الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ذكر قتل دريد بن الصمة

            قال ابن إسحاق ، ومحمد بن عمر ، وغيرهما : لما هزم الله - تعالى - هوازن أتوا للطائف ومعهم مالك بن عوف ، وعسكر بعضهم بأوطاس ، وتوجه بعضهم نحو نخلة بني عيرة من ثقيف ، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيلا تتبع من سلك نخلة ولم تتبع من سلك الثنايا ، وأدرك ربيعة بن رفيع بن أهبان بن ثعلبة من بني سليم دريد بن الصمة ، فأخذ بخطام جمله ، وهو يظن أنه امرأة ، وذلك أنه في شجار له ، فإذا هو رجل ، فأناخ به وهو شيخ كبير ، ابن ستين ومائة سنة ، فإذا هو دريد ولا يعرفه الغلام ، فقال له دريد : ما تريد ؟ قال : أقتلك . قال : وما تريد إلى المرتعش الكبير الفاني ؟ قال الفتى : ما أريد إلا ذاك ، قال له دريد : من أنت ؟ قال : أنا ربيعة بن رفيع السلمي ، قال : فضربه فلم يغن شيئا ، فقال دريد : بئس ما سلحتك أمك ، خذ سيفي من وراء الرحل في الشجار ، فاضرب به وارفع عن العظم واخفض عن الدماغ ، فإني كذلك كنت أقتل الرجال ، ثم إذا أتيت أمك فأخبرها أنك قتلت دريد بن الصمة ، فرب يوم قد منعت فيه نساءك .

            فزعمت بنو سليم أن ربيعة لما ضربه فوقع تكشف للموت فإذا عجانه وبطون فخذيه مثل القرطاس من ركوب الخيل ، فلما رجع ربيعة إلى أمه أخبرها بقتله إياه ، قالت : والله لقد أعتق أمهات لك ثلاثا في غداة واحدة ، وجز ناصية أبيك ، فقال الفتى : لم أشعر . قال ابن هشام : ويقال اسم الذي قتل دريدا : عبد الله بن قنيع بن أهبان بن ثعلبة بن ربيعة . قالت عمرة بنت دريد في قتل ربيعة دريدا :


            لعمرك ما خشيت على دريد

            ببطن سميرة جيش العناق     جزى عنه الإله بني سليم
            وعقتهم بما فعلوا عقاق     وأسقانا إذا قدنا إليهم
            دماء خيارهم عند التلاقي     فرب عظيمة دافعت عنهم
            وقد بلغت نفوسهم التراقي     ورب كريمة أعتقت منهم
            وأخرى قد فككت من الوثاق     ورب منوه بك من سليم
            أجبت وقد دعاك بلا رماق     فكان جزاؤنا منهم عقوقا
            وهما ماع منه مخ ساقي     عفت آثار خيلك بعد أين
            بذي بقر إلى فيف النهاق

            وقالت عمرة بنت دريد أيضا :


                قالوا قتلنا دريدا قلت قد صدقوا
            فظل دمعي على السربال ينحدر     لولا الذي قهر الأقوام كلهم
            رأت سليم وكعب كيف تأتمر     إذن لصبحهم غبا وظاهرة
            حيث استقرت نواهم جحفل ذفر

            التالي السابق


            الخدمات العلمية