الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            قتال خالد في بزاخة

            كان قد اجتمع طائفة كثيرة من الفلال يوم بزاخة من أصحاب طليحة من بني غطفان ، فاجتمعوا إلى امرأة يقال لها : أم زمل سلمى بنت مالك بن حذيفة . وكانت من سيدات العرب ، كأمها أم قرفة ، وكان يضرب بأمها المثل في الشرف ; لكثرة أولادها وعزة قبيلتها وبيتها ، فلما اجتمعوا إليها ذمرتهم لقتال خالد ، فهاجوا لذلك ، وتأشب إليهم آخرون من بني سليم وطيئ وهوازن وأسد ، فصاروا جيشا كثيفا ، وتفحل أمر هذه المرأة ، فلما سمع بهم خالد بن الوليد سار إليهم ، واقتتلوا قتالا شديدا ، وهي راكبة على جمل أمها الذي كان يقال : من نخس جملها فله مائة من الإبل . وذلك لعزها ، فهزمهم خالد وعقر جملها وقتلها ، وبعث بالفتح إلى الصديق ، رضي الله عنه . ذكر ردة بني عامر وهوازن وسليم

            وكانت بنو عامر تقدم إلى الردة رجلا وتؤخر أخرى ، وتنظر ما تصنع أسد وغطفان ، فلما أحيط بهم وبنو عامر على قادتهم وسادتهم - كان قرة بن هبيرة في كعب ومن لافها ، وعلقمة بن علاثة في كلاب ومن لافها ، وكان أسلم ثم ارتد في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولحق بالشام بعد فتح الطائف ، فلما توفي النبي - صلى الله عليه وسلم - أقبل مسرعا حتى عسكر في بني كعب . فبلغ ذلك أبا بكر ، فبعث إليه سرية عليها القعقاع بن عمرو ، وقيل : بل قعقاع بن سور ، وقال له ليغير على علقمة لعله يقتله أو يستأسره . فخرج حتى أغار على الماء الذي عليه علقمة ، وكان لا يبرح إلا مستعدا ، فسابقهم على فرسه فسبقهم ، وأسلم أهله وولده ، وأخذهم القعقاع وقدم بهم على أبي بكر ، فجحدوا أن يكونوا على حال علقمة ، ولم يبلغ أبا بكر عنهم أنهم فارقوا دارهم ، وقالوا له : ما ذنبنا فيما صنع علقمة ؟ فأرسلهم . ثم أسلم ، فقبل ذلك منه .

            وأقبلت بنو عامر بعد هزيمة أهل بزاخة يقولون : ندخل فيما خرجنا منه ، ونؤمن بالله ورسوله ، وأتوا خالدا فبايعهم على ما بايع أهل بزاخة ، وأعطوه بأيديهم على الإسلام ، وكانت بيعته : عليكم عهد الله وميثاقه لتؤمنن بالله ورسوله ، ولتقيمن الصلاة ، ولتؤتن الزكاة ، وتبايعون على ذلك أبناءكم ونساءكم . فيقولون : نعم

            ولم يقبل من أحد من أسد ، وغطفان ، وطيئ ، وسليم ، وعامر - إلا أن يأتوه بالذين حرقوا ومثلوا وعدوا على الإسلام في حال ردتهم ، فأتوه بهم ، فمثل بهم وحرقهم ورضخهم بالحجارة ، ورمى بهم من الجبال ، ونكسهم في الآبار ، وأرسل إلى أبي بكر يعلمه ما فعل ، وأرسل إليه قرة بن هبيرة ونفرا معه موثقين ، وزهيرا أيضا .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية