الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            قال ابن إسحاق : وحدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي أن عبد الله بن مسعود كان يحدث قال : قمت من جوف الليل وأنا مع رسول الله في غزوة تبوك ، فرأيت شعلة من نار في ناحية العسكر ، فاتبعتها أنظر إليها . قال : فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وإذا عبد الله ذو البجادين قد مات وإذا هم ، قد حفروا له ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في حفرته وأبو بكر وعمر يدليانه إليه ، وإذا هو يقول : " أدنيا إلي أخاكما " . فدلياه إليه ، فلما هيأه لشقه قال : " اللهم إني قد أمسيت راضيا عنه فارض عنه " . قال : يقول ابن مسعود : يا ليتني كنت صاحب الحفرة .

            قال ابن هشام إنما سمي ذا البجادين ; لأنه كان يريد الإسلام ، فمنعه قومه وضيقوا عليه ، حتى خرج من بينهم وليس عليه إلا بجاد ، وهو الكساء الغليظ فشقه باثنتين ، فائتزر بواحدة وارتدى بالأخرى ، ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمي ذو البجادين .

            فائدة حول الدفن ليلا قال ابن القيم رحمه الله تعالى: جواز الدفن بالليل كما دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذا البجادين ليلا .

            وقد سئل أحمد عنه فقال : وما بأس بذلك ، وقال : أبو بكر دفن ليلا ، وعلي دفن فاطمة ليلا ، وقالت عائشة :( سمعنا صوت المساحي من آخر الليل في دفن النبي صلى الله عليه وسلم ). انتهى . ودفن عثمان وعائشة وابن مسعود ليلا

            وفي الترمذي عن ابن عباس ( أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل قبرا ليلا فأسرج له سراج فأخذه من قبل القبلة ، وقال : رحمك الله ، إن كنت لأواها تلاء للقرآن ) قال الترمذي : حديث حسن

            وفي البخاري : ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل عن رجل ، فقال : من هذا ؟ قالوا : فلان دفن البارحة ، فصلى عليه )

            فإن قيل : فما تصنعون بما رواه مسلم في " صحيحه " ( أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب يوما ، فذكر رجلا من أصحابه قبض فكفن في كفن غير طائل وقبر ليلا ، فزجر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقبر الرجل بالليل حتى يصلى عليه ، إلا أن يضطر إنسان إلى ذلك ) قال الإمام أحمد : إليه أذهب

            قيل : نقول بالحديثين بحمد الله ، ولا نرد أحدهما بالآخر ، فنكره الدفن بالليل ، بل نزجر عنه ، إلا لضرورة أو مصلحة راجحة ، كميت مات مع المسافرين بالليل ويتضررون بالإقامة به إلى النهار ، وكما إذا خيف على الميت الانفجار ونحو ذلك من الأسباب المرجحة للدفن ليلا . وبالله التوفيق.

            التالي السابق


            الخدمات العلمية