الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            وفي سنة تسع وأربعين وقع الطاعون بالكوفة ، فخرج منها المغيرة فارا ، فلما ارتفع الطاعون رجع إليها ، فأصابه الطاعون فمات ، والصحيح أنه مات سنة خمسين. فجمع معاوية لزياد الكوفة إلى البصرة ، فكان أول من جمع له بينهما ، فكان زياد يقيم في هذه ستة أشهر ، وفي هذه ستة أشهر ، وكان يستخلف على البصرة سمرة بن جندب فلما وصل الكوفة خطبهم فحصب وهو على المنبر ، فجلس حتى أمسكوا ثم دعا قوما من خاصته فأمرهم فأخذوا أبواب المسجد ثم قال :

            ليأخذ كل رجل منكم جليسه ولا يقولن لا أدري من جليسي ، ثم أمر بكرسي فوضع له على باب المسجد ، فدعاهم أربعة أربعة يحلفون : ما منا من حصبك :

            فمن حلف خلاه ومن لم يحلف حبسه ، حتى صاروا إلى ثلاثين . وقيل : ثمانين ، فقطع أيديهم على المكان . واتخذ مقصورة . كان أول قتيل قتله زياد بالكوفة أوفى بن حصن ، وكان بلغه عنه شيء ، فطلبه فهرب ، فعرض الناس [ زياد ] ، فمر به فقال : من هذا ؟ قال : أوفى بن حصن . فقال زياد : أتتك بحائن رجلاه :

            وقال له : ما رأيك في عثمان ؟ قال : ختن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ابنتيه . قال : فما تقول في معاوية ؟ قال :

            جواد حليم . قال : فما تقول في ؟ قال : بلغني أنك قلت بالبصرة والله لآخذن البريء بالسقيم ، والمقبل بالمدبر . قال : قد قلت ذاك . قال : خبطتها عشواء ! فقال زياد : ليس النفاخ بشر الزمرة ! فقتله .

            ولما قدم زياد الكوفة قال له عمارة بن عقبة بن أبي معيط : إن عمرو بن الحمق يجمع إليه شيعة أبي تراب . فأرسل إليه زياد : ما هذه الجماعات عندك ؟ من أردت كلامه ففي المسجد . وقيل : الذي سعى بعمرو يزيد بن رويم :

            فقال له زياد : قد أشطت بدمه ، ولو علمت أن مخ ساقه قد سال من بغضي ما هجته حتى يخرج علي . فاتخذ زياد المقصورة حين حصب .

            فلما استخلف زياد سمرة على البصرة أكثر القتل فيها ، فقال ابن سيرين : قتل سمرة في غيبة زياد هذه ثمانية آلاف . فقال له زياد : أتخاف أن تكون قتلت بريئا ؟ فقال : لو قتلت معهم مثلهم ما خشيت . وقال أبو السوار العدوي : قتل سمرة من قومي في غداة واحدة سبعة وأربعين كلهم قد جمع القرآن .

            وركب سمرة يوما فلقي أوائل خيله رجلا فقتلوه ، فمر به سمرة وهو يتشحط في دمه فقال : ما هذا ؟ فقيل أصابه أوائل خيلك . فقال : إذا سمعتم بنا قد ركبنا فاتقوا أسنتنا .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية