الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ذكر بعض ما رثي به ، رضي الله عنه

            قال مجالد عن الشعبي : ما سمعت من مراثي عثمان أحسن من قول كعب بن مالك :


            فكف يديه ثم أغلق بابه وأيقن أن الله ليس بغافل     وقال لأهل الدار لا تقتلوهم
            عفا الله عن كل امرئ لم يقاتل     فكيف رأيت الله صب عليهم
            العداوة والبغضاء بعد التواصل     وكيف رأيت الخير أدبر بعده
            عن الناس إدبار النعام الجوافل

            وقد نسب هذه الأبيات سيف بن عمر إلى المغيرة بن الأخنس بن شريق .

            وقال سيف بن عمر : وقال حسان بن ثابت :


            ماذا أردتم من أخي الدين باركت     يد الله في ذاك الأديم المقدد
            قتلتم ولي الله في جوف داره     وجئتم بأمر جائر غير مهتد
            فهلا رعيتم ذمة الله بينكم     وأوفيتم بالعهد عهد محمد
            ألم يك فيكم ذا بلاء ومصدق     وأوفاكم قدما لدى كل مشهد
            فلا ظفرت أيمان قوم تبايعوا     على قتل عثمان الرشيد المسدد

            وقال ابن جرير : وقال حسان بن ثابت ، رضي الله عنه :


            من سره الموت صرفا لا مزاج له     فليأت مأسدة في دار عثمانا
            مستشعري حلق الماذي قد شفعت     قبل المخاطم بيض زان أبدانا
            ضحوا بأشمط عنوان السجود به     يقطع الليل تسبيحا وقرآنا
            صبرا فدى لكم أمي وما ولدت     قد ينفع الصبر في المكروه أحيانا
            فقد رضينا بأرض الشام نافرة     وبالأمير وبالإخوان إخوانا
            إني لمنهم وإن غابوا وإن شهدوا     ما دمت حيا وما سميت حسانا
            لتسمعن وشيكا في ديارهم     الله أكبر يا ثارات عثمانا
            يا ليت شعري وليت الطير تخبرني     ما كان شأن علي وابن عفانا

            وقال راعي الإبل النميري في عثمان :


            عشية يدخلون بغير إذن     على متوكل أوفى وطابا
            خليل محمد ووزير صدق     ورابع خير من وطئ الترابا

            وقال حسان بن ثابت الأنصاري أيضا :


            أتركتم غزو الدروب وراءكم     وغزوتمونا عند قبر محمد
            فلبئس هدي المسلمين هديتم     ولبئس أمر الفاجر المتعمد
            إن تقدموا نجعل قرى سرواتكم     حول المدينة كل لين مذود
            أو تدبروا فلبئس ما سافرتم     ولمثل أمر أميركم لم يرشد
            وكأن أصحاب النبي عشية     بدن تذبح عند باب المسجد
            أبكي أبا عمرو لحسن بلائه     أمسى ضجيعا في بقيع الغرقد



            وقال أيضا :


            إن تمس دار ابن أروى اليوم خاوية     باب صريع وباب محرق خرب
            فقد يصادف باغي الخير حاجته     فيها ويهوي إليها الذكر والحسب
            يا أيها الناس أبدوا ذات أنفسكم     لا يستوي الصدق عند الله والكذب
            قوموا بحق مليك الناس تعترفوا     بغارة عصب من خلفها عصب
            فيهم حبيب شهاب الموت يقدمهم     مستلئما قد بدا في وجهه الغضب





            وقال الوليد بن عقبة بن أبي معيط يحرض أخاه عمارة :


            ألا إن خير الناس بعد ثلاثة قتيل     التجيبي الذي جاء من مصر
            فإن يك ظني بابن أمي صادقا     عمارة لا يطلب بذحل ولا وتر
            يبيت وأوتار ابن عفان عنده     مخيمة بين الخورنق والقصر



            فأجابه الفضل بن العباس :


            أتطلب ثأرا لست منه ولا له     وأين ابن ذكوان الصفوري من عمرو
            كما اتصلت بنت الحمار بأمها     وتنسى أباها إذ تسامي أولي الفخر
            ألا إن خير الناس بعد ثلاثة وصي     النبي المصطفى عند ذي الذكر
            وأول من صلى وصنو نبيه     وأول من أردى الغواة لدى بدر
            فلو رأت الأنصار ظلم ابن أمكم     بزعمكم كانوا له حاضري النصر
            كفى ذاك عيبا أن يشيروا بقتله     وأن يسلموه للأحابيش من مصر



            وقوله : وأين ابن ذكوان ، فإن الوليد بن عقبة بن أبي معيط بن أبي عمرو اسمه ذكوان بن أمية بن عبد شمس ، ويذكر جماعة من النسابين أن ذكوان مولى لأمية ، فتبناه وكناه أبا عمرو ، ويعني : إنك مولى لست من بني أمية حتى تكون ممن يطلب بثأر عثمان .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية