الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ذكر من توفي من الأعيان في هذه السنة

            العباس بن عبد المطلب

            العباس بن عبد المطلب ابن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي أبو الفضل المكي
            عم رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، ووالد الخلفاء العباسيين ، وكان أسن من رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، بسنتين أو ثلاث ، أسر يوم بدر ، فافتدى نفسه بمال ، وافتدى ابني أخويه ؛ عقيل بن أبي طالب ، ونوفل بن الحارث . وقد ذكرنا أنه لما أسر وشد في الوثاق وأمسى الناس أرق رسول ، صلى الله عليه وسلم ، فقيل : يا رسول الله مالك ؟ فقال : إني أسمع أنين العباس في وثاقه فلا أنام . فقام رجل من المسلمين فحل من وثاق العباس حتى سكن أنينه ، فنام رسول الله ، صلى الله عليه وسلم . ثم أسلم عام الفتح وتلقى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، إلى الجحفة ، فرجع معه ، وشهد الفتح . ويقال : إنه أسلم قبل ذلك ولكنه أقام بمكة بإذن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، له في ذلك ، كما ورد به الحديث . فالله أعلم . وقد كان رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، يجله ويعظمه وينزله منزلة الوالد من الولد ، ويقول : هذا بقية آبائي . وكان من أوصل الناس لقريش وأشفقهم عليهم ، وكان ذا رأي وعقل تام واف ، وكان طويلا جميلا أبيض بضا ذا ضفيرتين ، وكان له من الولد عشرة ذكور سوى الإناث ، وهم تمام - وكان أصغرهم - والحارث ، وعبد الله ، وعبيد الله ، وعبد الرحمن ، وعون ، والفضل ، وقثم ، وكثير ، ومعبد . وأعتق سبعين مملوكا من غلمانه .

            وقال الإمام أحمد : عن سعيد بن المسيب ، عن سعد بن أبي وقاص قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، للعباس : هذا العباس بن عبد المطلب ، أجود قريش كفا وأوصلها . تفرد به .

            وثبت في " الصحيحين " أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قال لعمر حين بعثه على الصدقة فقيل : منع ابن جميل وخالد بن الوليد والعباس عم رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فقال له رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : ما ينقم ابن جميل إلا أن كان فقيرا فأغناه الله ، وأما خالد فإنكم تظلمون خالدا ؛ وقد احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله ، وأما العباس فهي علي ومثلها . ثم قال يا عمر أما شعرت أن عم الرجل صنو أبيه ؟ وثبت في " صحيح البخاري " عن أنس أن عمر خرج يستسقي وخرج بالعباس معه يستسقي به ، وقال : اللهم إنا كنا إذا قحطنا توسلنا إليك بنبينا فتسقينا ، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا . قال : فيسقون .

            ويقال : إن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان كانا إذا مرا بالعباس وهما راكبان ترجلا إكراما له . قال الواقدي وغير واحد : توفي العباس في يوم الجمعة لثنتي عشرة ليلة خلت من رجب - وقيل : من رمضان - سنة ثنتين وثلاثين عن ثمان وثمانين سنة ، وصلى عليه عثمان بن عفان ، ودفن بالبقيع . وقيل : توفي سنة ثلاث وثلاثين ، وقيل : سنة أربع وثلاثين . وفضائله ومناقبه كثيرة جدا .

            عبد الله بن مسعود

            عبد الله بن مسعود

            ابن غافل بن حبيب بن شمخ بن فار بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر ، أبو عبد الرحمن الهذلي ، حليف بني زهرة ، أسلم قديما قبل عمر ، وكان سبب إسلامه حين مر به رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وأبو بكر ، رضي الله عنه ، وهو يرعى غنما فسألاه لبنا ، فقال : إني مؤتمن . قال فأخذ رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، عناقا لم ينز عليها الفحل فاعتقلها ثم حلب وشرب وسقى أبا بكر ، ثم قال للضرع : " اقلص " . فقلص ، فقلت : علمني من هذا الدعاء . فقال : " إنك غليم معلم " الحديث .

            وروى محمد بن إسحاق عن يحيى بن عروة عن أبيه أن ابن مسعود كان أول من جهر بالقرآن بمكة بعد النبي ، صلى الله عليه وسلم ، عند البيت وقريش في أنديتها ؛ قرأ سورة : الرحمن علم القرآن [ الرحمن : 1 ، 2 ] . فقاموا إليه فضربوه .

            ولزم رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، حين أسلم ، وكان يحمل نعليه وسواكه ، وقال له : " إذنك علي أن تسمع سوادي " . ولهذا كان يقال له : صاحب السواك والسواد .

            وهاجر إلى الحبشة ثم عاد إلى مكة ، ثم هاجر إلى المدينة ، وشهد بدرا ، وهو الذي قتل أبا جهل بعد ما أثبته ابنا عفراء وشهد بقية المشاهد .

            وقال له رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، يوما : " اقرأ علي " . فقلت : أقرأ عليك وعليك أنزل ؟ فقال : " إني أحب أن أسمعه من غيري " . فقرأ عليه من أول سورة النساء إلى قوله : فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا [ النساء : 41 ] . فبكى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وقال : " حسبك "

            وقال أبو موسى : قدمت أنا وأخي من اليمن وما كنا نظن إلا أن ابن مسعود وأمه من أهل بيت النبي ، صلى الله عليه وسلم ؛ لكثرة دخولهم بيت النبي ، صلى الله عليه وسلم .

            وقال حذيفة : ما رأيت أحدا أشبه برسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، في هديه ودله وسمته من ابن مسعود ، ولقد علم المحفوظون من أصحاب محمد ، صلى الله عليه وسلم ، أن ابن أم عبد أقربهم إلى الله زلفى . وفي الحديث : وتمسكوا بعهد ابن أم عبد .

            وفي الحديث الآخر الذي رواه أحمد ، عن محمد بن فضيل ، عن مغيرة ، عن أم موسى ، عن علي أن ابن مسعود صعد شجرة يجتني الكباث ، فجعل الناس يعجبون من دقة ساقيه ، فقال رسول الله : والذي نفسي بيده لهما في الميزان أثقل من أحد

            وقال عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه - وقد نظر إلى قصره وكان يوازي بقامته الجلوس - فجعل يتبعه بصره ثم قال : هو كنيف ملئ علما .

            وقد شهد ابن مسعود بعد النبي ، صلى الله عليه وسلم ، مواقف كثيرة ؛ منها اليرموك وغيرها ، وكان قد قدم من العراق حاجا فمر بالربذة فشهد وفاة أبي ذر ودفنه ، ثم قدم إلى المدينة ، فمرض بها ، فجاءه عثمان بن عفان عائدا ، فيروى أنه قال له : ما تشتكي ؟ قال : ذنوبي . قال : فما تشتهي ؟ قال : رحمة ربي . قال : ألا آمر لك بطبيب ؟ فقال : الطبيب أمرضني . قال : ألا آمر لك بعطائك - وكان قد تركه سنتين ؟ فقال : لا حاجة لي فيه . فقال : يكون لبناتك من بعدك . فقال : أتخشى على بناتي الفقر ؟ إني أمرت بناتي أن يقرأن كل ليلة سورة الواقعة ، وإني سمعت رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، يقول : من قرأ الواقعة كل ليلة لم تصبه فاقة أبدا .

            وأوصى عبد الله بن مسعود إلى الزبير بن العوام ، فيقال : إنه هو الذي صلى عليه ليلا ثم عاتب عثمان الزبير على ذلك . وقيل : بل صلى عليه عثمان . وقيل : عمار . فالله أعلم ، ودفن بالبقيع عن بضع وستين سنة .

            عبد الرحمن بن عوف

            عبد الرحمن بن عوف

            ابن عبد عوف بن عبد الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة أبو محمد القرشي الزهري ، أسلم قديما على يدي أبي بكر ، وهاجر إلى الحبشة وإلى المدينة ، وآخى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، بينه وبين سعد بن الربيع ، وشهد بدرا وما بعدها ، وأمره رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، حين بعثه إلى بني كلب ، وأرخى له عذبة بين كتفيه ؛ لتكون أمارة عليه للإمارة ، وهو أحد العشرة المشهود لهم بالجنة ، وأحد الثمانية السابقين إلى الإسلام ، وأحد الستة أصحاب الشورى ، ثم أحد الثلاثة الذين انتهت إليهم منهم ، كما ذكرنا . ثم كان هو الذي اجتهد في تقديم عثمان ، رضي الله عنه ، وقد تقاول هو وخالد بن الوليد في بعض الغزوات فأغلظ له خالد في المقال ، فلما بلغ ذلك رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قال : لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه . وهو في " الصحيح " . وقال معمر عن الزهري : تصدق عبد الرحمن بن عوف على عهد النبي ، صلى الله عليه وسلم ، بشطر ماله ؛ أربعة آلاف ، ثم تصدق بأربعين ألفا ، ثم تصدق بأربعين ألف دينار ، ثم حمل على خمسمائة فرس في سبيل الله ، ثم حمل على خمسمائة راحلة في سبيل الله ، وكان عامة ماله من التجارة .

            فأما الحديث الذي قال عبد بن حميد في " مسنده ": عن أنس بن مالك ، أن عبد الرحمن بن عوف لما هاجر آخى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، بينه وبين عثمان بن عفان فقال له : إن لي حائطين فاختر أيهما شئت . فقال : بارك الله لك في حائطيك ، ما لهذا أسلمت دلني على السوق . قال : فدله ، فكان يشتري السمينة والأقيطة والإهاب ، فجمع فتزوج ، فأتى النبي ، صلى الله عليه وسلم ، فقال : بارك الله لك . أولم ولو بشاة . قال فكثر ماله حتى قدمت له سبعمائة راحلة تحمل البر وتحمل الدقيق والطعام . قال : فلما دخلت المدينة سمع لأهل المدينة رجة ، فقالت عائشة : ما هذه الرجة ؟ فقيل لها : عير قدمت لعبد الرحمن بن عوف سبعمائة تحمل البر والدقيق والطعام . فقالت عائشة : سمعت رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، يقول : يدخل عبد الرحمن بن عوف الجنة حبوا . فلما بلغ ذلك عبد الرحمن قال : أشهدك يا أمه أنها بأحمالها وأحلاسها وأقتابها في سبيل الله .

            وقال الإمام أحمد : ثنا عبد الصمد بن حسان ، ثنا عمارة - هو ابن زاذان - عن ثابت ، عن أنس قال : بينما عائشة في بيتها إذ سمعت صوتا في المدينة فقالت : ما هذا ؟ قالوا : عير لعبد الرحمن بن عوف قدمت من الشام تحمل كل شيء - قال : وكانت سبعمائة بعير - قال : فارتجت المدينة من الصوت ، فقالت عائشة : سمعت رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، يقول : قد رأيت عبد الرحمن بن عوف يدخل الجنة حبوا . فبلغ ذلك عبد الرحمن بن عوف قال : لئن استطعت لأدخلنها قائما . فجعلها بأقتابها وأحمالها في سبيل الله .

            وثبت في " الصحيح " أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، صلى وراءه الركعة الثانية من صلاة الفجر في بعض الأسفار . وهذه منقبة عظيمة لا تبارى .

            ولما حضرته الوفاة أوصى لكل رجل ممن بقي من أهل بدر بأربعمائة دينار - وكانوا مائة - فأخذوها حتى عثمان وعلي . وقال علي : اذهب يا ابن عوف فقد أدركت صفوها ، وسبقت رنقها . وأوصى لكل امرأة من أمهات المؤمنين بمبلغ كثير حتى كانت عائشة تقول : سقاه الله من السلسبيل . وأعتق خلقا من مماليكه ، ثم ترك بعد ذلك كله مالا جزيلا ؛ من ذلك ذهب قطع بالفئوس حتى مجلت أيدي الرجال ، وترك ألف بعير ومائة فرس ، وثلاثة آلاف شاة ترعى بالبقيع ، وكان نساؤه أربعا ، فصولحت إحداهن من ربع الثمن بثمانين ألفا .

            ولما مات صلى عليه عثمان بن عفان ، وحمل في جنازته سعد بن أبي وقاص ، ودفن بالبقيع عن خمس وسبعين سنة .

            وكان أبيض مشربا حمرة ، حسن الوجه ، رقيق البشرة ، أعين ، أهدب الأشفار ، أقنى ، له جمة ، ضخم الكفين ، غليظ الأصابع ، لا يغير شيبه ، رضي الله عنه .

            أبو ذر الغفاري

            أبو ذر الغفاري واسمه جندب بن جنادة ، على المشهور . أسلم قديما بمكة فكان رابع أربعة أو خامس خمسة ، وقصة إسلامه تقدمت قبل الهجرة ، وهو أول من حيا رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، بتحية الإسلام ، ثم رجع إلى بلاده وقومه ، فكان هناك حتى هاجر رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، إلى المدينة ، فهاجر بعد الخندق ، ثم لزم رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، حضرا وسفرا ، وروى عنه أحاديث كثيرة . وجاء في فضله أحاديث كثيرة ؛ من أشهرها ما رواه الأعمش ، عن أبي اليقظان عثمان بن عمير ، عن أبي حرب بن أبي الأسود عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قال : ( ما أظلت الخضراء ، ولا أقلت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر . وفيه ضعف . ثم لما مات رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، ومات أبو بكر خرج إلى الشام فكان فيه حتى وقع بينه وبين معاوية فاستقدمه عثمان إلى المدينة ، ثم نزل بالربذة فأقام بها حتى مات في ذي الحجة من هذه السنة ، وليس عنده سوى امرأته وأولاده ، فبينما هم كذلك لا يقدرون على دفنه إذ قدم عبد الله بن مسعود من العراق في جماعة من أصحابه ، فحضروا موته وأوصاهم كيف يفعلون به . وقيل : قدموا بعد موته ، فولوا غسله ودفنه . وكان قد أمر أهله أن يطبخوا لهم شاة من غنمه ليأكلوها بعد الموت . قد أرسل عثمان بن عفان إلى أهله فضمهم إلى أهله الحصين بن الحارث بن المطلب

            الحصين بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف :

            شهد بدرا والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتوفي في هذه السنة .

            سلمان الفارسي

            سلمان الفارسي ، يكنى أبا عبد الله:

            من أهل مدينة أصبهان . ويقال: من أهل رامهرمز ، أسلم في السنة الأولى من الهجرة ، وأول مشهد شهده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق ، وإنما منعه من حضور ما قبل ذلك أنه كان مسترقا لقوم من اليهود فكاتبوه وأدى رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابته وعتق ، ولم يزل بالمدينة حتى غزا المسلمون العراق فخرج معهم وحضر فتح المدائن ، وولاه إياها عمر ، فنزلها حتى مات بها ، وقبره الآن ظاهر .

            وفي الصحيح عن سلمان أنه قال: تداولني بضعة عشر من رب إلى رب لي كله أربعين أوقية .

            وروى أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " سلمان سابق الفرس " .

            ولما خط الخندق قطع لكل عشرة أربعين ذراعا ، فاحتج المهاجرون والأنصار في سلمان ، وكان رجلا قويا ، فقال المهاجرون: سلمان منا ، وقالت الأنصار : لا بل منا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سلمان منا أهل البيت " .

            قال الحسن البصري: كان عطاء سلمان خمسة آلاف ، وكان أميرا على زهاء ثلاثين ألفا من المسلمين ، وكان يخطب الناس في عباءة يفترش بعضها ويلبس بعضها ، فإذا خرج عطاؤه أمضاه ، ويأكل من سفيف يديه .

            وقال عبادة بن نسي: كان لسلمان خباء من عباء وهو أمير الناس .

            وعن ميمون بن مهران ، عن رجل من عبد القيس قال: رأيت سلمان في سرية هو أميرها ، على حمار عليه سراويل وقدماه تذبذبان ، والجند يقولون: قد جاء الأمير ، فقال سلمان: إنما الخير والشر بعد اليوم .

            ذكر أولاد سلمان:

            تزوج امرأة يقال لها بقيرة . وقال أبو بكر بن أبي داود: لسلمان ثلاث بنات ، بنت بأصبهان ، وابنتان بمصر .

            ذكر وفاته:

            عن أبي سفيان ، عن أشياخه ، قال: دخل سعد بن أبي وقاص على سلمان يعوده ، فبكى سلمان فقال سعد: ما يبكيك يا أبا عبد الله ؟ توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنك راض ، وترد عليه الحوض ، قال: فقال سلمان رضي الله عنه: أما إني ما أبكي جزعا من الموت ولا حرصا على الدنيا ، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلينا فقال: "ليكن بلغة أحدكم من الدنيا مثل زاد الراكب" وحولي هذه الأساور . قال: وإنما حوله إجانة وجفنة ومطهرة .

            قال: فقال له سعد: يا أبا عبد الله ، اعهد إلينا بعهد نأخذه بعدك ، فقال: يا سعد ، اذكر الله عند همك إذا هممت ، وعند حكمك إذا حكمت ، وعند يدك إذا قسمت . ولما اشتد مرض سلمان وكان قد أصاب صرة مسك يوم جلولاء ، فقال لأمرأته هاتها ، فمرسها في ماء ، ثم قال: انضحيها حولي ، فإنه يأتيني زوار الآن يجدون الريح ولا يأكلون الطعام ، فلم يمكث إلا قليلا حتى مات
            .

            عاش سلمان مائتين وخمسين سنة لا يشكون في هذا وبعضهم يقول: ثلاثمائة وخمسين .

            وقيل إنه أدرك وحي عيسى عليه السلام ، والظاهر أنه توفي في زمان عثمان في سنة اثنتين وثلاثين ، وقد قيل في سنة ست وثلاثين ، فعلى هذا تكون وفاته في زمان علي رضي الله عنه ، والأول أصح . صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف

            صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف ، أبو سفيان:

            لم يزل على الشرك يقود الجموع لقتال النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن أسلم يوم فتح مكة ، وكان الإيمان في قلبه متزلزلا ، فعد في المؤلفة [قلوبهم] ، ثم استقر إيمانه وقوي يقينه ، وكان قد كف عن القتال بعد الخندق ، وبعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم هدية من تمر عجوة ، وكتب إليه يستهديه أدما ، فقبل هديته وأهدى إليه .

            قال ابن سعد: قال محمد بن عمر: وشهد أبو سفيان الطائف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورمي يومئذ فذهبت إحدى عينيه . وشهد يوم حنين وأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم من غنائم حنين مائة من الإبل وأربعين أوقية ، وأعطى ابنيه يزيد ومعاوية ، فقال له أبو سفيان: والله إنك لكريم ، فداك أبي وأمي لقد حاربتك فنعم المحارب كنت ، ثم سالمتك فنعم المسالم أنت ، فجزاك الله خيرا . قال أنس بن مالك: ثم عمي أبو سفيان بعد ذلك .

            وعن مبشر بن الحويرث ، قال: حضرت يوم اليرموك المعركة فلا أسمع للناس كلمة ولا صوتا إلا نقف الحديد بعضه بعضا ، إلا أني قد سمعت صائحا يقول: يا معشر المسلمين ، يوم من أيام الله أبلوا لله فيه بلاء حسنا ، وإذا هو أبو سفيان بن حرب تحت راية ابنه يزيد .

            قال محمد بن عمر: نزل أبو سفيان المدينة في آخر عمره ، ومات بها سنة اثنتين وثلاثين في آخر خلافة عثمان ، وهو يوم مات ابن ثمان وثمانين سنة . الطفيل بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف

            الطفيل بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف :

            شهد بدرا والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتوفي في هذه السنة وهو ابن سبعين سنة .عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي بن سهم السهمي

            عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي بن سهم السهمي ، أخو خنيس:

            قديم الإسلام بمكة ، وهاجر إلى الحبشة الهجرة الثانية ، وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتابه إلى كسرى ، وأمره أن يدفعه إلى عظيم البحرين ، ليدفعه عظيم البحرين إلى كسرى ، فقرأه وحرقه .

            واختلفوا هل شهد بدرا أم لا ، وشهد فتح مصر ، وتوفي بها ، وقبره في مقبرتها . عبد الله بن نضلة أبو برزة الأسلمي

            عبد الله بن نضلة ، أبو برزة الأسلمي:

            وقال قوم: نضلة بن عبد الله . أسلم قديما وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح مكة ، وقتل عبد الله بن خطل ، ولم يزل يغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قبض ، فتحول فنزل البصرة حين نزلها المسلمون ، ثم غزا خراسان فمات بها رضي الله عنه . عبد الله بن زيد بن عبد ربه أبو محمد

            عبد الله بن زيد بن عبد ربه ، أبو محمد:

            شهد العقبة مع السبعين ، وبدرا والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانت معه راية بني الحارث بن الخزرج في غزاة الفتح ، وهو الذي رأى الأذان .

            توفي بالمدينة في هذه السنة وهو ابن أربع وتسعين سنة ، وصلى عليه عثمان رضي الله عنه . قطبة بن عامر بن حديدة بن عمرو بن سواد أبو زيد

            قطبة بن عامر بن حديدة بن عمرو بن سواد ، أبو زيد :

            شهد العقبتين ، وذكر في الستة الذين أسلموا أول من أسلم من الأنصار ، وكان من الرماة المذكورين . وشهد بدرا ، ورمى حجرا بين الصفين ، ثم قال: لا أفر حتى يفر هذا الحجر .

            وشهد أحدا والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانت معه راية بني سلمة في غزوة الفتح ، وجرح يوم أحد تسع جراحات ، وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في عشرين رجلا إلى حي من خثعم ، فقاتلوه وغنم .

            توفي قطبة في هذه السنة ، ولم يعقب .

            كعب الأحبار بن ماتع أبو إسحاق

            كعب الأحبار بن ماتع ، أبو إسحاق :

            كان يهوديا فأسلم وقدم المدينة ، ثم خرج إلى الشام فسكن حمص ، فتوفي بها في هذه السنة . وقد أسند الحديث إلى عمرو ، وصهيب ، وعائشة .

            معيقيب بن أبي فاطمة الدوسي

            معيقيب بن أبي فاطمة الدوسي ، من الأزد :

            أسلم بمكة قديما ، وهاجر إلى الحبشة الهجرة الثانية ، وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بخيبر فشهدها ، وكان عمر رضي الله عنه يأكل معه ويقول: لو كان غيرك ما آكلني في صحفة ، ولكان بيني وبينه قدر رمح . وكان إذا شرب من الإناء وضع عمر فمه موضع فمه فيشرب ، وكان قد أسرع فيه الجذام ، وكان عمر يطلب له الطب ، فقدم رجلان من أهل اليمن ، فقال لهما: هل عندكما من طب لهذا الرجل الصالح؟ فقالا: ما شيء يذهبه ولا يقدر عليه ، ولكنا سنداويه دواء يوقفه .

            فقال عمر: عافية عظيمة أن يقف ، قالا: هل ينبت بأرضك الحنظل؟ قال: نعم ، قالا: فاجمع لنا منه ، فجمع منه مكتلان ، فعمدا إلى كل حنظلة فشقاها شقين ، ثم أضجعا معيقيبا ، ثم أخذ كل رجل منهما بإحدى قدميه ، ثم جعلا يدلكان بطون قدميه بالحنظلة حتى إذا أمحقت أخذا الأخرى ، وجعل معيقيب يتنخم أخضر مرا ، ثم أرسلاه ، فقالا لعمر: لا يزيد وجعه . فما زال متماسكا حتى مات رضي الله عنه .

            معضد بن يزيد أبو زياد العجلي

            معضد بن يزيد ، أبو زياد العجلي :

            كان كثير التعبد ، واستشهد في غزاة بلنجر في هذه السنة .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية