الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            من توفي في هذه السنة من الأكابر

            خالد بن يزيد بن كليب بن ثعلبة أبو أيوب الأنصاري خالد بن يزيد بن كليب بن ثعلبة ، أبو أيوب الأنصاري ، الخزرجي :

            حضر العقبة ، ونزل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة ، وشهد المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحضر مع علي بن أبي طالب حرب الخوارج بالنهروان ، وورد المدائن في صحبته .

            عن أفلح مولى أبي أيوب ، عن أبي أيوب . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل عليه ، فنزل النبي صلى الله عليه وسلم أسفل الدار وأبو أيوب في العلو ، فانتبه أبو أيوب ذات ليلة فقال : يمسي فوق رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فباتوا في جانب فلما أصبح ذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "أسفل أرفق بي " ، فقال أبو أيوب : لا أعلو سقيفة أنت تحتها ، فتحول أبو أيوب في السفل والنبي صلى الله عليه وسلم في العلو . وعن ابن عباس :

            أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خرج من خيبر ومعه صفية دخل الفسطاط معه السيف واضعا رأسه على الفسطاط ، فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع الحركة ، فقال : "من هذا ؟ " فقال : أنا أبو أيوب ، فقال : ما شأنك ؟ فقال : يا رسول الله ، جارية شابة حديثة عهد بعرس وقد صنعت بزوجها ما صنعت فلم آمنها ، قلت إن تحركت أكون قريبا منك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "يا أبا أيوب " ، مرتين
            . وعن رجل من أهل مكة ، أن يزيد بن معاوية كان أميرا على الجيش الذي غزا فيه أبو أيوب ، فدخل عليه عند الموت ، فقال له : إذا أنا مت فاقرءوا على الناس مني السلام ، وأخبروهم إني سمعت رسول صلى الله عليه وسلم يقول : " من مات لا يشرك بالله شيئا جعله الله في الجنة " . ولينطلقوا بي فيبعدوا بي في أرض الروم ما استطاعوا . قال : فحدث الناس لما مات أبو أيوب ، فاستلأم الناس وانطلقوا بجنازته .

            وعن أبي ظبيان قال : غزا أبو أيوب مع يزيد بن معاوية . قال : فقال : إذا مت فأدخلوني في أرض العدو ، فادفنوني تحت أقدامكم حيث تلقون العدو . قال : ثم قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة " . وعن الأعمش ، سمعت أبا ظبيان ، فذكره ، وقال فيه : وسأحدثكم حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لولا حالي هذا ما حدثتكموه ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة " .

            وعن أبي أيوب الأنصاري ، أنه قال حين حضرته الوفاة : قد كنت كتمت عنكم شيئا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : " لولا أنكم تذنبون لخلق الله قوما يذنبون فيغفر لهم " . وعندي أن هذا الحديث والذي قبله هو الذي حمل يزيد بن معاوية على طرف من الأرجاء ، وركب بسببه أفعالا كثيرة أنكرت عليه والله تعالى أعلم .

            وقال الواقدي : مات أبو أيوب بأرض الروم سنة ثنتين وخمسين ، ودفن عند القسطنطينية وقبره هنالك يستسقي به الروم إذا قحطوا . وقيل : إنه مدفون في حائط القسطنطينية ، وعلى قبره مزار ومسجد ، وهم يعظمونه . وقال أبو زرعة الدمشقي : توفي سنة خمس وخمسين . والأول أثبت ، والله أعلم .

            وعن الوليد قال : حدثني شيخ من أهل فلسطين :

            أنه رأى بنية بيضاء دون حائط القسطنطينية ، فقالوا : هذا قبر أبي أيوب الأنصاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأتيت تلك البنية ، فرأيت قبره في تلك البنية وعليه قنديل معلق بسلسلة . وعن أبي أيوب الأنصاري ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الرجلين ليتوجهان إلى المسجد فيصليان ، فينصرف أحدهما وصلاته أوزن من أحد وينصرف الآخر وما تعدل صلاته مثقال ذرة " . فقال أبو حميد الساعدي : وكيف يكون ذلك يا رسول الله ؟ قال : " إذا كان أحسنهما عقلا " . قال : وكيف يكون ذلك ؟ قال : " إذا كان أورعهما عن محارم الله وأحرصهما على المسارعة إلى الخير ، وإن كان دونه في التطوع " .

            وعن أبي أيوب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل سأله أن يعلمه ويوجز ، فقال له : " إذا صليت صلاة فصل صلاة مودع ، ولا تكلمن بكلام تعتذر منه ، وأجمع اليأس مما في أيدي الناس " . عبد الله بن قيس بن سليم ، أبو موسى الأشعري هو أبي موسى عبد الله بن قيس بن سليم بن حضار بن حرب بن عامر بن عنز بن بكر بن عامر بن عذر بن وائل بن ناجية بن جماهر بن الأشعر الأشعري اليماني

            أمه ظبية بنت وهب بن عك ، أسلمت وماتت بالمدينة .

            وكان خفيف الجسم قصيرا أثط ، قدم مكة (فحالف سعيد بن العاص فأسلم بمكة وهاجر إلى أرض الحبشة ، ثم قدم مع أهل السفينتين ورسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر .

            ذكره الواقدي ، ولم يذكره ابن عبيد وابن إسحاق وأبو معشر فيمن هاجر إلى الحبشة .

            وقال أبو بكر بن عبد الله بن جهم : ليس أبو موسى من مهاجرة الحبشة ، وليس له حلف في قريش ، وكان قد أسلم بمكة قديما ثم رجع إلى بلاد قومه ، فلم يزل بها حتى قدم هو وناس من الأشعريين على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فوافق قدومهم قدوم أهل السفينتين جعفر وأصحابه من أرض الحبشة ، ووافق رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر ، ولما دنا أبو موسى وأصحابه من المدينة جعلوا يرتجزون ويقولون :


            غدا نلقى الأحبه محمدا وحزبه



            وعن أبي هريرة قال : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، المسجد ، فسمع قراءة رجل ، فقال : "من هذا ؟ " . قيل عبد الله بن قيس ، فقال : "لقد أوتي هذا مزمارا من مزامير آل داود " وعن أنس ، قال :

            كان أبو موسى إذا نام يلبس ثيابا عند النوم مخافة أن تنكشف عورته .

            وعن ابن سيرين ، قال : قال أبو موسى : إني لأغتسل في البيت الخالي فيمنعني الحياء من ربي أن أقيم صلبي .

            وقد استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم مع معاذ على اليمن ، واستنابه عمر على البصرة ، وفتح تستر وشهد خطبة عمر بالجابية ، وولاه عثمان الكوفة وكان أحد الحكمين بين علي ومعاوية ، فلما اجتمعا خدع عمرو أبا موسى .

            وكان من قراء الصحابة وفقهائهم ، وكان أحسن الصحابة صوتا في زمانه . قال أبو عثمان النهدي : ما سمعت صوت صنج ولا بربط ولا مزمار أطيب من صوت أبي موسى . وثبت في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لقد أوتي هذا مزمارا من مزامير آل داود " . وكان عمر يقول له : ذكرنا ربنا يا أبا موسى . فيقرأ وهم يسمعون . وقال الشعبي : كتب عمر في وصيته أن لا يقر لي عامل أكثر من سنة إلا أبا موسى ، فليقر أربع سنين .

            وذكر ابن الجوزي في " المنتظم " أنه توفي في هذه السنة ، وهو قول بعضهم . وقيل : إنه توفي قبلها بسنة . وقيل : في سنة ثنتين وأربعين . وقيل غير ذلك . والله أعلم . وكانت وفاته بمكة لما اعتزل الناس بعد التحكيم ، وقيل : بمكان يقال له : الثوية . على ميلين من الكوفة . وكان قصيرا نحيف الجسم ، أثط ، أي لا لحية له ، رضي الله عنه . عبد الله بن مغفل عبد الله بن مغفل ، أبو سعيد :

            وكان من البكاءين ، ومن الذين بعثهم عمر إلى البصرة يفقهونهم .

            عن خزاعي بن زياد ، قال :

            أري عبد الله بن مغفل أن الساعة قد قامت والناس يعرضون على مكان ، قال : قد علمت أنه من جاز ذلك المكان نجا ، فذهبت أدنو منه ، فقال : وراءك ، أتريد أن تنجو وعندك ما عندك ، كلا والله ، قال : فاستيقظت من الفزع ، فأيقظ أهله وعنده في تلك الساعة عيبة مملوءة دنانير ، فقال : يا فلانة ، أرني تلك العيبة قبحها الله وقبح ما فيها [فما أصبح حتى قسمها ] فلم يدع منها دينارا .

            فلما كان المرض الذي مات فيه أوصى أهله ، قال : لا يليني إلا أصحابي ، ولا يصلي علي ابن زياد ، فلما مات أرسلوا إلى أبي برزة وعائذ بن عمرو ، ونفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فولوا غسله وتكفينه ، فلما أخرجوه إذا بابن زياد في موكبه بالباب ، فقيل له : إنه قد أوصى أن لا تصلي عليه ، فسار معه حتى بلغ حذاء البيضاء ، فمال إلى البيضاء وتركه .

            توفي عبد الله بالبصرة .

            عمران بن حصين بن عبيد بن خلف عمران بن حصين بن عبيد بن خلف بن عبد نهم ، أبو نجيد :

            أسلم قديما ، وغزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوات ، ولم يزل في بلاد قومه ثم تحول إلى البصرة ، فنزلها إلى أن مات بها .

            وعن محمد بن سيرين ، قال :

            ما قدم من البصرة أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يفضل على عمران بن حصين .

            قال ابن سعد : وعن مطرف ، قال :

            قال لي عمران بن حصين : أشعرت أنه كان يسلم علي فلما اكتويت انقطع التسليم ، فقلت : أمن قبل رأسك كان يأتيك التسليم أم من قبل رجليك ؟ قال : لا بل من قبل رأسي ، فقلت : لا أرى أن تموت حتى يعود ذلك .

            فلما كان بعد قال لي : أشعرت أن التسليم عاد لي . قال : ثم لم يلبث إلا يسيرا حتى مات .

            قال : وقلت لعمران : ما يمنعني من عيادتك إلا ما أرى من حالك ، قال : لا تفعل ، فإن أحبه إلي أحبه إلى الله عز وجل .

            معاوية بن حديج معاوية بن حديج بن جفنة ، أبو نعيم :

            وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وشهد فتح مصر ، وكان الوافد إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه بفتح الإسكندرية ، وكان أعور ، ذهبت عينه في حرب النوبة مع عبد الله بن سعد بن أبي سرح سنة إحدى وثلاثين ، وولي الإمرة على غزو المغرب سنة أربع وثلاثين ، وسنة أربعين وسنة خمسين .

            روى عنه علي بن رباح ، وعبد الرحمن بن سماعة ، وسويد بن قيس ، وغيرهم .

            توفي في هذه السنة .

            هانئ بن نيار بن عمرو بن عبيد هانئ بن نيار بن عمرو بن عبيد ، أبو بردة :

            وهو خال البراء بن عازب ، شهد العقبة مع السبعين وبدرا والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانت معه راية بني حارثة في غزوة الفتح .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية