الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            غزوة ابن أبي حدرد لقتل رفاعة بن قيس الجشمي

            [ سببها ]

            قال ابن إسحاق : وغزوة بن أبي حدرد الأسلمي الغابة .

            وكان من حديثها فيما بلغني ، عمن لا أتهم ، عن ابن أبي حدرد ، قال : تزوجت امرأة من قومي ، وأصدقتها مئتي درهم ، قال : فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم أستعينه على نكاحي ؛ فقال : وكم أصدقت ؟ فقلت : مئتي درهم يا رسول الله ، قال : سبحان الله ، لو كنتم تأخذون الدراهم من بطن واد ما زدتم ، والله ما عندي ما أعينك به قال : فلبثت أياما ، وأقبل رجل من بني جشم بن معاوية ، يقال له : رفاعة بن قيس ، أو قيس بن رفاعة ، في بطن عظيم من بني جشم ، حتى نزل بقومه ومن معه بالغابة ، يريد أن يجمع قيسا على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان ذا اسم في جشم وشرف . قال : فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجلين معي من المسلمين ، فقال : اخرجوا إلى هذا الرجل حتى تأتوا منه بخبر وعلم . قال : وقدم لنا شارفا عجفاء ، فحمل عليها أحدنا ، فوالله ما قامت به ضعفا حتى دعمها الرجال من خلفها بأيديهم ، حتى استقلت وما كادت ثم قال : تبلغوا عليها واعتقبوها . [ انتصار المسلمين ونصيب ابن أبي حدرد من فيء استعان به على الزواج ]

            قال : فخرجنا ومعنا سلاحنا من النبل والسيوف ، حتى إذا جئنا قريبا من الحاضر عشيشية مع غروب الشمس . قال : كمنت في ناحية ، وأمرت صاحبي ، فكمنا في ناحية أخرى من حاضر القوم ؛ وقلت لهما : إذا سمعتماني قد كبرت وشددت في ناحية العسكر فكبرا وشدا معي .

            قال : فوالله إنا لكذلك ننتظر غرة القوم ، أو أن نصيب منهم شيئا . قال : وقد غشينا الليل حتى ذهبت فحمة العشاء ، وقد كان لهم راع قد سرح في ذلك البلد ، فأبطأ عليهم حتى تخوفوا عليه . قال : فقام صاحبهم ذلك رفاعة بن قيس ، فأخذ سيفه ، فجعله في عنقه ، ثم قال : والله لأتبعن أثر راعينا هذا ، ولقد أصابه شر ؛ فقال له نفر ممن معه : والله لا تذهب ، نحن نكفيك ؛ قال : والله لا يذهب إلا أنا ؛ قالوا : فنحن معك ؛ قال : والله لا يتبعني أحد منكم . قال : وخرج حتى يمر بي . قال : فلما أمكنني نفحته بسهمي ، فوضعته في فؤاده . قال : فوالله ما تكلم ، ووثبت إليه ، فاحتززت رأسه . قال : وشددت في ناحية العسكر ، وكبرت ، وشد صاحباي وكبرا .

            قال : فوالله ما كان إلا النجاء ممن فيه ، عندك ، عندك ، بكل ما قدروا عليه من نسائهم وأبنائهم ، وما خف معهم من أموالهم . قال : واستقنا إبلا عظيمة ، وغنما كثيرة ، فجئنا بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : وجئت برأسه أحمله معي . قال : فأعانني رسول الله صلى الله عليه وسلم من تلك الإبل بثلاثة عشر بعيرا في صداقي ، فجمعت إلي أهلي .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية