ذهاب الأحنف بن قيس على علي بعد رجوعه من الجمل
ولما فرغ علي من أمر الجمل أتاه وجوه الناس يسلمون عليه ، فكان فيمن جاءه الأحنف بن قيس في بني سعد - وكانوا قد اعتزلوا القتال - فقال له علي : تربصت - يعني بنا - فقال : ما كنت أراني إلا قد أحسنت ، وبأمرك كان ما كان يا أمير المؤمنين ، فارفق فإن طريقك الذي سلكت بعيد ، وأنت إلي غدا أحوج منك أمس ، فاعرف إحساني ، واستبق مودتي لغد ، ولا تقل مثل هذا فإني لم أزل لك ناصحا .
تأمير ابن عباس وتولية زياد الخراج
قالوا : ثم دخل علي البصرة يوم الاثنين ، فبايعه أهلها على راياتهم ، حتى الجرحى والمستأمنة .
وجاءه عبد الرحمن بن أبي بكرة الثقفي ، فبايعه فقال له علي : أين المريض - يعني أباه ؟ فقال : إنه والله مريض يا أمير المؤمنين ، وإنه على مسرتك لحريص . فقال : امش أمامي ، فمضى إليه فعاده ، واعتذر إليه أبو بكرة فعذره ، وعرض عليه البصرة فامتنع وقال : رجل من أهلك يسكن إليه الناس . وأشار عليه بابن عباس فولاه على البصرة ، وجعل معه زياد بن أبيه على الخراج وبيت المال ، وأمر ابن عباس أن يسمع من زياد وكان زياد معتزلا .
دخول علي على عائشة في دار إقامتها رضي الله عنهما
ثم جاء علي إلى الدار التي فيها أم المؤمنين عائشة ، فاستأذن ودخل فسلم عليها ورحبت به ، وإذا النساء في دار بني خلف يبكين على من قتل منهم ; عبد الله وعثمان ابنا خلف ، فعبد الله قتل مع عائشة ، وعثمان قتل مع علي ، فلما دخل علي قالت له صفية امرأة عبد الله أم طلحة الطلحات : أيتم الله منك أولادك كما أيتمت أولادي . فلم يرد عليها علي شيئا ، فلما خرج أعادت عليه المقالة أيضا ، فسكت فقال له رجل : يا أمير المؤمنين ، أتسكت عن هذه المرأة وهي تقول ما تسمع ؟ فقال : ويحك ! إنا أمرنا أن نكف عن النساء وهن مشركات ، أفلا نكف عنهن وهن مسلمات ؟ ! فقال له رجل : يا أمير المؤمنين إن على الباب رجلين ينالان من عائشة . فأمر علي القعقاع بن عمرو أن يجلد كل واحد منهما مائة ، وأن يخرجهما من ثيابهما .
وقد سألت عائشة عمن قتل معها من المسلمين ومن قتل من عسكر علي ، فجعلت كلما ذكر لها واحد ترحمت عليه ودعت له .
تجهيز علي عائشة رضي الله عنهما من البصرة
ولما أرادت أم المؤمنين عائشة الخروج من البصرة بعث إليها علي ، رضي الله عنه ، بكل ما ينبغي من مركب وزاد ومتاع وغير ذلك ، وأذن لمن نجا ممن جاء في جيشها أن يرجع معها ، إلا أن يحب المقام ، واختار لها أربعين امرأة من نساء أهل البصرة المعروفات . وسير معها أخاها محمد بن أبي بكر ، فلما كان اليوم الذي ارتحلت فيه ، جاء علي فوقف على الباب وحضر الناس معه وخرجت من الدار في الهودج ، فودعت الناس ودعت لهم وقالت : يا بني لا يعتب بعضنا على بعض ، إنه والله ما كان بيني وبين علي في القدم إلا ما يكون بين المرأة وأحمائها ، وإنه على معتبتي لمن الأخيار . فقال علي : صدقت والله ما كان بيني وبينها إلا ذاك وإنها لزوجة نبيكم ، صلى الله عليه وسلم ، في الدنيا والآخرة ، وسار علي معها مودعا ومشيعا أميالا وسرح بنيه معها بقية ذلك اليوم - وكان يوم السبت مستهل رجب سنة ست وثلاثين - وقصدت في مسيرها ذلك إلى مكة ، فأقامت بها إلى أن حجت عامها ذلك ، ثم رجعت إلى المدينة ، رضي الله عنها
وأما مروان بن الحكم فإنه لما فر استجار بمالك بن مسمع فأجاره ووفى له ، ولهذا كان بنو مروان يكرمون مالكا ويشرفونه . ويقال : إنه نزل دار بني خلف فلما خرجت عائشة ، خرج معها ، فلما سارت هي إلى مكة سار هو إلى المدينة علم من بين مكة والمدينة والبصرة بوقعة الجمل يوم الوقعة
قالوا : وقد علم من بين مكة والمدينة والبصرة بالوقعة يوم الوقعة ، وذلك مما كانت النسور تخطفه من الأيدي والأقدام فيسقط منها هنالك ، حتى إن أهل المدينة علموا بذلك يوم الجمل قبل أن تغرب الشمس ، وذلك أن نسرا مر بهم ومعه شيء فسقط منه فإذا هو كف فيه خاتم نقشه : عبد الرحمن بن عتاب .
ذكر قصد الخوارج سجستان
في هذه السنة بعد الفراغ من وقعة الجمل خرج حسكة بن عتاب الحبطي ، وعمران بن الفضيل البرجمي في صعاليك من العرب حتى نزلوا زالق من سجستان ، وقد نكث أهلها ، فأصابوا منها مالا ، ثم أتوا زرنج وقد خافهم مرزبانها فصالحهم ودخلوها ، فقال الراجز :
بشر سجستان بجوع وحرب بابن الفضيل وصعاليك العرب لا فضة تغنيهم ولا ذهب
وفي هذه السنة أعني سنة ست وثلاثين ، ولى علي بن أبي طالب أمير المؤمنين نيابة الديار المصرية لقيس بن سعد بن عبادة ، وكان على نيابتها في أيام عثمان عبد الله بن سعد بن أبي سرح ، فلما توجه أولئك الأحزاب من خوارج المصريين إلى عثمان ليقتلوه وكان الذي جهزهم إليه مع عبد الله بن سبأ - المعروف بابن السوداء - محمد بن أبي حذيفة بن عتبة ، وكان لما قتل أبوه باليمامة قد أوصى به إلى عثمان ، فكفله ورباه في حجره ومنزله ، وأحسن إليه إحسانا كثيرا ، ونشأ في عبادة وزهادة ، وسأل من عثمان أن يوليه عملا ، فقال له : متى ما صرت أهلا لذلك وليتك . فتعتب في نفسه على عثمان ، فسأل من عثمان أن يخرج إلى الغزو فأذن له ، فقصد الديار المصرية وحضر مع أميرها عبد الله بن سعد بن أبي سرح غزوة الصواري ، كما قدمنا . وشرع ينتقص عثمان ، رضي الله عنه ، وساعده على ذلك محمد بن أبي بكر الصديق ، فكتب بذلك ابن أبي سرح إلى عثمان يشكوهما إليه ، فلم يعبأ بهما عثمان شيئا ، ولم يزل ذلك دأب محمد بن أبي حذيفة حتى استنفر أولئك إلى عثمان ، فلما بلغه أنهم قد حصروا عثمان ، تغلب على الديار المصرية ، وأخرج منها ابن أبي سرح ، وصلى بالناس فيها ، فلما كان ابن أبي سرح ببعض الطريق جاءه الخبر بقتل عثمان ، فقال : إنا لله وإنا إليه راجعون . وبلغه أن عليا قد بعث على إمرة مصر قيس بن سعد بن عبادة ، فشمت بمحمد بن أبي حذيفة إذ لم يمتع بملك الديار المصرية سنة . وسار عبد الله بن سعد بن أبي سرح إلى الشام إلى معاوية ، فأخبره بما كان من أمره بديار مصر ، وأن محمد بن أبي حذيفة قد استحوذ عليها ، فسار معاوية وعمرو بن العاص إليه ليخرجاه منها ; لأنه من أكبر الأعوان على قتل عثمان ، مع أنه كان قد رباه وكفله وأحسن إليه ، فعالجا دخول مصر فلم يقدرا ، فلم يزالا يخدعانه حتى خرج إلى العريش في ألف رجل فتحصن بها ، وجاءه عمرو بن العاص فنصب عليه المنجنيق حتى نزل في ثلاثين من أصحابه فقتلوا .
ذكره محمد بن جرير
دخول قيس إلى مصر ومبايعة أهل مصر لعلي
ثم سار إلى مصر قيس بن سعد بولاية من علي ، فدخلها في سبعة نفر ، فرقي المنبر وقرأ عليهم كتاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب فيه : بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى من بلغه كتابي هذا من المؤمنين والمسلمين ، سلام عليكم ، فإني أحمد الله إليكم كثيرا الذي لا إله إلا هو ، أما بعد ، فإن الله بحسن صنيعه وتقديره وتدبيره اختار الإسلام دينا لنفسه وملائكته ورسله ، وبعث به الرسل إلى عباده ، وخص به من انتخب من خلقه ، فكان مما أكرم الله به هذه الأمة وخصهم به من الفضيلة أن بعث محمدا ، صلى الله عليه وسلم ، يعلمهم الكتاب والحكمة والفرائض والسنة ; لكيما يهتدوا ، وجمعهم لكيلا يتفرقوا ، وزكاهم لكي يتطهروا ، ووفقهم لكيلا يجوروا ، فلما قضى من ذلك ما عليه قبضه الله إليه ، صلوات الله وسلامه عليه وبركاته ورحمته ، ثم إن المسلمين استخلفوا بعده أميرين صالحين ، عملا بالكتاب ، وأحسنا السيرة ولم يعدوا السنة ، ثم توفاهما الله تعالى ، فرحمهما الله ، ثم ولى بعدهما وال أحدث أحداثا ، فوجدت الأمة عليه مقالا فقالوا ، ثم نقموا عليه فغيروا ، ثم جاءوني فبايعوني ، فأستهدي الله بهداه ، وأستعينه على التقوى ، ألا وإن لكم علينا العمل بكتاب الله وسنة رسول الله ، والقيام عليكم بحقه ، والنصح لكم بالغيب - والله المستعان وحسبنا الله ونعم الوكيل - وقد بعثت إليكم قيس بن سعد بن عبادة ، فوازروه وكانفوه وأعينوه على الحق ، وقد أمرته بالإحسان إلى محسنكم ، والشدة على مريبكم ، والرفق بعوامكم وخواصكم ، وهو ممن أرضى هديه وأرجو صلاحه ونصيحته ، أسأل الله لنا ولكم عملا زاكيا ، وثوابا جزيلا ، ورحمة واسعة ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
وكتب عبيد الله بن أبي رافع في صفر سنة ست وثلاثين .
قال : ثم قام قيس بن سعد فخطب الناس ودعاهم إلى البيعة لعلي ، فقام الناس فبايعوه ، واستقامت له طاعة بلاد مصر سوى قرية منها يقال لها : خربتا . فيها أناس قد أعظموا قتل عثمان ، وكانوا سادة الناس ووجوههم ، وكانوا في نحو من عشرة آلاف - منهم بسر بن أبي أرطاة ، ومسلمة بن مخلد ، ومعاوية بن حديج ، وجماعة من الأكابر - وعليهم رجل يقال له : يزيد بن الحارث المدلجي . وبعثوا إلى قيس بن سعد فوادعهم ، وكذلك مسلمة بن مخلد الأنصاري تأخر عن البيعة فتركه قيس ووادعه .
مطالبة معاوية قيس بأخذ دم عثمان رضي الله عنهم
ثم كتب معاوية بن أبي سفيان بعد أن استوثق له أمر الشام بحذافيره إلى أقصى بلاد الروم والسواحل - وجزيرة قبرس أيضا تحت حكمه يأتيه حملها - وبعض بلاد الجزيرة ; كالرها وحران وقرقيسياء وغيرها ، وقد أتاه الذين هربوا يوم الجمل من العثمانية ، وقد أراد الأشتر انتزاع هذه البلاد من نواب معاوية ، فبعث إليه عبد الرحمن بن خالد بن الوليد ففر منه الأشتر وهرب ، واستقر أمر معاوية على تلك البلاد ، فلما استوسقت له البلاد كما ذكرنا ، كتب إلى قيس بن سعد يدعوه إلى القيام بطلب دم عثمان ، وأن يكون مؤازرا له على ما هو بصدده من القيام في ذلك ، ووعده أن يكون نائبه على العراقين إذا تم له الأمر ما دام سلطانا .
فلما بلغه الكتاب - وكان قيس رجلا حازما - لم يخالفه ولم يوافقه ، بل بعث يلاطف معه الأمر ; وذلك لبعده عن علي وقربه من بلاد الشام وما مع معاوية من الجنود ، فسالمه قيس وتاركه ولم يوافقه على ما دعاه إليه ، ولا خالفه عليه . فكتب معاوية إليه : إنه لا يسعك معي تسويفك بي ، وخديعتك لي ، ولا بد أن أعلم أنك سلم لي أو عدو - وكان معاوية حازما أيضا . فكتب إليه - قيس لما صمم عليه : إني مع علي ; إذ هو أحق بالأمر منك . فلما بلغ ذلك معاوية ، يئس منه ورجع عنه .
مطالبة علي بغزو أهل خربتا
ثم أشاع بعض أهل الشام أن قيسا يكاتبهم في الباطن ويمالئهم على أهل العراق . وروى ابن جرير أنه جاءهم من جهته كتاب مزور بمبايعة قيس معاوية . فالله أعلم بصحته .
فلما جاء الكتاب إلى علي اتهمه ، وكتب إليه أن يغزو أهل خربتا الذين تخلفوا عن البيعة ، فبعث يعتذر إليه بأنهم كثير عددهم ، وهم وجوه الناس ، وكتب إليه : إن كنت إنما أمرتني بهذا لتختبرني ; لأنك اتهمتني في طاعتك ، فابعث على عملك بمصر غيري . فبعث علي الأشتر النخعي ، فسار إليها فلما بلغ القلزم شرب شربة من عسل فكان فيها حتفه . فبلغ ذلك أهل الشام فقالوا : إن لله جندا من عسل .
تولية علي محمد بن أبي بكر على ديار مصر
فلما بلغ عليا مهلك الأشتر ، بعث محمد بن أبي بكر على إمرة مصر ، وقد قيل - وهو الأصح - : إنه إنما ولاه مصر بعد قيس بن سعد فارتحل قيس إلى المدينة ، ثم ركب هو وسهل بن حنيف إلى علي فاعتذر إليه قيس بن سعد فعذره علي ، وشهدا معه صفين ، كما سنذكره . فلم يزل محمد بن أبي بكر قائم الأمر مهنيا بالديار المصرية ، حتى كانت وقعة صفين ، وبلغ أهل مصر صبر معاوية ومن معه من أهل الشام في قتال أهل العراق ، وصاروا إلى التحكيم ، فعند ذلك طمع أهل مصر في محمد بن أبي بكر ، واجترءوا عليه وبارزوه بالعداوة ، فكان من أمره ما سنذكره .
ذكر قدوم عمرو بن العاص على معاوية ومتابعته له
قيل : كان عمرو بن العاص قد سار عن المدينة ، قبل أن يقتل عثمان ، نحو فلسطين .
وسبب ذلك أنه لما أحيط بعثمان قال : يا أهل المدينة لا يقيم أحد فيدركه قتل هذا الرجل إلا ضربه الله بذل ، من لم يستطع نصره فليهرب . فسار ، وقيل غير ذلك - وقد تقدم - ، وسار معه ابناه عبد الله ومحمد ، فسكن فلسطين ، فمر به راكب من المدينة ، فقال له عمرو : ما اسمك ؟ قال : حصيرة . قال عمرو : حصر الرجل ! فما الخبر ؟ قال : تركت عثمان محصورا . ثم مر به راكب آخر بعد أيام فقال له عمرو : ما اسمك ؟ قال : قتال . قال : قتل الرجل ! فما الخبر ؟ قال قتل عثمان ، ولم يكن شيء إلى أن سرت . ثم مر به راكب من المدينة ، فقال له عمرو : ما اسمك ؟ قال : حرب . قال عمرو : يكون حرب ، وقال له : ما الخبر ؟ فقال : بايع الناس عليا . فقال سلم بن زنباع : يا معشر العرب كان بينكم وبين العرب باب فكسر ، فاتخذوا بابا غيره . فقال عمرو : ذلك الذي نريده . ثم ارتحل عمرو راجلا معه ابناه يبكي كما تبكي المرأة وهو يقول : واعثماناه ! أنعي الحياء والدين ! حتى قدم دمشق ، وكان قد علم الذي يكون فعمل عليه ، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان قد بعثه إلى عمان ، فسمع من حبر هناك شيئا عرف مصداقه ، فسأله عن وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن يكون بعده ، فأخبره بأبي بكر وأن مدته قصيرة ، ثم يأتي بعده رجل من قومه مثله تطول مدته ، ويقتل غيلة ، ثم يلي بعده رجل من قومه تطول مدته ، ويقتل عن ملإ ، قال : ذلك أشد ، ثم يلي بعده رجل من قومه ينتشر الناس عليه ، ويكون على رأسه حرب شديدة ، ثم يقتل قبل أن يجتمع الناس عليه ، ثم يلي بعده أمير الأرض المقدسة ، فيطول ملكه ، وتجتمع عليه أهل تلك الفرقة ، ثم يموت .
وقيل : إن عمرا لما بلغه قتل عثمان قال : أنا أبو عبد الله ، أنا قتلته ، وأنا بوادي السباع ، إن يل هذا الأمر طلحة فهو فتى العرب سيبا ، وإن يله ابن أبي طالب فهو أكره من يليه إلي . فبلغه بيعة علي ، فاشتد عليه ، وأقام ينتظر ما يصنع الناس ، فأتاه مسير عائشة ، وطلحة ، والزبير ، فأقام ينتظر ما يصنعون ، فأتاه الخبر بوقعة الجمل ، فأرتج عليه أمره ، فسمع أن معاوية بالشام لا يبايع عليا ، وأنه يعظم شأن عثمان ، وكان معاوية أحب إليه من علي ، فدعا ابنيه عبد الله ومحمدا فاستشارهما وقال : ما تريان ؟ أما علي فلا خير عنده ، وهو يدل بسابقته ، وهو غير مشركي في شيء من أمره . فقال له ابنه عبد الله : توفي النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وعمر وهم عنك راضون ، فأرى أن تكف يدك وتجلس في بيتك حتى يجتمع الناس [ على إمام فتبايعه ] . وقال له ابنه محمد : أنت ناب من أنياب العرب ولا أرى أن [ يجتمع هذا الأمر ] وليس لك فيه صوت . فقال عمرو : أما أنت يا عبد الله فأمرتني بما هو خير لي في آخرتي وأسلم لي في ديني ، وأما أنت يا محمد فأمرتني بما هو خير لي في دنياي ، وشر لي في آخرتي . ثم خرج ومعه ابناه حتى قدم على معاوية .