ولنذكر الآن ما ورد فيهم من الأحاديث المرفوعة إلى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ،
الحديث الأول
الحديث الأول عن علي ، رضي الله عنه ، رواه عنه زيد بن وهب ، قال مسلم بن الحجاج في " صحيحه " : أنه كان في الجيش الذين كانوا مع علي ، رضي الله عنه ، الذين ساروا إلى الخوارج ، فقال علي ، رضي الله عنه : يا أيها الناس ، إني سمعت رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، يقول : . لو يعلم الجيش الذين يصيبونهم ما قضي لهم على لسان نبيهم ، صلى الله عليه وسلم ، لاتكلوا على العمل ، وآية ذلك أن فيهم رجلا له عضد ليس له ذراع ، على رأس عضده مثل حلمة الثدي ، عليه شعرات بيض ، يخرج قوم من أمتي يقرأون القرآن ، ليس قراءتكم إلى قراءتهم بشيء ، ولا صلاتكم إلى صلاتهم بشيء ، ولا صيامكم إلى صيامهم بشيء ، يقرأون القرآن يحسبون أنه لهم وهو عليهم ، لا تجاوز صلاتهم تراقيهم ، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية . فتذهبون إلى معاوية وأهل الشام وتتركون هؤلاء يخلفونكم في ذراريكم وأموالكم ، والله إني لأرجو أن يكونوا هؤلاء القوم ، فإنهم قد سفكوا الدم الحرام ، وأغاروا في سرح الناس ، فسيروا على اسم الله
قال سلمة : فنزلني زيد بن وهب منزلا منزلا ، حتى قال : مررنا على قنطرة . فلما التقينا ، وعلى الخوارج يومئذ عبد الله بن وهب الراسبي ، فقال لهم : ألقوا الرماح ، وسلوا سيوفكم من جفونها ، فإني أخاف أن يناشدوكم كما ناشدوكم يوم حروراء . فرجعوا فوحشوا برماحهم ، وسلوا السيوف ، فشجرهم الناس برماحهم . قال : وقتل بعضهم على بعض ، وما أصيب من الناس يومئذ إلا رجلان ، قال علي ، رضي الله عنه : التمسوا فيهم المخدج . فالتمسوه فلم يجدوه ، فقام علي ، رضي الله عنه ، بنفسه حتى أتى ناسا قد قتل بعضهم على بعض ، فقال : أخروهم . فوجدوه مما يلي الأرض ، فكبر ، قال : صدق الله ، وبلغ رسوله . قال : فقام إليه عبيدة السلماني فقال : يا أمير المؤمنين ، آلله الذي لا إله إلا هو ، لسمعت هذا من رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : إي والله الذي لا إله إلا هو ، فاستحلفه ثلاثا ، وهو يحلف له . هذا لفظ مسلم .
الحديث الثاني
الحديث الثاني عن ابن مسعود ، رضي الله عنه
عن عبد الله قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : يخرج قوم في آخر الزمان ، سفهاء الأحلام ، أحداث - أو قال : حدثاء - الأسنان ، يقولون من خير قول الناس ، يقرأون القرآن بألسنتهم ، لا يعدو تراقيهم ، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ، فمن أدركهم فليقتلهم ، فإن في قتلهم أجرا عظيما عند الله لمن قتلهم .
وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح .
ابن مسعود مات قبل ظهور الخوارج بنحو من خمس سنين ، فحديثه في ذلك من أقوى الاعتضاد .
