الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ذكر من استشهد بحنين

            أيمن بن عبيد الله بن زيد الخزرجي وابن أم أيمن ، وسراقة بن الحارث الأنصاري ، ورقيم بن ثابت بن ثعلبة بن زيد بن لوذان ، وأبو عامر الأشعري أصيب بأوطاس ، كما سيأتي في السرايا ، ويزيد بن زمعة بن الأسود جمح به فرس يقال له الجناح فقتل .

            [ مقتل أبي عامر الأشعري ]

            قال ابن إسحاق : وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في آثار من توجه قبل أوطاس أبا عامر الأشعري ، فأدرك من الناس بعض من انهزم ، فناوشوه القتال فرمي أبو عامر بسهم فقتل ، فأخذ الراية أبو موسى الأشعري ، وهو ابن عمه فقاتلهم ، ففتح الله على يديه وهزمهم . فيزعمون أن سلمة بن دريد هو الذي رمى أبا عامر الأشعري بسهم ، فأصاب ركبته ، فقتله

            قال ابن هشام : وحدثني من أثق به من أهل العلم بالشعر ، وحديثه : أن أبا عامر الأشعري لقي يوم أوطاس عشرة إخوة من المشركين ، فحمل عليه أحدهم ، فحمل عليه أبو عامر وهو يدعوه إلى الإسلام ويقول : اللهم اشهد عليه ، فقتله أبو عامر ، ثم حمل عليه آخر ، فحمل عليه أبو عامر ، وهو يدعوه إلى الإسلام ويقول : اللهم اشهد عليه ، فقتله أبو عامر : ثم جعلوا يحملون عليه رجلا رجلا ، ويحمل أبو عامر ويقول ذلك ، حتى قتل تسعة ، وبقي العاشر ، فحمل على أبي عامر ، وحمل عليه أبو عامر ، وهو يدعوه إلى الإسلام ويقول : اللهم اشهد عليه ، فقال الرجل : اللهم لا تشهد علي ، فكف عنه أبو عامر ، فأفلت ، ثم أسلم بعد فحسن إسلامه . فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رآه قال : هذا شريد أبي عامر .

            ورمى أبا عامر أخوان : العلاء وأوفى ابنا الحارث ، من بني جشم بن معاوية ، فأصاب أحدهما قلبه ، والآخر ركبته ، فقتلاه . وولي الناس أبو موسى الأشعري فحمل عليهما فقتلهما ، فقال رجل من بني جشم بن معاوية يرثيهما


            إن الرزية قتل العلاء وأوفى جميعا ولم يسندا     هما القاتلان أبا عامر
            وقد كان ذا هبة أربدا     هما تركاه لدى معرك
            كأن على عطفه مجسدا     فلم تر في الناس مثليهما
            أقل عثارا وأرمى يدا



            وفي رواية قال أبو موسى : فرمي أبو عامر في ركبته ، رماه جشمي بسهم فأثبته في ركبته . قال فانتهيت إليه ، فقلت : يا عم ، من رماك؟ فأشار إلى أبي موسى فقال : ذاك قاتلي الذي رماني . فقصدت له فلحقته ، فلما رآني ولى ، فاتبعته وجعلت أقول له : ألا تستحي؟ ألا تثبت؟ فكف ، فاختلفنا ضربتين بالسيف فقتلته ، ثم قلت لأبي عامر : قتل الله صاحبك . قال : فانزع هذا السهم . فنزعته فنزا منه الماء . قال : يا ابن أخي أقرئ رسول الله صلى الله عليه وسلم السلام ، وقل له استغفر لي . واستخلفني أبو عامر على الناس ، فمكث يسيرا ثم مات ، فرجعت فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته على سرير مرمل ، وعليه فراش قد أثر رمال السرير بظهره وجنبيه ، فأخبرته بخبرنا وخبر أبي عامر وقوله : قل له : استغفر لي . قال فدعا بماء فتوضأ ، ثم رفع يديه فقال : " اللهم اغفر لعبيد أبي عامر " . ورأيت بياض إبطيه ، ثم قال : " اللهم اجعله يوم القيامة فوق كثير من خلقك " أو " من الناس " . فقلت : ولي فاستغفر . فقال : " اللهم اغفر لعبد الله بن قيس ذنبه ، وأدخله يوم القيامة مدخلا كريما " .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية