نزوله- صلى الله عليه وسلم- بذي الحليفة وبياته بها :
فسار- صلى الله عليه وسلم- حتى أتى ذا الحليفة ، وهو من وادي العقيق فنزل به ، قلت : تحت سمرة في موضع المسجد بذي الحليفة ، دون الروسة عن يمين الطريق كما في الصحيح ، عن عبد الله بن عمر ، ليجتمع إليه أصحابه ، كما ذكره محمد بن عمر الأسلمي والله تعالى أعلم .
فصلى بها العصر ركعتين ، فدل على أنه جاء الحليفة نهارا في وقت العصر ، فصلى بها العصر قصرا ، وهي من المدينة على ثلاثة أميال ، ثم صلى بها المغرب والعشاء ، وبات بها حتى أصبح فصلى بأصحابه ، وأخبرهم أنه جاءه الوحي من الليل بما يعتمده في الإحرام .
كما قال الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن آدم ثنا زهير ، عن موسى بن عقبة عن سالم بن عبد الله بن عمر عن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أتي في المعرس من ذي الحليفة ، فقيل له : إنك ببطحاء مباركة . وأخرجاه في " الصحيحين " من حديث موسى بن عقبة به .
وقال البخاري : حدثنا الحميدي ، ثنا الوليد وبشر بن بكر قالا : ثنا الأوزاعي ، ثنا يحيى ، حدثني عكرمة ، أنه سمع ابن عباس ، أنه سمع عمر يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بوادي العقيق يقول : " أتاني الليلة آت من ربي ، فقال : صل في هذا الوادي المبارك وقل : عمرة في حجة " . تفرد به دون مسلم . فالظاهر أنه أمره عليه ، الصلاة والسلام ، بالصلاة في وادي العقيق هو أمر بالإقامة به إلى أن يصلي صلاة الظهر ; لأن الأمر إنما جاءه في الليل ، وأخبرهم بعد صلاة الصبح ، فلم يبق إلا صلاة الظهر ، فأمر أن يصليها هنالك ، وأن يوقع الإحرام بعدها ، ولهذا قال : " أتاني الليلة آت من ربي عز وجل فقال : صل في هذا الوادي المبارك وقل : عمرة في حجة " . وقد احتج به على الأمر بالقران في الحج ، وهو من أقوى الأدلة على ذلك ، .
والمقصود أنه ، عليه الصلاة والسلام ، أمر بالإقامة بوادي العقيق إلى صلاة الظهر ، وقد امتثل صلوات الله وسلامه عليه ذلك ، فأقام هنالك ، وطاف على نسائه في تلك الصبيحة ، وكن تسع نسوة ، وكلهن خرج معه ولم يزل هنالك حتى صلى الظهر . قلت : وطيبته عائشة قبل طوافه عليهن تلك الليلة ، واغتسل . كما رواه مسلم- عن عائشة ، والبيهقي عنها ، قالت : طيبته بالطيب» والله تعالى أعلم .
وساق هديه مع نفسه ، قلت : كان معه- صلى الله عليه وسلم- قبل وصوله ، أنه- صلى الله عليه وسلم- دعا ببدنته ، وفي رواية : قلت : وتولى إشعار بقية الهدي وتقليده غيره ، قال : كان- صلى الله عليه وسلم- معه هدي كثير . بناقته فأشعرها في صفحة سنامها من الشق الأيمن ثم سلت الدم عنها ، وقلدها نعلين ،
قال ابن سعد : وكان على هديه ناجية بن جندب الأسلمي وكان جميع الهدي الذي ساقه من المدينة .