هل حرمها تحريم الفواحش التي لا تباح بحال ، أو حرمها عند الاستغناء عنها ، وأباحها للمضطر ؟ هذا هو الذي نظر فيه ابن عباس ، وقال : أنا أبحتها للمضطر كالميتة والدم ، فلما توسع فيها من توسع ، ولم يقف عند الضرورة ، أمسك ابن عباس عن الإفتاء بحلها ، ورجع عنه . وقد كان ابن مسعود يرى إباحتها ، ويقرأ ( ياأيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ) [ المائدة : 78] ، ففي " الصحيحين " عنه قال : ( ياأيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين ) ) [ المائدة : 78 ] . كنا نغزو مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وليس لنا نساء ، فقلنا : ألا نختصي ؟ فنهانا ، ثم رخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل ، ثم قرأ عبد الله : (
وقراءة عبد الله هذه الآية عقيب هذا الحديث يحتمل أمرين : أحدهما : الرد على من يحرمها ، وأنها لو لم تكن من الطيبات لما أباحها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
والثاني : أن يكون أراد آخر هذه الآية ، وهو الرد على من أباحها مطلقا ، وأنه معتد ، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما رخص فيها للضرورة ، وعند الحاجة في الغزو ، وعند عدم النساء ، وشدة الحاجة إلى المرأة . فمن رخص فيها في الحضر مع كثرة النساء ، وإمكان النكاح المعتاد ، فقد اعتدى ، والله لا يحب المعتدين .
فإن قيل : فكيف تصنعون بما روى مسلم في " صحيحه " من حديث جابر ، وسلمة بن الأكوع ، قالا : ، قيل : هذا كان زمن الفتح قبل التحريم ، ثم حرمها بعد ذلك ، بدليل ما رواه مسلم في " صحيحه " ، عن سلمة بن الأكوع قال : خرج علينا منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( قد أذن لكم أن تستمتعوا ) يعني : متعة النساء . وعام أوطاس : هو عام الفتح ؛ لأن غزاة أوطاس متصلة بفتح مكة . رخص لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام أوطاس في المتعة ثلاثا ، ثم نهى عنها
فإن قيل : فما تصنعون بما رواه مسلم في " صحيحه " ، عن جابر بن عبد الله ، قال : ( ) وفيما ثبت عن عمر أنه قال : ( كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الأيام على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر ، حتى نهى عنها عمر في شأن عمرو بن حريث ومتعة الحج ) متعتان كانتا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا أنهى عنهما : متعة النساء ،
قيل : الناس في هذا طائفتان ، طائفة تقول : إن عمر هو الذي حرمها ونهى عنها ، وقد أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - باتباع ما سنه الخلفاء الراشدون ، ولم تر هذه الطائفة تصحيح حديث سبرة بن معبد في تحريم المتعة عام الفتح ، فإنه من رواية عبد الملك بن الربيع بن سبرة عن أبيه عن جده ، وقد تكلم فيه ابن معين ، ولم ير البخاري إخراج حديث في " صحيحه " مع شدة الحاجة إليه ، وكونه أصلا من أصول الإسلام ، ولو صح عنده لم يصبر عن إخراجه والاحتجاج به قالوا : ولو صح حديث سبرة ، لم يخف على ابن مسعود حتى يروي أنهم فعلوها ، ، ويحتج بالآية ، وأيضا ولو صح لم يقل عمر : إنها كانت على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وأنا أنهى عنها ، وأعاقب عليها ، بل كان يقول : إنه - صلى الله عليه وسلم - حرمها ونهى عنها . قالوا : ولو صح لم تفعل على عهد الصديق ، وهو عهد خلافة النبوة حقا . والطائفة الثانية : رأت صحة حديث سبرة ، ولو لم يصح فقد صح حديث علي - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( ) فوجب حمل حديث جابر على أن الذي أخبر عنها بفعلها لم يبلغه التحريم ، ولم يكن قد اشتهر حتى كان زمن عمر رضي الله عنه ، فلما وقع فيها النزاع ظهر تحريمها واشتهر ، وبهذا تأتلف الأحاديث الواردة فيها . وبالله التوفيق . حرم متعة النساء