الحديث الثالث
الحديث الثالث عن أنس بن مالك : قال أحمد : وقد حدثناه أبو المغيرة ، فقال : عن أنس ، عن أبي سعيد ، ثم رجع ، أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : " سيكون في أمتي اختلاف وفرقة ; قوم يحسنون القيل ويسيئون الفعل ، يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم ، وصيامه مع صيامهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ، لا يرجعون حتى يرتد السهم على فوقه ، هم شر الخلق والخليقة ، طوبى لمن قتلهم وقتلوه ، يدعون إلى كتاب الله وليسوا منه في شيء ، من قاتلهم كان أولى بالله منهم " . قالوا : يا رسول الله ، ما سيماهم ؟ قال : " التحليق "
الحديث الرابع
الحديث الرابع عن جابر بن عبد الله ، رضي الله عنه : قال الإمام أحمد : عن جابر بن عبد الله قال : كنت مع رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، عام الجعرانة وهو يقسم فضة في ثوب بلال للناس ، فقال رجل : يا رسول الله اعدل . فقال : " ويلك ، ومن يعدل إذا لم أعدل ؟ ! لقد خبت إن لم أكن أعدل " . فقال : عمر : يا رسول الله ، دعني أقتل هذا المنافق . فقال : " معاذ الله أن يتحدث الناس أني أقتل أصحابي ، إن هذا وأصحابه يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم ، أو تراقيهم ، يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية " .
الحديث الخامس
الحديث الخامس عن سعد بن مالك بن أهيب الزهري وهو سعد بن أبي وقاص ، رضي الله عنه ، قال : يعقوب بن سفيان : عن سعد بن أبي وقاص قال : . قال سفيان : فأخبرني عمار الدهني ، أنه جاء به رجل يقال له : الأشهب ، أو ابن الأشهب . ذكر رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، ذا الثدية فقال : شيطان الردهة ، كراعي الخيل يحتدره رجل من بجيلة ; يقال له : الأشهب أو ابن الأشهب ، علامة في قوم ظلمة
الحديث السادس
الحديث السادس عن أبي سعيد ; سعد بن مالك بن سنان الأنصاري ، رضي الله عنه ، وله طرق عنه :
منها : قال الإمام أحمد : عن أبي سعيد الخدري . تفرد به أحمد . أن أبا بكر جاء إلى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ، إني مررت بوادي كذا وكذا ، فإذا رجل متخشع حسن الهيئة يصلي . فقال له رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " اذهب إليه فاقتله " . قال : فذهب إليه أبو بكر فلما رآه على تلك الحالة كره أن يقتله ، فرجع إلى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فقال النبي ، صلى الله عليه وسلم ، لعمر : " اذهب فاقتله " . فذهب عمر فرآه على تلك الحال التي رآه أبو بكر ، فكره أن يقتله فرجع ، فقال : يا رسول الله إني رأيته يصلي متخشعا فكرهت أن أقتله . قال : " يا علي اذهب فاقتله " . فذهب علي فلم يره ، فرجع فقال : يا رسول الله إني لم أره ، فقال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " إن هذا وأصحابه يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ، ثم لا يعودون فيه حتى يعود السهم في فوقه ; فاقتلوهم هم شر البرية "
الحديث الثامن
الحديث الثامن عن سلمان الفارسي : عن حميد بن هلال قال : جاء رجل إلى قوم فقال : لمن هذه الخباء ؟ قالوا : لسلمان الفارسي . قال : أفلا تنطلقون معي فيحدثنا ونسمع منه ؟ فانطلق معه بعض القوم فقال : يا أبا عبد الله لو أدنيت خباءك إلينا وكنت منا قريبا فحدثتنا وسمعنا منك ؟ فقال : ومن أنت ؟ قال : فلان بن فلان . قال سلمان : قد بلغني عنك معروف ; بلغني أنك تخف في سبيل الله ، وتقاتل العدو ، وتخدم أصحاب رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فإن أخطأتك واحدة أن تكون من هؤلاء القوم الذين ذكرهم لنا رسول الله ، صلى الله عليه وسلم . قالوا : فوجد ذلك الرجل قتيلا في أصحاب النهروان .
