قال ابن إسحاق وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حين وجه إلى حنين ، قد ضم بني سليم الضحاك بن سفيان الكلابي ، فكانوا إليه ومعه ، ولما انهزم الناس قال مالك بن عوف يرتجز بفرسه :
أقدم محاج إنه يوم نكر مثلي على مثلك يحمي ويكر إذا أضيع الصف يوما والدبر
ثم احزألت زمر بعد زمر كتائب يكل فيهن البصر
قد أطعن الطعنة تقذي بالسبر حين يذم المستكين المنجحر
وأطعن النجلاء تعوي وتهر لها من الجوف رشاش منهمر
تفهق تارات وحينا تنفجر وثعلب العامل فيها منكسر
يا زيد يا بن همهم أين تفر قد نفد الضرس وقد طال العمر
قد علم البيض الطويلات الخمر أني في أمثالها غير غمر
إذ تخرج الحاصن من تحت الستر
قال ابن إسحاق : وقال مالك بن عوف وهو يعتذر يومئذ من فراره :
منع الرقاد فما أغمض ساعة نعم بأجزاع الطريق مخضرم
سائل هوازن هل أضر عدوها وأعين غارمها إذا ما يغرم
وكتيبة لبستها بكتيبة فئتين منها حاسر وملأم
ومقدم تعيا النفوس لضيقه قدمته وشهود قومي أعلم
فوردته وتركت إخوانا له يردون غمرته وغمرته الدم
فإذا انجلت غمراته أورثنني مجد الحياة ومجد غنم يقسم
كلفتموني ذنب آل محمد والله أعلم من أعق وأظلم
وخذلتموني إذ أقاتل واحدا وخذلتموني إذ تقاتل خثعم
وإذا بنيت المجد يهدم بعضكم لا يستوي بان وآخر يهدم
وأقب مخماص الشتاء مسارع في المجد ينمي للعلى متكرم
أكرهت فيه ألة يزنية سحماء يقدمها سنان سلجم
وتركت حنته ترد وليه وتقول ليس على فلانة مقدم
ونصبت نفسي للرماح مدججا مثل الدرية تستحل وتشرم
اذكر مسيرهم للناس كلهم ومالك فوقه الرايات تختفق
ومالك مالك ما فوقه أحد يوم حنين عليه التاج يأتلق
حتى لقوا الناس حين البأس يقدمهم عليهم البيض والأبدان والدرق
فضاربوا الناس حتى لم يروا أحدا حول النبي وحتى جنه الغسق
حتى تنزل جبريل بنصرهم فالقوم منهزم منا ومعتلق
منا ولو غير جبريل يقاتلنا لمنعتنا إذا أسيافنا الغلق
وقد وفى عمر الفاروق إذ هزموا بطعنة بل منها سرجه العلق