إن الصفا والمروة من شعائر الله أبدأ بما بدأ الله به» . ثم خرج إلى الصفا من الباب الذي يقابله ، فلما دنا منه قرأ
وفي رواية النسائي : «ابدءوا» على الأمر . ثم رقى عليه حتى إذا رأى البيت فاستقبل البيت فوحد الله- تعالى- وكبره وقال : «لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، لا إله إلا الله وحده ، أنجز وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده» ، ثم دعا بين ذلك ، قال مثل ذلك ثلاث مرات»
وقام ابن مسعود على الصدع ، وهو : الشق الذي في الصفا ، فقيل له ها هنا يا أبا عبد الرحمن ، قال : هذا والذي لا إله غيره مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة ، ثم نزل إلى المروة يمشي ، فلما انصبت قدماه في بطن الوادي سعى حتى إذا جاوز الوادي وصعد مشى. وعن جابر ، قلت : وبكونه سعى راكبا جزم ابن حزم . أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- طاف في حجة الوداع على راحلته بالبيت ، وبين الصفا والمروة ليراه الناس .
وظاهر الأحاديث عن جابر وغيره ، يقتضي أنه مشى خصوصا ، قوله فلما انصبت قدماه في الوادي رمل حتى إذا صعد مشى . وجزم ابن حزم : بأن الراكب إذا انصب به بعيره فقد انصب كله وانصبت قدماه أيضا مع سائر جسده .
قال ابن كثير وهذا بعيد جدا .
قالا : وفي الجمع بينهما وجه أحسن من هذا وهو : أنه سعى ماشيا أولا ، ثم أتم سعيه راكبا ، وقد جاء ذلك مصرحا به ، ففي صحيح مسلم ، عن أبي الطفيل ، قال أسنة هو ؟ فإن قومك يزعمون أنه سنة . قال : «صدقوا وكذبوا» ، قال : قلت : ما قولك صدقوا وكذبوا قال : إن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كثر عليه الناس يقولون : هذا محمد ، حتى خرج عليه العواتق من البيوت قال : وكان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لا يضرب الناس بين يديه ، قال : فلما كثر عليه الناس ركب ، والمشي أفضل . الطواف بين الصفا والمروة راكبا ، قلت : لابن عباس : أخبرني عن
قلت : «وفي حديث يعلى بن أمية عند الإمام أحمد . أنه رأى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- مضطبعا بين الصفا والمروة ببرد نجراني»
وروى النسائي والطبراني برجال الصحيح ، عن أم ولد شيبة بن عثمان . «أنها أبصرت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وهو يسعى بين الصفا والمروة وهو يقول : «لا يقطع الأبطح إلا شدا»
وروى البيهقي ، عن قدامة بن عمار ، قال : «رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وهو يسعى بين الصفا والمروة على بعير ، لا ضرب ، ولا طرد ، ولا إليك إليك» .
وروى عبد الله ابن الإمام أحمد ، والبزار- برجال ثقات- عن علي- رضي الله تعالى عنه- . «أنه رأى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كاشفا عن ثوبه حتى بلغ ركبتيه»
وروى الإمام أحمد ، والطبراني ، عن حبيبة بنت أبي تجراة- رضي الله تعالى عنها- قالت : وفي الكبير قال : «رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يطوف بين الصفا والمروة ، والناس بين يديه وهو وراءهم وهو يسعى ، حتى أرى ركبتيه من شدة السعي ، يدور به إزاره وهو يقول : «اسعوا فإن الله- عز وجل- كتب عليكم السعي» . «ولقد رأيته من شدة السعي يدور الإزار حول بطنه وفخذيه حتى رأيت بياض فخذيه»
قلت : وفي حديث ابن مسعود- رضي الله تعالى عنه- رواه الطبراني . أنه- صلى الله عليه وسلم- كان إذا سعى في بطن المسيل ، قال : «اللهم اغفر وارحم ، وأنت الأعز الأكرم»
وفي حديث ابن علقمة ، عن عمه . رواه الإمام أحمد وأبو داود إلا أنه قال : عن أمه والله تعالى أعلم . فصل ( في دلالة «أنه- صلى الله عليه وسلم- كان إذا جاء مكانا من دار يعلى- نسبه عبيد الله- استقبل البيت ودعا» ) من ذهب إلى أن السعي أربعة عشر والرد عليهم
قال جابر في حديث?ه : حتى إذا كان آخر طوافه عند المروة قال : " " رواه مسلم . ففيه دلالة على من ذهب إلى أن السعي بين الصفا والمروة أربعة عشر ، كل ذهاب وإياب يحسب مرة . قاله جماعة من أكابر الشافعية . وهذا الحديث رد عليهم ; لأن آخر الطواف على قولهم يكون عند الصفا لا عند المروة ; ولهذا قال أحمد في روايته في حديث جابر : إني لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي فلما كان السابع عند المروة قال : " أيها الناس إني لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي وجعلتها عمرة ، فمن لم يكن معه هدي فليحل وليجعلها عمرة " . فحل الناس كلهم . وقال مسلم : فحل الناس كلهم وقصروا إلا النبي صلى الله عليه وسلم ومن كان معه هدي