قال موسى بن عائذ رحمه الله تعالى : أخبرني الوليد بن مسلم عن عبد الله بن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة رضي الله تعالى عنه قال : ارتث زيد بن حارثة من وسط القتلى . وقال محمد بن عمر : حدثنا عبد الله بن جعفر عن عبد الله بن حسين بن حسن بن علي بن أبي طالب
فخرج بهم دليل من بني فزارة وقد نذرت بنو بدر ، فكانوا يجعلون ناظورا لهم حين يصبحون ، فينظر على جبل مشرف وجه الطريق الذي يرون أنهم يؤتون منه ، فينظر قدر مسيرة يوم ، فيقول : اسرحوا؛ فلا بأس عليكم .
فإذا أمسوا وكان العشاء أوفى على منظره ذلك فينظر مسيرة ليلة فيقول : ناموا فلا بأس عليكم هذه الليلة .
فما كان زيد بن حارثة وأصحابه على نحو مسيرة ليلة ، أخطأ بهم الطريق دليلهم فأخذ بهم طريقا أخرى حتى أمسوا وهو على خطأ ففرجوا خطاهم ، ثم صمدوا لهم في الليل حتى صبحوهم ، فأحاطوا بالحاضر ، ثم كبر وكبر أصحابه . وخرج سلمة بن الأكوع رضي الله عنه يطلب رجلا منهم حتى قتله وقد كان أمعن في طلبه . وقتل قيس بن المسحر النعمان [وعبيد الله] ابني مسعدة بن حكمة بن مالك بن بدر ، وأسر عبد الله بن مسعدة ، وأخذت جارية بنت مالك بن حذيفة بن بدر وأمها أم قرفة واسمها فاطمة بنت ربيعة بن بدر وكانت عند حذيفة بن بدر ، وهي عجوز كبيرة كانت في بيت شرف من قومها . وكانت العرب تقول : «لو كنت أعز من أم قرفة [ما زدت] لأنها كانت تعلق في بيتها خمسين سيفا كلهم لها ذو محرم .
وكان لها اثنا عشر ولدا كما في الزهر ، كنيت بابنها قرفة ، قتله النبي صلى الله عليه وسلم ، وسائر بنيها قتلوا مع طليحة في الردة فلا خير فيها ولا في بنيها . فأمر زيد بن حارثة بقتل أم قرفة لسبها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتلت قتلا عنيفا . قال : خرج زيد بن حارثة رضي الله عنهما في تجارة إلى الشام وأبضع معه جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما كان دون وادي القرى ومعه ناس من أصحابه لقيه ناس كثيرون من بني فزارة من بني بدر فضربوه وضربوا أصحابه حتى ظنوا أنهم قد قتلوا ، وأخذوا ما معهم . فقدموا المدينة ونذر زيد بن حارثة ألا يمس رأسه غسل من جنابة حتى يغزو بني فزارة . فلما استبل من جراحته بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية وقال لهم : «أكمنوا النهار وسيروا الليل» .
قال محمد بن عمر ، وابن سعد : ولما قدم زيد بن حارثة من وجهه ذلك قرع باب النبي صلى الله عليه وسلم فقام إليه عريانا يجر ثوبه حتى أعنقه وقبله فأخبره زيد بما ظفره الله تعالى به .
وقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بابنة أم قرفة وبعبد الله بن مسعدة ، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر له جمالها .
فقال : «يا سلمة هب لي المرأة لله أبوك» .
فقال : يا رسول الله جارية رجوت أن أفتدي بها امرأة منا في بني فزارة فأعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم الكلام مرتين أو ثلاثا حتى عرف سلمة أنه يريدها فوهبها له ، فوهبها النبي صلى الله عليه وسلم لخاله حزن بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن [عمران] بن مخزوم ، فولدت له [عبد الرحمن بن حزن] . ذكر ابن إسحاق ، ومحمد بن عمر ، وابن سعد ، وابن عائذ هذه السرية وأن أميرها زيد بن حارثة رضي الله عنهما وتقدم في سرية أبي بكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بها -أي الجارية التي استوهبها من ابن الأكوع- إلى مكة ففدى بها أسرى كانوا في أيدي المشركين ولم أر من تعرض لتحرير ذلك . وعمد قيس بن المحسر إلى أم قرفة - وهي عجوز كبيرة - فقتلها قتلا عنيفا ، ربط بين رجليها حبلا ثم ربطها بين بعيرين ثم زجرهما فذهبا فقطعاها . وقتل النعمان وعبيد الله ابني مسعدة بن حكمة بن مالك بن بدر] . [ ] شعر ابن المسحر في قتل مسعدة
فقال قيس بن المسحر في قتل مسعدة :
سعيت بورد مثل سعي ابن أمه وإني بورد في الحياة لثائر كررت عليه المهر لما رأيته
على بطل من آل بدر مغاور فركبت فيه قعضبيا كأنه
شهاب بمعراة يذكى لناظر