الحديث التاسع
الحديث التاسع عن سهل بن حنيف الأنصاري : قال الإمام أحمد : عن يسير بن عمرو قال : دخلت على سهل بن حنيف ، فقلت : حدثني ما سمعت من رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قال في الحرورية . قال : أحدثك ما سمعت من النبي ، صلى الله عليه وسلم ، لا أزيدك عليه شيئا ، سمعت رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، يذكر قوما يخرجون من هاهنا - وأشار بيده نحو العراق - . قال : قلت : هل ذكر لهم علامة ؟ قال : هذا ما سمعت لا أزيدك عليه . يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية
الحديث الثاني عشر
الحديث الثاني عشر عن عبد الله بن عمر : قال الإمام أحمد : عن شهر بن حوشب قال : لما جاءتنا بيعة يزيد بن معاوية ، قدمت الشام فأخبرت بمقام يقومه نوف البكالي ، فجئته فجاء رجل فانتبذ عن الناس عليه خميصة ، فإذا هو عبد الله بن عمرو بن العاص ، فلما رآه نوف أمسك عن الحديث ، فقال عبد الله : سمعت رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، يقول : " " . قال وسمعت رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، يقول : " إنها ستكون هجرة بعد هجرة ، ينحاز الناس إلى مهاجر إبراهيم ، لا يبقى في الأرض إلا شرار أهلها ، تلفظهم أرضهم ، تقذرهم نفس الرحمن ، تحشرهم النار مع القردة والخنازير ، تبيت معهم إذا باتوا ، وتقيل معهم إذا قالوا ، وتأكل من تخلف " . سيخرج ناس من أمتي من قبل المشرق ، يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، كلما خرج منهم قرن قطع ، كلما خرج منهم قرن قطع ، - حتى عدها زيادة على عشر مرات - كلما خرج منهم قرن قطع ، حتى يخرج الدجال في بقيتهم
الحديث الرابع عشر
الحديث الرابع عشر عن أم المؤمنين عائشة : عن حبيب بن سلمة قال : قال لي علي : لقد علمت عائشة أن جيش المروة وأهل النهروان ملعونون على لسان محمد ، صلى الله عليه وسلم . قال ابن عياش : جيش المروة قتلة عثمان ، رضي الله عنه .
وعن مسروق ، عن عائشة قالت : ذكر رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، الخوارج فقال : شرار أمتي يقتلهم خيار أمتي .
وعن عامر الشعبي ، عن مسروق قال : قالت عائشة : عندك علم من ذي الثدية الذي أصابه علي في الحرورية ؟ قلت : لا . قالت : فاكتب لي بشهادة من شهدهم . فرجعت إلى الكوفة - وبها يومئذ أسباع - فكتبت شهادة عشرة من كل سبع ، ثم أتيتها بشهادتهم فقرأتها عليها ، قالت : أكل هؤلاء عاينوه ؟ قلت : لقد سألتهم فأخبروني بأن كلهم قد عاينه . فقالت : لعن الله فلانا ; فإنه كتب إلي أنه أصابهم بنيل مصر . ثم أرخت عينيها فبكت فلما سكنت عبرتها قالت : رحم الله عليا ! لقد كان على الحق ، وما كان بيني وبينه إلا كما يكون بين المرأة وأحمائها .
حديث آخر عن رجلين مبهمين من الصحابة : قال الهيثم بن عدي في " كتاب الخوارج " ، عن حميد بن هلال قال : أقبل رجلان من أهل الحجاز حتى قدما العراق فقيل لهما : ما أقدمكما العراق ؟ قالا : رجونا أن ندرك هؤلاء القوم الذين ذكرهم لنا رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فوجدنا علي بن أبي طالب قد سبقنا إليهم ; يعنيان أهل النهروان .
حديث آخر في مدح علي ، رضي الله عنه على قتاله الخوارج
قال الإمام أحمد : عن إسماعيل بن رجاء بن ربيعة الزبيدي ، عن أبيه قال سمعت أبا سعيد يقول : " كنا جلوسا ننتظر رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فخرج علينا من بيوت بعض نسائه ، قال : فقمنا معه ، فانقطعت نعله فتخلف عليها علي يخصفها ، فمضى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، ومضينا معه ، ثم قام ينتظره وقمنا معه ، فقال : " إن منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله " . فاستشرفنا لها وفينا أبو بكر ، وعمر فقال : " لا ، ولكنه خاصف النعل " . قال : فجئنا نبشره ، قال : فكأنه قد سمعه .
وعن علي قال : أمرت بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين .