استهلت سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة يوم الأحد في كانون الأصم ، والحكام هم المذكورون في التي قبلها ، غير أن والي البر بدمشق هو الأمير علاء الدين علي بن الحسن المرواني ، باشرها في صفر من السنة الماضية . باشر ولاية دمشق الأمير شهاب الدين بن برق عوضا عن صارم الدين الجوكندار وفي صفر من هذه السنة باشر ولاية دمشق الأمير شهاب الدين بن برق ، عوضا عن صارم الدين الجوكندار .
وفي صفر عوفي القاضي كريم الدين - وكيل السلطان - من مرض كان قد أصابه ، فزينت القاهرة ، وأشعلت الشموع ، وجمع الفقراء بالمارستان المنصوري ليأخذوا من صدقته ، فمات بعضهم من الزحام .
وفي سلخ ربيع الأول درس الإمام العلامة المحدث تقي الدين السبكي الشافعي بالمنصورية بالقاهرة ، عوضا عن القاضي جمال الدين الزرعي ، بمقتضى انتقاله إلى دمشق ، وحضر عنده علاء الدين شيخ الشيوخ القونوي الشافعي ، ودرس بعده بجامع الحاكم شمس الدين محمد بن أحمد بن عدلان بالعزية ، وكانت ولاية القاضي جمال الدين الزرعي لقضاء الشام عوضا عن النجم ابن صصرى في يوم الجمعة رابع عشرين ربيع الأول ، وخلع عليه بمصر ، وكان قدومه إلى دمشق آخر نهار الأربعاء رابع جمادى الأولى ، فنزل العادلية ، وقد قدم على القضاء ، ومشيخة الشيوخ ، وقضاء العساكر ، وتدريس العادلية ، والغزالية ، والأتابكية .
القبض على القاضي كريم الدين عبد الكريم وفي ربيع الآخر مسك القاضي كريم الدين عبد الكريم بن هبة الله بن السديد ، وكيل السلطان ، وكان قد بلغ من المنزلة والمكانة عند السلطان ما لم يصل إليه غيره من الوزراء الكبار ، واحتيط على أمواله وحواصله ، ورسم عليه عند نائب السلطنة ، ثم رسم له أن يكون بتربته التي بالقرافة ، ثم نفي إلى الشوبك ، وأنعم عليه بشيء من المال ، ثم أذن له بالإقامة بالقدس الشريف برباطه . ومسك ابن أخيه كريم الدين الصغير ناظر الدواوين ، وأخذت أمواله ، وحبس في برج ، وفرح العامة بذلك ، ودعوا للسلطان بسبب مسكهما ، ثم أخرج إلى صفد .
وطلب من القدس أمين الملك عبد الله ، فولي الوزارة بمصر ، وخلع عليه عودا على بدء ، وفرح العامة بذلك ، وأشعلوا له الشموع ، وطلب الصاحب شمس الدين غبريال من دمشق ، فركب ومعه أموال كثيرة ، ثم خول أموال كريم الدين الكبير ، وعاد إلى دمشق مكرما ، وقدم القاضي معين الدين بن الحشيش على نظر الجيوش الشامية ، عوضا عن القطب ابن شيخ السلامية ، عزل عنها ، ورسم عليه في العذراوية نحوا من عشرين يوما ، ثم أذن له في الانصراف إلى منزله مصروفا عنها .
عزل طرقشي عن شد الدواوين وفي جمادى الأولى عزل طرقشي عن شد الدواوين ، وتولاها الأمير بكتمر والي الولاة . وفي ثاني جمادى الآخرة باشر القاضي ابن جهبل نيابة الحكم عن الزرعي ، وكان قد باشر قبلها بأيام نظر الأيتام عوضا عن ابن هلال . وفي شعبان أعيد طرقشي إلى الشد ، وسافر بكتمر إلى نيابة الإسكندرية ، فكان بها إلى أن توفي .
وفي رمضان قدم جماعة من حجاج الشرق وفيهم بنت الملك أبغا بن هولاكو ، وأخت أرغون ، وعمة قازان وخربندا ، فأكرمت ، وأنزلت بالقصر الأبلق ، وأجريت عليها الإقامات والنفقات إلى أوان الحج .
وخرج الركب يوم الاثنين ثامن شوال ، وأميره قطليجا الأبو بكري الذي بالقصاعين ، وقاضي الركب شمس الدين قاضي القضاة ابن مسلم الحنبلي ، وحج معهم جمال الدين المزي ، وعماد الدين بن الشيرجي ، وفوض الكلام في ذلك إلى شرف الدين بن سعد بن نجيح ، كذا أخبرني به شهاب الدين الظاهري . ومن المصريين قاضي القضاة بدر الدين بن جماعة ، وولده عز الدين وفخر الدين كاتب المماليك ، وشمس الدين الحارثي ، وشهاب الدين الأذرعي ، وعلاء الدين الفارسي .
وفي شوال باشر تقي الدين السبكي مشيخة دار الحديث الظاهرية بالقاهرة بعد وفاة زكي الدين المنادي ، ويقال له : عبد العظيم بن الحافظ شرف الدين الدمياطي . ثم انتزعت من السبكي لفتح الدين بن سيد الناس اليعمري ، باشرها في ذي القعدة .
وفي يوم الخميس مستهل ذي الحجة خلع على قطب الدين ابن شيخ السلامية ، وأعيد إلى نظر الجيش مصاحبا لمعين الدين بن الحشيش ، ثم بعد مديدة استقل قطب الدين بالنظر وحده ، وعزل ابن حشيش .